[ذخر]:
  أَنَّ لي ذَبْراً من ذَهَبٍ» أَي جَبَلاً، بلُغَتِهم، ويُروَى بالدَّال، وقد تَقدَّم.
  وفي حَدِيثِ ابْنِ جُدْعانَ: «أَنَا مُذابِرٌ»، أَي ذاهِبٌ.
  قُلتُ: هكذا ذَكَرَه ابنُ الأَثير إن لم يَكُن تَصْحِيفاً. وفلانٌ لا ذَبْرَ له أَي لا نُطْقَ له من ضَعْفِه، وقيل: لا لِسانَ له يَتَكَلَّم به من ضَعْفِه. فتَقْدِيرُه على هذا، فُلانٌ لا ذَبْرٍ له أَي، لا لِسان له ذا نُطْق، فحَذَف المُضاف. وبه فَسَّر ابنُ الأَعرابيّ الحدِيثَ المُتَقدِّم في أَهْلِ الجَنَّة. والْمِذْبَر: القَلَم، كالمِزْبَر، وسَيَأْتِي.
  [ذخر]: ذَخَرَه، كمَنَعَه يَذْخَره(١) ذُخْراً، بالضَّمّ، واذَّخَرَهُ اذِّخَاراً: اخْتَارَه، أَو اتَّخَذَه.
  وفي الأَساس: خَبَأَه لوقْتِ حاجَتِه. وفي حَدِيث الضَّحِيَّة: «كُلُوا واذَّخِرُوا» أَصله اذْتَخَرَه فثَقُلت التاءُ التي لللافْتعَال مع الذّال فقُلِبتْ ذَالاً، وأُدْغمَ(٢) فيها الذّال الأَصليّ فَصارَت ذالاً مُشَدَّدة، ومثله الاذِّكار من الذِّكْرِ.
  وقال الزّجّاج في قوله [تعالى]: {[وَما] تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}(٣) أَصْلُه تذْتَخِرُون، لأَنَّ الذَّالَ حرفٌ مجهور لا يُمْكِن النَّفَس أَن يَجْرِيَ معه لشِدَّة اعتِمَاده في مَكَانِه، والتاءُ مَهْمُوسَة، فأُبْدِلَ من مَخْرَج التَّاءَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يُشْبِه الذَّالَ في جَهْرِها وهو الدّال(٤)، فصار تَدَّخِرُونَ. وأَصْل الإِدغام أَن تُدْغِم الأَوَّلَ في الثاني. قال: ومن العرب مَنْ يقول: تَذّخِرُون، بذَالٍ مُشَدَّدَة، وهو جائز، والأَوَّل أَكْثَر.
  قال شيخُنَا: ومن الغريب ما قاله بَعْضُ شُرَّاح الرِّسالة وغَيْرُهم من الفُقَهَاءِ وبعْض أَهلِ اللغَة: إِن الذُّخْرَ بالذَّال المُعْجَمَة ما يكون في الآخرة. وبالدَّال المُهْمَلَة ما يكُون في الدُّنْيَا. وفي شرح التتائيّ ما يَقْرُب منه. قال ابن التِّلمسانيّ في شَرْح الشِّفَاءِ: وهذا غَلَطٌ واضحٌ أَوْقَعَهُم فيه قولُه: تَدَّخِرُونَ، ونقلَه الشِّهَابُ في شَرْح الشِّفَاءِ، وهو وَاضِح، ومِثْلُه ما وَقَع في الدِّكر، وأَنه لغَة في المُعْجَمَة اغتراراً بمُدَّكر، فلا يُعْتدُّ بشيْءٍ مِنْ ذلك، والله أَعلم.
  والذَّخِيرَة: ما ادُّخِرَ، جَمْعه الذَّخَائِرُ. قال الشاعِر:
  لَعَمْرُك ما مَالُ الفَتَى بذَخِيرَةٍ ... ولكِنَّ إِخْوَانَ الصَّفَاءِ الذَّخَائِرُ
  كالذُّخْر، بالضَّمّ، ج أَذْخارٌ، كقُفْل وأَقْفَال.
  وفي الحَدِيث ذِكْرُ تَمْرِ ذَخِيرَةَ؛ وهو ع يُنْسَبُ إِليهِ التَّمْرُ الجَيِّدُ.
  وعن أَبِي عَمْرٍو: الذَّاخِرُ: السَّمِينُ.
  وذَاخِرٌ: اسم رجُل.
  وعن أَبي عُبيْدَةَ: المُدَّخَرُ(٥)، بإِهْمال الدَّالِ كما في النُّسخ، وبإِعْجَامِهَا كما في نُسْخَة أُخْرى: الفَرسُ المُبْقِي(٦) لحُضْرِه، بالضّمّ، نَوْع من العَدْوِ، قال: ومن المُذَّخَر المِسْواطُ، وهو الذي لا يُعِطي ما عِنْده إِلّا بالسَّوط، والأُنثَى مُذَّخَرَة.
  وثَنِيَّةُ أَذاخِر بالفَتْح: ع قُرْبَ مكّةَ، بينها وبين المدينة، وكأَنَّهَا مُسَمَّاة بجَمْع الإذْخر، وقد جاءَ ذِكْرها في الحَدِيث.
  والإِذْخِرُ، بالكسر: الحَشِيشُ الأَخْضَرُ، الواحِدَة إِذْخِرَةٌ.
  وفي حديث الفتْح وتَحْرِيم مَكَّةَ: «فقال العَبَّاس إِلّا الإِذْخِرَ فإِنه لِبْيوتِنا وقُبُورِنَا». وهو حَشِيشٌ طَيِّبُ الرِّيحِ يُسْقَف به البُيُوتُ فوق الخَشَب، والهَمْزَة زائدةٌ. قال أَبو حَنِيفَة: الإِذْخِرُ: له أَصل مُنْدَفِنٌ دِقَاقٌ دَفِرُ الرِّيحِ، وهو مثْل أَسَلِ الكُولانِ(٧) إِلَّا أَنَّه أَعرضُ وأَصغَرُ كُعُوباً، وله ثَمرةٌ كأَنها مَكَاسِحُ القَصَبِ إِلّا أَنَّهَا أَرَقُّ وأَصْغَر، يُطْحَن فيَدْخُل في الطِّيب، يَنْبُت في الحُزُون والسُّهُولِ وقَلَّما تَنْبُت الإِذْخِرَة مُفْردَةً، ولذلك قال أَبُو كَبِير الهُذَلِيّ:
  وأَخُو الأَبَاءَةِ إِذْ رَأَى خُلَّانَه ... تَلَّى شِفَاعاً حَوْلَه كالإِذْخِرِ
(١) ضبطت في اللسان بضم الخاء، وفي الصحاح: أذخُره بضم الخاء أيضاً، وضبطت في التهذيب بالفتح وصوبها محققه.
(٢) اللسان: وأدغمت فيها الذال الأصلية.
(٣) سورة آل عمران الآية ٤٩ والزيادة «ما» سقطت من الأصل.
(٤) بعدها في التهذيب - وسقطت من اللسان: فصار تذدخرون ثم أدغمت الذال في الدال فصار تدّخرون ...
(٥) في القاموس: والمذَّخَرُ بالذال. ومثله في اللسان، وفي التهذيب فكالأصل وبهامشه قال كذا بالأصل والقاموس، فلعلها نسخة ثانية وردت اللفظة بالدال المهملة. كنسخة الشارح.
(٦) كذا في القاموس - الذي بيدي: «الفرس المُبْقِي لحُضْره» وفي التهذيب «المُبَقَّى» وبهامشه قال: كذا بالأصل والقاموس. وفي التكملة فكما أثبتناه.
(٧) اللولان بضم وفتح الكاف، نبات البردي.