تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهاء مع الهمزة

صفحة 288 - الجزء 1

  هاشِمٍ، أَسلمتْ عامَ الفتْحِ، وكانت تَحْتَ هُبَيْرَةَ بنِ وَهْبٍ المخزوميِّ، فولَدَتْ له عَمْراً، وبه كان يُكْنَى، وهانِئاً ويُوسُفَ وجَعْدَةَ، بَنِي هُبَيْرَة⁣(⁣١) وعاشت بعدَ عَلِيٍّ دَهْراً طويلاً، ^.

  وفي المثَل «إِنَّما سُمِّيتَ هَانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ» أَي لِتُعْطِيَ، لُغتانِ، نقل ذلك عن الفراءِ، وروى الفتحَ الكسائيُّ، قال الأُمَوِيُّ: لِتَهْنِئَ، بالكسر أَي لِتُمْرِئَ.

  وَهَنَّأَهُ تَهْنِئَةً وَتَهْنيئاً مثل هَنَأَه ثلاثياً، وقد تقدم، وهو ضِدُّ عَزَّاهُ، من التَّعْزِيَة خِلَاف التَّهْنِئَة، وكان الأَنسبُ ذِكْرَ التهنئَة عند هَنأَه بالأَمرِ، السابق ذكره.

  والمُهَنَّأُ، كمُعَظَّمٍ، قال ابنُ السِّكّيت: يقال: هذا مُهَنَّأٌ قد جاءَ، بالهمز، وهو اسْم رجل.

  واسْتَهْنَأَ الرجلَ: اسْتَنْصَر أَي طلب منه النَّصْرَ، نقله الصاغاني، واستهنأَه أَيضاً: اسْتَعْطَى، أَي طلب منه العطاءَ، أَنشد ثعلبٌ:

  نُحْسِنُ الهِنْء إِذا اسْتَهْنَأْتَنَا ... وَدِفَاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبَارِ

  واسْتَهْنَأَك: سَمَحَ لك ببعضِ الحُقُوقِ، من تَذكرة أَبي عليٍّ. ويقال: اسْتَهْنَأَ فُلانٌ بَنِي فلانٍ فَلَمْ يُهْنِئُوه، أَي سأَلهُم فلم يُعْطُوه، وقال عُرْوَةُ بن الوَرْدِ:

  ومُسْتَهْنِئٍ زَيْدٌ أَبُوهُ فَلَمْ أَجِدْ ... لَهُ مَدْفَعاً فَاقْنَيْ حَيَاءَكِ وَاصْبِرِي

  واستهنَأَ الطَّعَامَ: استمْرَأَه.

  واهْتَنَأَ مَالَه مثل هَنَأَه ثلاثيًّا: أَصْلَحَهُ، نقله الصاغاني، والاسم الهِنْءُ، بالكسر وهو العَطَاءُ قال ابنُ الأَعرابيّ: تَهَنَّأَ فلانٌ إِذا كَثُرَ عطَاؤُه، مأْخوذٌ من الهِنْءِ، وهو العطاءُ الكثير، وهَنَأْتُ القَوْمَ، إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعطيتَهم، يقال هَنَأَهُمْ شَهْرَيْنِ يَهْنَؤُهُمْ إِذا عَالَهمْ، ومنه المَثَلُ «إِنَّمَا سُمِّيتَ هَانِئاً لِتَهْنَأَ» أَي لِتَعُولَ وتَكْفِي، يُضْرَبُ لِمَن عُرِفَ بالإِحسانِ، فيُقال له: اجْرِ عَلَى عَادَتِك ولا تَقْطَعْهَا.

  وهَنِئَتِ الإِبلُ منَ نَبْتٍ، أَي شَبِعَتْ. وأَكَلْنَا من هذا الطَّعام حتى هَنِئْنَا منه، أَي شَبِعْنَا.

  والهِنْءُ، بالكسر أَيضاً: الطَّائِفَةُ مِنَ اللَّيْلِ يقال: مَضَى هِنْءٌ مِن الليل ويقال أَيضاً: هِنْوٌ، بالواو، كما سيأْتي للمصنّف في آخرِ الكتاب.

  والهَنِيءُ والمَرِيءُ: نَهَرَانِ بالرَّقَّةِ أَجراهما بَعْضُ المُلوك، وقيل: هما لِهِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ المَرْوَانِيِّ، قال جَرِيرُ يمدَحُ بعضَ المَرْوَانِيَّةِ:

  أَوتِيتَ مِنْ حَدَبِ⁣(⁣٢) الفُرَاتِ جَوَارِياً ... مِنْهَا الهَنِيءُ وسَائِحٌ فِي قَرْقَرَى

  قَرْقَرَى: قَرْيَةٌ بِاليَمامةِ فيها سَيْحٌ لبعض الملوك، قال ø {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً}⁣(⁣٣) قال الزجّاج: تقول: هَنَأَني الطَّعَامُ وَمَرَأَني، فإِذا لم يُذْكَر هَنَأَني قلتَ: أَمْرَأَنِي. وفي المثل «تَهَنَّأَ فُلانٌ بكذا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّل⁣(⁣٤) وتَزَيَّنَ، بمعنًى واحدٍ. وفي الحديث «خَيْرُ الناسِ قَرْنِي، ثُمَّ الذين يَلُونَهُمْ، ثم يَجِيءُ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُون» معناه يَتشَرَّفُونَ ويَتعَظَّمون ويَتَجَمَّلُونَ بِكَثْرَةِ المالِ فيَجمعُونَه ولا يُنْفِقونه. وقال سِيبويهِ: قالوا: هَنِيئاً مَرِيئاً، وهي من الصِّفات التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى المصَادِرِ المَدْعُوِّ بها في نَصْبها على الفِعْلِ غيرِ المُستَعْمَلِ إِظهارُه، [واختزاله]⁣(⁣٥)، لِدَلَالَته عليه، وانتصابه على فِعْلٍ مِن غيرِ لفْظِه، كأَنه ثَبَتَ له ما ذُكِرَ له هَنِيئاً، وقال الأَزهري: قال المُبرّد في قول أَعشى باهِلَةَ:

  أَصَبْتَ فِي حَرَمٍ مِنَّا أَخَا ثقَة ... هِنْدَ بْنَ أَسْمَاءَ لَا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ

  قال: يقال: هَنَأَه ذلك وهَنَأَ لَه ذلك، كما يقال هَنِيئاً له، وأَنشد للأَخْطَلِ:

  إِلَى إِمَامٍ تُغَادِينَا فَوَاضِلُهُ ... أَظْفَرَهُ اللهُ فَلْيَهْنِئْ لَهُ الظَّفَرُ

  والهُنَيْئَةُ بالهمز، جاءَ ذِكْرها فِي صَحيح الإِمام أَبي عبد الله مُحمد بن إِسماعيل البُخَارِيّ في باب ما يقول بعد


(١) بالأصل «ميسرة» خطأ.

(٢) عن اللسان، وبالأصل «جدب» وفي معجم البلدان: «جذب».

(٣) سورة النساء الآية ٤.

(٤) عن اللسان، وبالأصل: «تغيط وتسمن وتخبل».

(٥) زيادة عن اللسان.