تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذبر]:

صفحة 433 - الجزء 6

  وأَذْأَرَه الشيْء وإِليه: أَلجأَهُ واضطَرّه. ومن التَّجَرِّي قَولُ أَكْثَم بن صَيْفِيّ: «سُوءُ حَمْل الفَاقةِ يُحْرِضُ الحَسَبَ ويُذْئِرُ العَدُوَّ» يُحْرِضُه أَي يُسْقِطُه.

  والذِّئار، ككِتَاب: سِرْقِينٌ، أَي بَعَرٌ رَطْبٌ مُختلط بتُرابٍ يُطْلَى به على أَطباءِ النّاقَةِ لئَلَّا تُرضَعَ، أَي يَرْضَعهَا الفَصِيلُ، ويُسَمَّى قبل الخَلْط خُثَّة وذِيرَة، وسيأْتي في ذ ي ر بأَبسطَ من هذا، وقد ذَأَرَهَا.

  وقال أَبو عُبَيْد: ناقَةٌ مُذَائِرٌ: تَنْفِر من الوَلَد ساعةَ تَضَعُه، وقد ذاءَرَتْ. وقيل: هي التي سَاءَ خُلُقُها، أَو هي التي تَرْأَمُ بأَنفِها ولا يَصْدُقُ حُبُّها فهي تَنْفِر منه، وسيأْتِي في «ذَرّ» بأَبْسَط من هذا.

  ويقال: شُؤُونُك ذَئِرَةٌ، والذي ذَكَرَه ابنُ سِيدَه: إِنَّ شَؤُونَك لَذَئِرةٌ، أَي دُمُوعُك فيها تَنَفُّسٌ، كتَنَفُّسِ الغَضْبانِ.

  * ومما يستدرك عليه:

  ذَئِرَ الرجلُ، كفَرِحَ، إِذا ضاقَ صَدْرُه وسَاءَ خُلُقُه، وهو ذَائرٌ، هكذا أَوْردَه ابن السِّيد في الفَرْق، وأَنشد قولَ عَبِيدِ بنِ الأَبْرَص السَّابِق.

  وذَئِرَ: نَفَرَ، وأَنكر، عن ابن الأَعرابيّ.

  وذَئِر: استَعَدَّ للمُوَاثَبَة، قاله اللَّيْثُ.

  [ذبر]: الذَّبْرُ: الكِتَابَةُ، كالزَّبْر، وهو مما خَلَفت فيه الذَّالُ المُعْجَمَة الزَّايَ، ذَبَرَ الكِتَابَ يَذْبُر هُ، بالضَّمِّ، ويَذْبِرُ هُ، بالكَسْر، ذَبْراً، كالتَّذْبيرِ. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ لأَبِي ذُؤَيْب:

  عَرفْتُ الدِّيَارَ كَرَقْمِ الدَّوَا ... ة يَذْبرُهَا الكَاتِبُ الحِمْيَرِيُّ

  وقيل: الذَّبْرُ: النَّقْطُ. وقيل: هو القِرَاءَة الخَفِيَّةُ بسُهُولة، أَو القراءَة السَّرِيعةُ. يقال: ما أَحسنَ ما يَذْبِرُ الكِتَابَ، أَي يَقْرؤُه ولا يَمْكُث فيه، كلّ ذلك بلُغة هُذَيْل.

  والذَّبْر: الكِتَابُ بالحِمْيَرِيَّة يُكتَب في العُسُب، جمع عَسِيب، وهو خُوصُ النَّخْل.

  والذَّبْر: العِلْمُ بالشَّيْءِ والفِقْهُ به، كالذُّبُور، بالضَّمّ.

  والذَّبْر: الصَّحِيفَة، ج ذِبَارٌ بالكَسْر، قاله الأَصْمَعِيّ⁣(⁣١).

  وأَنشدَ قولَ ذِي الرُّمَّة:

  أَقولُ لِنَفْسي وَاقِفاً عند مُشْرِقٍ ... على عَرَصَاتٍ كالذِّبار النَّوَاطِقِ

  ويقال: ذَبَر يَذْبِر، بالكَسْر، ذَبْراً وذَبَارَةً، بالفَتْح: نَظَرَ فأَحْسَنَ⁣(⁣٢) النَّظَر. قال الصَّاغانِيُّ: هو راجعٌ إِلى مَعْنَى الإِتْقَان.

  وذَبَرَ الخَبَرَ: فَهِمَه. ومنه الحَدِيثُ: «أَهلُ الجَنّة خَمْسَةُ أَصْنَافٍ: منهم الَّذِي لا ذَبْرَ له»، أَي لا فَهْم له، من ذَبَرْتُ الكِتَابَ إِذا فَهمْته وأَتْقَنْتَه.

  وعن ابْن الأَعْرَابِيّ: ذَبِر كفَرِحَ: غَضِبَ، نَقَله الصَّاغانِيّ.

  وثَوبٌ مُذَبَّرٌ، كمُعَظَّم: مُنَمْنَمٌ، يَمانِيَةٌ.

  ويقال: كِتَابٌ ذَبِرٌ، ككَتِف: سَهْلُ القِرَاءَة. هكذا ضَبَطَه الصَّاغانيّ وصَحَّحَه، وهكذا هو في سائر الأُصول، والذي في المُحْكَم: كِتَابٌ ذَبْر، بفَتْح فسُكُون. وأَنْشَد قَولَ صَخُرِ الغَيّ:

  فيها كِتَابٌ ذَبْرٌ لمُقْتَرِئ ... يَعرِفُه أَلْبُهُمْ ومَنْ حَشَدُوا

  قال: ذَبْرٌ، أَي بَيِّن. أَرادَ كِتَاباً مَذْبُوراً، فوضعَ المَصْدَر مَوضع المَفْعُول: وأَلْبُ القَوْم: مَنْ كان هَوَاهُ مَعَهم.

  ويُقال: فُلَانٌ ما أَحْسَنَ ما يَذْبِرُ الشِّعْرَ، أَي يُمِرُّه ويُنْشِدُهُ ولا يَتَلَعْثَم فيه⁣(⁣٣).

  وقال ثَعْلَب: الذَّابِرُ: المُتْقِنُ للعِلْمِ، يقال: ذَبَرَه يَذْبُره، ومنه الخَبَرُ: «كان مُعَاذٌ يَذْبُرُه عن رَسُولِ الله » أَي يُتْقِنُه، ذَبْراً وذَبَارَةً. ويقال: ما أَرْصَنَ ذَبَارَتَه.

  * ومما يستدرك عليه:

  قال ابنُ الأَعْرَابِيّ: ذَبَرَ إذا أَتْقَن. والذَّابِرَ: المُتْقِنُ، ويُرْوَى بالدَّال، وقد تَقَدَّم. وفي حَدِيث النَّجَاشِيّ «ما أُحِبّ


(١) عبارة الأصمعي في اللسان والتكملة: الذِّبَار: الكُتُب واحدها ذَبْر.

(٢) في القاموس: فأحسّ.

(٣) في الأساس: وما أحسن ما يذبر الكتاب أي يقرأه لا يتمكث فيه.