فصل الخاء من باب الراء
  والخَدَرُ: المَكَانُ المُظْلِمُ الغَامِضُ. قال هُدْبَةُ:
  إِني إِذا اسْتَخْفَى الجَبَانُ بالخَدَرْ
  ومن المَجَازِ: الخَدَر: اشْتِدَادُ الحَرِّ. خَدِرَ النَّهَارُ خَدَراً فهو خَدِرٌ: اشْتَدَّ حَرُّه. قال اللَّيْث: يَوْمٌ خَدِرٌ: شَدِيدُ الحَرِّ.
  وأَنْشَد لطَرفَة:
  ومَجُودٍ زَعِلٍ ظِلْمَانُه ... كالمَخَاضِ الجُرْبِ في اليَوْمِ الخَدِرْ(١)
  والخَدَر أَيضاً: اشْتِدادُ البَرْدِ. ويَومٌ خَدِرٌ: بَارِدٌ نَدٍ.
  ولَيلَةٌ خَدِرَةٌ: قال ابنُ بَرِّيّ: لم يَذْكُر الجَوْهَرِيّ شاهِداً على ذلِك. قال: وفي الحاشِيَة شاهِدٌ عَلَيْه وَهُوَ:
  كالمَخَاضِ الجُرْبِ في اليَوْمِ الخَدِرْ
  أَي اليوم النَّدِيّ البارِد، لأَنَّ الجَرْبَى يَجْتَمِع فيه بَعْضُها مع بَعْض. وقال الأَزْهَرِيّ: أَرادَ باليَوْم الخَدِرِ: المَطِيرَ ذَا الغَيْم. قال ابنُ السِّكِّيت: وإِنَّمَا خَصَّ اليَوْمَ المَطِيرَ بالمَخَاضِ الجُرْبِ، لأَنَّها إِذا جَرِبَت(٢) تَوسَّفَت أَوْبارُها، فالبَرْدُ إِلَيْهَا أَسْرَع، والّذي يقول بالقَوْلِ الأَوّلِ يَقُولُ فالحَرُّ إِليها أَيضاً أَسْرَعُ، لأَنَّ جِلْدَها السالِمَ يَقِيها كِلَيْهِمَا.
  والخُدَارِيَّةُ، بالضَّمّ: العُقَابُ لشِدَّة سَوَادِها. قالَه ابْنُ بَرِّيّ. قال ذُو الرُّمَّة:
  ولم يَلْفِظِ الغَرْثَى الخُدارِيَّةَ الوَكْرُ(٣)
  قال شَمِرٌ: يعني الوَكْر لم يَلْفِظ العُقَابَ، جَعلَ خُرُوجَها من الوَكْر لَفْظاً، مثْلَ خُروجِ الكَلَامِ من الفَمِ. يقول: بَكَرَت هذه(٤) المرأَةُ قبلَ أَنْ تَطِيرَ العُقَابُ من وَكْرِهَا. وقوله:
  كأَنَّ عُقاباً خُدارِيَّةً ... تُنَشِّر في الجَوِّ منها جَنَاحَا
  فَسَّره ثَعْلَب فقال: تَكُونُ العُقابُ الطَّائرةَ وتَكُونُ الرَّايَةَ، لأَنَّ الرَّايَةَ يقال لها عُقَابٌ، وتَكُون أَبْراداً، أَي أَنَّهُم يَبْسُطون أَبْرَادَهُم فَوْقَهُم.
  والخُدْرَةُ بالضَّمِّ: الظُّلْمَةُ. وقيل: الظُّلمَة الشَّدِيدَةُ. ومن ذلك، لَيْلٌ أَخْدَرُ وخَدِرٌ(٥) وقال بعضُهم: اللَّيْلُ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ: سُدْفَةٌ، وسُتْفَةٌ وهَجْمَةٌ، ويَعْفُورٌ، وخُدْرَةٌ. فالخُدْرَة على هذا آخِرُ اللَّيْلِ. ونَقَلَ السُّهَيْليّ في الرَّوْض عن كُراع أَنّ الَّذِي قَبْل الخُدْرَةِ يُقَالُ لَه الهَزِيعُ.
  والخُدْرَةُ: اسمُ أَتَان م، أَي مَعْرُوف، معروفَةٌ قديماً، ويَجُوز أَن يكون الأَخْدَرِيّ مَنْسُوباً إِلَيْهَا، قاله الأَزْهَرِيّ.
  وخُدْرَةُ، بِلَا لَام: حَيٌّ مِنَ الأَنْصَارِ، وهو لَقَبُ الأَبْجرِ بنِ عَوْفِ بن الحَارِث بْنِ الخَزْرَج. وقيل: خُدْرَةُ أُمُّ الأَبْجر، والأَوَّلُ أَصَحُّ. قال شيخُنَا: وبه جَزَم الأَكْثَر من أَئِمَّة النَّسَب ولم يُعَرِّجُوا على الثّانِي. وأَغْفَل المُصَنِّف الأَبْجَرَ في بجر، وصَرَّح به أَربابُ الأَنساب قَاطِبةً، وقد أَشَرْنا إِليه هُناك. منهم أَبُو سَعِيد سَعْدُ بْنُ مالِك الخُدْرِيّ من مَشَاهِيرِ الصَّحابة، رَوَى عنه جُمْلَة من الصَّحَابَةِ والتَّابِعِين وكان من نُجَبَاءِ الأَنْصَار وعُلمائِهم تُوفِّيَ سنة ٧٤.
  وخُدْرَةُ بْنُ كَاهِل في بَلِيٍّ، هو ابنُ كَاهِلِ بْنِ رُشْد بن أَفْرَكَ بنِ هَرِمِ بن هُنَيّ بن بَلِيّ، قاله ابنُ مَاكُولا، ونَقَلَه عنه ابنُ السّمْعَانِيّ في الأَنْسَاب، وذكَره أَبو القَاسِم الوَزير أَيضاً في الإِيناس.
  وحَبِيبُ بْنُ خُدْرَةَ، تَابعِيٌّ مُحَدِّثٌ، رَوَى عنه أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيّاش.
  والخِدْرَةُ بالكَسْرِ لَقَبُ عَمْرِو بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وهو بَطْنٌ، ذَكَره ابنُ حَبِيب وغَيْرُه.
  وخَدْرَةُ، بالفَتْحِ: مُحَدِّثَةٌ، وهي مَوْلَاةُ عَبِيدَةَ، حَدَّثَت عن زَيْدٍ العَبْديّ، وعنها المُخْتَارُ بنُ قَيْس، والصواب بالحاءِ المُهْمَلَة، قاله الحافِظُ.
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومجود، كذا بخطه، وأنشد في اللسان: وبلاد زعل الخ وليحرر» وفي التهذيب: ومكانٍ زعلٍ.
والظلمان: ذكور النعام، والزعل: النشيط والمرح. والمخاض: الحوامل؛ شبَه النعام بالمخاض الجرب، لأَن الجرب تطلى بالقطران ويصير لونها كلون النعام.
(٢) عبارة التهذيب: «لأنها إذا جربت آذاها الندى والبرد فلم تقر في مكان، ولم تسكن، وذلك أن الإبل إذا جربت توسفت» والعبارة سقطت من اللسان.
(٣) ديوانه ص ٢١٥ قصيدة رقم ٢٩ وصدره:
تروحن فاعصو صبن حتى وردنه
(٤) في التكملة: وقول الجوهري في تفسير قول ذي الرمة ... يقول: «بكرت هذه المرأة» وهو غلط، وإنما أراد: بكرت هذه الإِبل.
(٥) زيد في اللسان: وخَدُرٌ وخُداريُّ: مظلم.