تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذمر]:

صفحة 446 - الجزء 6

  وتَذَمَّرَ هو: لَامَ نَفْسَه على فائِتٍ، جاءَ مُطاوِعُه على غَيْرِ الفِعْل، وهو أَن يَفْعل الرَّجلُ فِعْلاً لا يُبَالِغ في نِكَايَةِ العَدُوّ، فهو يتَذَمَّر أَي يَلُومُ نَفْسَه ويُعَاتِبُها كي يجِدَّ في الأَمْرِ، وفي الصّحاح: وأَقْبَل فلانٌ يَتَذَمَّر، كأَنَّه يَلُوم نفْسَه على فائِت.

  وفي الحديث: «فخَرَجَ يَتَذَمَّر»، أَي يُعاتِب نَفْسَه ويَلُومُها على فَوَاتِ الذِّمَارِ.

  وفي الأَساس: وأَقْبَلَ يَتَذَمَّر: يَلومُ نَفْسَه على التَّفْرِيط [في فِعْله وهو]⁣(⁣١) يُنَشِّطها لئلّا تُفرِّطَ ثانِيةً. وفُلانٌ يَتَذَمَّمُ ويَتَذَمَّر.

  وتَذَمَّرَ، إِذا تَغَضَّب. يقال: سَمِعْت له تَذَمُّراً. أَي تَغَضُّباً.

  وظَلَّ فُلانٌ يَتَذَمَّر عَلَيْه، إِذا تَنَكَّرَ له وأَوْعَده. وأَمّا ما جاءَ في حَدِيثِ مُوسى #: «أَنه كان يَتَذَمَّر على رَبِّه».

  فمعناه يَجْتَرِئ عليه ويَرْفَع صَوْتَه في عِتَابه.

  والمُذَمَّر، كمُعَظَّم: القَفَا، وقيل: هما عَظْمَان في أَصْلِ القَفَا، وهو الذِّفْرَى، وقيل: الكاهِل.

  قال ابنُ مَسْعُود: «انتَهَيْتُ يومَ بَدْرٍ إِلى أَبي جَهْل وهو صَرِيعٌ، فوضَعْت رِجْلي في مُذَمَّرِه. فقال: يا رُوَيْعِيَ الغَنَمِ، لقد ارتَقَيْتَ مُرْتَقًى صَعْباً. قال: فاحتَزَزْت رأْسَه».

  قال الأَصمعيّ: المُذَمَّر هو الكَاهلُ والعُنُق وما حَولَه إِلى الذِّفْرَى: وهو الذي يُذَمِّره المُذَمِّرُ، كمُحَدِّثٍ، وذَمَرَه يَذْمُرُه وذَمَّرَه لَمَسَ مُذَمَّرَه.

  والمُذَمِّر: مَنْ يُدْخِلُ يَدَه في حياءِ النَّاقَةِ ليَنْظُر أَذكَرٌ جَنِينُها أَم لا⁣(⁣٢)، سُمِّيَ بذلك لأنه يَضَعُ يَدَه على ذلك المَوْضع فيَعْرِفه. وفي المُحْكَم: لأَنه يَلْمِس مُذَمَّرَه فيَعرف ما هُوَ، وهو التَّذْمِيرُ. قال الكُمَيْت:

  وقال المُذَمِّرُ للنَّاتِجِينَ ... مَتَى ذُمِّرَتْ قَبْلِيَ الأَرجُلُ

  يقول: إِنَّ التَّذْميرَ إِنَّمَا هو فِي الأَعْنَاقِ لا في الأَرجل.

  وهذا مَثَلٌ لأَنَّ التَّذْمِير لا يَكونُ إِلّا في الرَّأْسِ، وذلك أَنه يَلمِس لَحْيَىَ الجَنِينِ. فإِن كانَا غَلِيظَيْنِ كَان فَحْلاً، وإِن كانَا رَقِيقَيْن كان ناقَةً، فإِذا ذُمِّرَت الرِّجْلُ فالأَمْر مُنْقَلِبٌ. وقال ذو الرُّمَّة:

  حَرَاجِيجُ قُودٌ ذَمَّرَتْ في نِتَاجِها ... بنَاحِيةِ الشِّحْرِ الغُرَيْرُ وشَدْقَمِ

  يعني أَنها من إِبلِ هؤلاءِ، فهم يُذَمِّرُونَهَا.

  وذَمَار، كسَحاب، فتُعرَب، أَو قَطامِ، فتُبْنَى، لأَن لَامَها راءٌ، أَو تُعْرَب إِعرابَ ما لا يَنْصَرف. وقال شيخُنَا نَقلاً عن بَعْضِ الفُضَلاءِ: الأَشْهَر في ذَمَار فتحُ ذالِهَا، فتُبْنَى كوَبَارِ، أَو تُعْرَب بالصَّرف وتَرْكه، وحَكَى بَعْضٌ كَسْرَهَا، فتُعْرب بالوَجْهَيْن، قُلتُ: وحَكَى بعضُهُم إِهْمَالَ الذّال أَيضاً⁣(⁣٣): ة باليَمَن، عَلَى مَرْحَلَتَيْن من صَنْعَاءَ، على طريقٍ المُتَوجِّه من زَبِيدَ إِليها، وهي الآن مدينة عامرةٌ كبيرةٌ ذاتُ قُصورٍ وأَبْنِيةٍ فاخِرَةٍ ومَدَارِسِ عِلْمٍ، وخَرَجَ مِنْهَا فُقَهَاءُ ومُحَدِّثون، سُمِّيَتْ بقَيْل من أَقْيَالِ اليمنِ يقال إِنّه شَمِرُ بنُ الأُملوكِ الذي بَنَى سَمَرْقَنْدَ. وقيل غيرُ ذلك. وقيل: إِن ذَمَار اسمُ صَنْعَاءَ. قاله ابنُ أَسْوَد، قال: وصَنْعَاءُ كلمةٌ حَبَشِيّة معناه وَثِيقٌ حَصِينٌ. ويَشْهَد له مَا فِي اللِّسَان وغَيْره: كَشفَت الرِّيح عن مِنْبَرِ هُودٍ # وهو مِنَ الذَّهَب مُرَصَّع بالدُّرِّ واليَاقُوت، وعن يمينه من الجَزْع الأَحمرِ مكتوب بالمُسْنَد - وعبارة اللسان: هَدَمَتْهَا قُريْشٌ في الجاهليّة فوُجِدَ في أَساسها⁣(⁣٤) حَجَرٌ مكتوبٌ فيه بالمُسْنَد -: لِمَن مُلْكُ ذَمَار، لحِمْير الأَخيْار، لمَن مُلْك ذَمَار، للحَبَشَة الأَشْرَار، لمَنْ مُلْك ذَمَار لفارِسَ الأَحْرَار، لمن مُلْك ذَمَار لقُرَيْش التُّجَّار.

  وذَمُورَانُ ودَالانُ⁣(⁣٥)، وفي بعض النُّسخ دَلَان: قَريتانِ بِقُرْبِهَا، يقال فيما نُقِل: ليسَ بأَرْضِ اليَمَنِ أَحْسَنُ وُجُوهاً من نِسَائِهِمَا، قلت: والأَمْر كما ذُكِر، ويُضاهِيهما في الجَمَال وَادِي الحُصَيْب الذي هو وَادِي زَبِيدَ، حَرَسَه الله تعالى، وقد تقدّم للمُصَنِّف شيْءٌ من ذلك في حَرْفِ المُوَحَّدَة.


(١) زيادة عن الأساس.

(٢) التهذيب واللسان والصحاح: أم أنثى.

(٣) في معجم البلدان: ذمار بكسر أوله وفتحه، وبناؤه على الكسر واجراؤه على إعراب ما لا ينصرف. وقول أكثر أهل الحديث بكسر الذال، وذكره ابن دريد بالفتح.

(٤) وفي معجم البلدان: وجد في أساس الكعبة لما هدمتها قريش ... ونبه إلى عبارة ياقوت بهامش اللسان.

(٥) على هامش القاموس عن نسخة ثانية: وذلان.