تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ومأ]:

صفحة 281 - الجزء 1

  والتُّكَأَةُ، كهُمَزَةٍ: العَصَا يُتَّكَأُ عليها في المَشْيِ، وفي الصحاح: مَا يُتَّكَأُ عَلَيْهِ ولو غيرُ عَصاً، كَسَيْفٍ أَو قَوْسٍ، يقال: هو يَتَوَكَّأُ على عصاه وَيَتَّكِئُ.

  وعن أَبي زيدٍ: أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتكاءً، إِذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئَ. وفي الحديث «هذا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ» يُريدُ الجالِسَ المُتمكِّنَ⁣(⁣١) في جُلُوسه، وفي الحديث «التُّكَأَةُ مِن النَّعْمَة» والتُّكَأَة، كهمزة أَيضاً: الرَّجُلُ الكَثِيرُ الاتِّكَاءِ والتاءُ بدَلٌ من الواو، وبابها هذا الباب، كما قالوا: تُرَاثٌ وأَصلُه وُرَاث.

  وَأَوْكَأَهُ إِيكاءً: نَصَبَ له مُتَّكَأً وأَتْكَأَه: إِذا حَمَلَه على الاتِّكاءِ وقُرِئَ {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}⁣(⁣٢) قال الزجَّاج: هو ما يُتَّكَأُ عليه لِطَعام أَو شَرابٍ أَو حَدِيثٍ. وقال المفسِّرون: أَي طَعَاماً، وهو مَجازٌ، ومنه اتَّكَأْنَا عِندٍ زيد، أَي طَعِمنا، وقال الأَخفش: مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِس.

  وفي الأَساس: ومن المجاز ضَرَبَهُ فَأَتْكَأَهُ وطَعَنَه فأَتْكَأَه كَأَخْرَجَهُ على أَفْعَلَه أَي أَلْقَاهُ عَلَى هَيْئَةِ المُتَّكِئِ⁣(⁣٣) أَو أَتْكَأَه: أَلْقَاه على جَانِبهِ الأَيْسَرِ.

  وأَتْكأَ: جَعَلَ له مُتَّكَأً، وإِنما قيل للطعام مُتَّكَأٌ، لأَن القومَ إِذا قَعَدوا على الطَّعام اتكَئُوا، وقد نُهِيَت هذه الأُمَّةُ عن ذلك ومن ذلك قَوْلُه ÷ «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ» وفي حديث آخرَ: «أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتَّكِئاً» أَي جالِساً عَلَى هَيْئَة المُتَمَكِّنِ المُتَرَبِّعِ ونَحْوِها مِنَ الهَيْئاتِ المُسْتَدْعِيَةِ لِكَثْرَةِ الأَكْلِ لأَنّ المُتَّكِئَ في العربية كُلُّ مَن استَوَى قاعداً على وِطَاءٍ مُتَمَكِّناً بَلْ معنى الحديث كما قال ابنُ الأَثير كان جُلُوسُهُ لِلْأَكْل مُقْعِياً مُسْتَوْفِزاً للقيامِ غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ ولا مُتَمَكِّنٍ، كمَنْ يُريد الاستكثارَ منه⁣(⁣٤) وليس المُرادُ منه أَي في الحديث المَيْلَ إِلى شِقٍّ مُعْتَمِداً عليه كَمَا يَظُنُّهُ عَوَامُّ الطَّلَبَةِ ومن حمل الاتكاءَ على الميل إِلى أَحد الشقّيْنِ⁣(⁣٥) تأَوَّلَه على مذهبِ الطِّبِّ، فإِنه لا يَنحدِرُ في مَجارِي الطَّعامِ سَهْلاً، ولا يُسِيغُه هَنِيئاً، وربَّما تأَذَّى به.

  * ومما يستدرك عليه:

  واكَأَ مُواكَأَةً وَوِكَاءً إِذا تَحَامَلَ على يَدَيْهِ ورَفَعهما ومَدَّهُما في الدُّعَاءِ. ورَجُلٌ تُكَأَةٌ، كَهُمَزَةٍ: ثَقِيلٌ.

  [ومأ]: وَمَأَ إِلَيْهِ، كَوَضَعَ يَمَأُ وَمْأً: أَشَارَ كَأَوْمَأَ. ووَمَّأَ الأَخيرة عن الفَرَّاءِ، أَنشد القَنَانِيُّ:

  فَقُلْنا السَّلَامُ فَاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرِهَا ... فَمَا كَانَ إِلَّا وَمْؤُهَا بِالْحَوَاجِبِ

  قال الليثُ: الإِيماءُ: أَن تُومِئَ بِرأْسِكَ أَو بِيَدِك كما يُومِئُ المَرِيضُ بِرأْسِه للرُّكُوعِ والسُّجودِ، وقد تقول العرب: أَوْمَأَ بِرأْسِه أَي قال: لا، قال ذُو الرُّمَّة:

  قِيَاماً تَذُبُّ البَقَّ⁣(⁣٦) عَنْ نُخَرَاتِهَا ... بِنَهْزٍ كَإِيمَاءِ الرءُوسِ الْمَوَانعِ

  وأَنشد الأَخْفَشُ في كِتابه الموسوم بالقوافي:

  إِذَا قَلَّ مَالُ المَرْءِ قَلَّ صَدِيقُهُ ... وَأَوْمَتْ إِلَيْهِ بِالعُيُوبِ الأَصَابِعُ

  أَراد أَوْمَأَتْ، فخَفَّفَ تَخْفِيفَ إِبْدَال وتقدَّم الكلامُ في وَب أ والفرق بين الإِيباءِ والإِيماءِ، وتقدَّم ما يتعلَّق بهما.

  ويقال: وَقَع في وَامِئَةٍ. الوامِئَةُ: الدَّاهِيَةُ قال ابنُ سِيدَه أُرَاهُ اسْماً، لأَنه لم يُسْمَع له فِعْلٌ⁣(⁣٧)، وذَهَبَ ثَوْبِي فما أَدْرِي ما كانت وَامِئَتهُ، أَي لا أَدْرِي مَنْ أَخذَه، كذا حَكاه يَعقوبُ في الجَحْدِ ولمْ يُفَسِّرْه، قال ابنُ سِيدَه: وعندي أَنَّ معناه ما كانت دَاهِيَته التي ذَهَبتْ به، ويقال أَيضاً: ما أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عَلَيْهِ. وقد تقدم في ل م أَ قال ابنُ المُكَرَّم: وهذا يُتَكَلَّمُ بغيرِ حَرْفِ جَحْد⁣(⁣٨).

  وفلانٌ يُوامِئُ فُلَاناً، ويُوَائِمهُ إِمَّا أَنهما لُغتَانِ عن الفراءِ أَو مَقْلُوبَةٌ، نُقِلَ من تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ الفارسيِّ واختاره ابنُ جِنِّي وأَنشد ابن شُمَيْلٍ:


(١) عن اللسان، وبالأصل المتكئ.

(٢) سورة يوسف الآية ٣١.

(٣) كذا بالأصل والقاموس واللسان، وفي الطبعة الكويتية ضبطت بالرفع خطأ.

(٤) عبارة النهاية: إني إذا أكلت لم أقعد متمكناً فعل من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بلغة، فيكون قعودي له مستوفزاً. (تكأ).

(٥) بالأصل: «وهو من جملة معنى الاتكاء وتأويله على مذهب» وما أثبتناه عن النهاية.

(٦) عن الديوان، وبالأصل «البوّ».

(٧) اللسان: لم أسمع له فعلاً.

(٨) عبارة اللسان: وهذا قد يُتكلم به بغير حرف جحد.