تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال المهملة مع الراء

صفحة 385 - الجزء 6

  الاكْتِتاب⁣(⁣١)، وفي بعض النسخ الالتتاب، باللام، وهو غَلَط. قال ابنُ سِيدَه: دَبَرَ الكِتَابَ يَدْبُره دَبْراً: كَتَبَه، عن كُراع. قال: والمعروف ذَبَره، ولم يَقُل دَبَرَه إِلّا هو.

  والدَّبْر: قِطْعَةٌ تَغْلُظُ في البَحْرِ كالجَزِيرَة يَعْلوهَا الماءُ ويَنْصَبُّ⁣(⁣٢) عنها، هكذا في النُّسَخ، وهو مُوافِقٌ لِما في الأُمَّهات اللُّغَوِيَّة. وفي بعض النُّسخ: يَنضُب من النضب، وكلاها صَحِيح.

  والدَّبْر: المَالُ الكَثِيرُ الذي لا يُحصَى كَثْرة، واحدُه وجَمْعُه سَوَاءٌ، ويُكْسَرُ يقال: مَالٌ دَبْر، ومَالانِ دَبْر، وأَمْوَالٌ دَبْرٌ. قال ابنُ سِيدَه: هذا الأَعْرف، قال: وقد كُسِّر على دُبُور، ومثْله مال دَثْر. وقال الفَرَّاءُ: الدَّبْرُ: الكَثِيرُ الضَّيْعَةِ والمَالِ. يقال: رجلٌ كَثِيرُ الدَّبْرِ، إِذا كانَ فاشِيَ الضَّيْعَة، ورجُل ذو دَبْرٍ: كثيرُ الضَّيْعَةِ والمالِ، حكاه أَبو عُبَيْد عن أَبِي زَيْد.

  والدَّبْرُ: مُجَاوَزَةُ السَّهْمِ الهَدَفَ، كالدُّبُورِ، بالضّمّ، يقال: دَبَرَ السَّهْمُ الهَدَفَ يَدْبُره دَبْراً ودُبُوراً، جاوَزَه وسَقَطَ وَراءَه.

  وقولُهم: جَعَلَ كَلَامَكَ دَبْرَ أُذُنِه، أَي خَلْفَ أُذُنه، وذلِك إِذا لم يُصْغِ إِليْهِ ولم يُعَرِّجْ عَلَيْهِ، أَي لم يَعْبَأْ وتَصَامَمَ عنه وأَغْضَى عنه ولم يَلتفِتْ إِليه، قال الشاعر:

  يَدَاهَا كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذَا مَشَتْ ... ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْن طَرُوحُ⁣(⁣٣)

  والدَّبْرَةُ: نَقِيضُ الدَّوْلةِ، فالدَّوْلةُ في الخَيْر، والدَّبْرَة في الشَّرّ. يقال: جَعَل الله عليك الدَّبْرَة. قاله الأَصْمَعِيّ. قال ابنُ سِيدَه: وهذا أَحْسَنُ ما رَأَيْتُه في شَرْح الدَّبْرَةِ، وقيل: الدَّبْرَةُ: العَاقِبَةُ، ومنه قَولُ أَبِي جهل لابْنِ مَسْعودٍ وهو صَرِيعٌ جَريحٌ: لِمَنِ الدَّبْرةُ؟ فقال لِلّه ولرسُولِه، يا عَدُوَّ الله.

  ويقال: جَعَلَ الله عليهم الدَّبْرةَ، أَي الهَزِيمة في القِتَالِ، وهو اسْمٌ من الإِدْبَار، ويُحَرَّك، كما في الصّحاح، وذَكَرَه أَهْلُ الغَرِيب.

  وعن أَبي حَنِيفةَ: الدَّبْرَةُ: البُقْعَةُ من الأَرْض تُزْرَعُ، والجَمْع دِبَارٌ.

  ومن المَجَاز: الدِّبْرَة: بالكَسْرِ، خِلَافُ القِبْلَةِ. ويقال: ما لَهُ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ، أَي لَمْ يَهْتَدِ لجِهَةِ أَمْرِهِ وقَوْلُهم: فُلانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأَمر من دِبارِه، أَي أَوَّلَه من آخِرِه وليس لِهذا الأَمرِ قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ، إِذا لم يُعْرَف وَجْهُه.

  والدَّبَرَة: بالتَّحْرِيكِ: قَرْحَةُ الدَّابَّةِ والبَعِيرِ، ج دَبَرٌ، مُحَرَّكةً، وأَدْبَارٌ، مثل شَجَرة وشَجَر وأَشْجَار. وفي حديث ابْنِ عَبّاس: «كانُوا يَقولون في الجاهليّة: إِذا بَرَأَ الدَّبَر، وعَفَا الأَثَر»، وفسّروه بالجُرْح الذي يكون في ظَهْر الدّابّة. وقيل: هو أَن يَقْرَح خُفُّ البَعِير، وقد دَبِرَ البَعِيرُ، كفَرِحَ، يَدْبَر دَبَراً، وأَدْبَرَ، واقتصر أَئِمَّة الغَرِيب على الأَوَّل، فهو، أَي البَعِيرُ دَبِرٌ، ككَتِف، وأَدْبَرُ، والأُنثَى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبِلٌ دَبْرَى.

  وفي المَثَل: «هَانَ عَلَى الأَمْلَسِ ما لَاقَى الدَّبِرُ». ذَكَرَه أَهلُ الأَمْثَال في كُتُبِهم، وقالوا: يُضْرَبُ في سُوءِ اهْتِمَامِ الرَّجُلِ بِصَاحِبِه⁣(⁣٤)، وهكذا فَسَّرَه شُرَّاحُ المَقَامَات.

  وأَدْبَرَهُ الحِمْلُ والقَتَبُ فدَبِرَ.

  ودَبَرَ الرَّجلُ دَبْراً: وَلَّى، كأَدْبَرَ إِدْبَاراً، ودُبْراً، وهذا عن كُرَاع.

  قال أَبو مَنْصُور: والصَّحيح أَن الإِدْبارَ المَصْدَرُ، والدُّبْر الاسْمُ. وأَدْبَرَ أَمرُ القَوْمِ: وَلَّى لِفَسَادٍ، وقَوْلُ الله تَعَالَى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}⁣(⁣٥) هذا حالٌ مُؤَكّدة، لأَنه قد عُلِم أَنَّ مع كُلِّ تَوْلِيَة إِدباراً فقال: مُدْبِرِينَ، مُؤَكّداً.

  وقال الفَرَّاءُ: دَبَرَ النَّهَارُ، وأَدْبَرَ، لُغَتانِ، وكذلك قَبَلَ


(١) في القاموس: «والالتتاب» وعلى هامشه عن نسخة أخرى: «والاكتتاب» وبهامش القاموس: قوله والالتتاب نسخة الشارح والاكتتاب بالكاف، غلط اللام، مصححه.

(٢) في القاموس: ينضب.

(٣) بالأصل: يداها كأوب الماء تجني إذا مشت ورحل ... وما أثبت عن اللسان، ونبه إليه بهامش المطبوعة المصرية.

(٤) في القاموس: بشأن صاحبه.

(٥) سورة التوبة الآية ٢٥.