تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[زهر]:

صفحة 484 - الجزء 6

  ثمّ إِن الذي رُوِيَ عن ثَعْلبٍ في مَعْنَى النَّبَات إِنما هو الزَّهْرَة بالفَتْح فقط. وأَمّا التَّحْرِيك ففي الذي بعده وهو النَّوْر، ففي كلام المُصَنِّف نَظَرٌ، وأَنكرَ شيخُنا ما صَدَّر به المُصنّف، وادَّعَى أَنه لا قائِلَ به أَحدٌ مُطْلقاً، ولا يُعرف في كَلامِهم. وهو موجود في المحْكَم، ونَسَبه إِلى ثَعْلب، وتَبِعه المُصَنِّف، فتَأَمَّل.

  أَو النَّوْرُ الأَبيضُ. والزَّهرُ: الأَصفَرُ مِنْه، وذلك لأَنَّه يَبْيَضُّ ثمّ يَصْفَرُّ، قاله ابنُ الأَعرابيّ، ونقله ابن قُتَيْبَةَ في المَعَارِف: وقيل: لا يُسمَّى الزَّهرُ حتى يَتَفَتَّح، وقَبْلَ التَّفْتِيحِ هو بُرْعومٌ، كما في المِصْباح. وخصّ بعضهم به الأَبيضَ، كما في المُحْكَم. ج زَهْرٌ، بإِسقاط الهاءِ، وأَزهَارٌ، وجج، أَي جمع الجمع أَزاهِيرُ.

  والزَّهْرة من الدُّنْيا: بَهْجَتُها ونَضَارَتُها.

  وفي المحكم: غَضَارَتُهَا، بالغين، وفي المصْباح: زَهْرَةُ الدُّنْيا - مثْل تَمْرَة لا غير -: مَتَاعُهَا أَو زينَتُها⁣(⁣١). واغْتَرَّ له شيخُنَا فأَنْكَرَ التَّحْرِيكَ فيها مُطْلقاً، وعَزَاه لأَكثرِ أَئِمةِ الغَرِيب، ولا أَدْرِي كيف ذلك. ففي المُحْكم: زَهْرَةُ الدُّنيا وزَهَرَتُها: حُسْنُها وبَهْجَتُها وغَضَارَتُها. وفي التَّنْزِيل العَزِيز {زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا}⁣(⁣٢) بالفتح، وهي قِراءَة العَامة بالبَصْرة، وقال: «وهي قِرَاءَة أَهْل الحَرَمَين، وأَكثرُ الآثارِ على ذلِك.

  فَفِي الحَدِيث: «إِنَّ أَخوفَ ما أَخاف عَلَيْكُم من زَهْرَةِ الدُّنْيَا وزِينَتِهَا» أَي حُسْنها وبَهْجَتِهَا وكَثْرَةِ خَيْرها.

  والزُّهْرَة بالضَّمِّ: البَياضُ⁣(⁣٣): عن يَعْقُوب، وزَاد غَيْرُه: النَّيِّرُ، وهو أَحْسَنُ الأَلوانِ.

  وقد زَهِرَ، كفَرِحَ، زَهَراً، وزَهُرَ، مثْل كَرُمَ، وهو أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ، وزَاهِرٌ. وهو بَياض عِتْق. ونَقَل السُّهَيْليّ في الرَّوْضِ عن أَبِي حَنِيفةَ: الزُّهْرَة: الإِشْراقُ في أَيِّ لَوْنٍ كان. وأَنشدَ في لَوْن الحَوْذَانِ وهو أَصْفَرُ:

  تَرَى زَهَرَ الحَوْذَانِ حَوْلَ رِيَاضِه ... يُضِيءُ كلَوْنِ الأَتْحَمِي المُوَرَّسِ

  وزُهْرَة بنُ كِلَاب بن مُرَّةَ بن كَعْبِ بن لُؤَيِّ بنِ غَالِب: أَبو حيٍّ من قُرَيْش، وهم أَخوالُ النَّبيّ ، ومنهم أُمُّه، وهي السَّيِّدةُ آمِنَةُ ابنَةُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ منافِ بن زُهْرَةَ: واخْتُلِفَ في زُهْرةَ هل هو اسْم رَجُل أَو امرأَة. فالذِي ذَهَب إِليه الجَوْهَرِيّ في الصّحاح وابْنُ قُتَيْبَة في المَعَارف أَنَّه اسمُ امْرأَةٍ، عُرِفَ بها بَنُو زُهْرةَ. قال السُّهَيْليّ: وهذا مَنْكَرٌ غَيْر مَعْرُوف، إِنما هو اسْمُ جَدِّهم، كما قاله ابنُ إِسحاقَ. قال هِشَامٌ الكَلْبِيّ واسمُ زُهْرَةُ المُغِيرَةُ.

  وزُهْرَة اسمُ أُمِّ الحَيَاءِ الأَنْبَارِيَّة المُحَدِّثَة.

  وَبنُو زُهْرَةَ: شِيعَةٌ بحَلَبَ، بل سادَةٌ نُقَباءُ عُلَمَاءُ فُقَهَاءُ مُحَدِّثون، كَثَّرَ الله من أَمثالِهِم، وهو أَكْبَرُ بَيْت من بُيُوت الحُسَيْن. وهم أَبو الحَسَن زُهْرَةُ بنُ أَبِي المَوَاهِب عَلِيِّ بن أَبِي سَالِم مُحَمَّد بن أَبِي إِبراهيمَ مُحَمَّدٍ الحَرَّانيّ، وهو المُنْتَقِلُ إِلى حَلَبَ، وهو ابنُ أَحمدَ الحِجَازِيّ بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن - وهو الذي وَقَعَ إِلى حَرَّانَ - بن إِسحاقَ بن محمّدٍ المُؤْتَمن بن الإِمامِ جعْفرٍ الصادِقِ الحُسينيّ الجَعْفَرِيّ.

  وجُمْهُورُ عَقِبِ إِسحاقَ بنِ جَعْفرٍ ينَتِهي إِلى أَبي إِبراهيمَ المذكور. قال العُمَرِيّ النَّسَّابة كان أَبو إِبراهِيمَ عالِماً فاضلاً لَبِيباً عاقلاً، ولم تكن حالُه واسعةً، فزَوَّجهُ أَبُو عَبْدِ الله الحَسَنِيّ الحَرَّانِيُّ بن عبدِ الله بن الحُسَيْن بنِ عبد الله بن عليّ الطَّبِيب العَلَوِيّ العُمَريّ بِنْتَه خَدِيجَةَ، وكان الحُسَيْن العُمَرِيّ متقدِّماً بحَرَّانَ مُسْتَوْلِياً عَلَيْهَا، وقَوِيَ أَمرُ أَوْلادِهِ حتَّى استَوْلَوْا على حَرَّانَ ومَلَكُوهَا على آلِ وَثّابٍ. قال: فأَمدَّ الحُسَيْنُ العُمَريّ أَبَا إِبرَاهِيمَ بمالِه وجاهِه، وخَلَّف أَوْلَاداً سادَةً فُضَلاءَ. هذا كلامه. وقال الشَّرِيف النَّجَفِيّ في المُشَجَّر: وعَقِبُه من رَجُلَيْنِ: أَبِي عَبد الله جَعْفرٍ نقِيبِ حَلَب، وأَبي سَالِمٍ محمَّد. قلْت: وأَعقبَ أَبُو سَالَمٍ من أَبِي المَوَاهِبِ عَلِيٍّ، وهو من أَحْمَد وزُهْرَة. قال: أَحمَدُ هذا يَنْتَسِب إِليه الإِمَامُ الحَافِظُ شَرَف الدّين أَبُو الحُسَيْن عَلِيّ بن محمّد بن أَحمدَ بن عَبدِ الله ابن عيسى بن أَحمَدَ، وآل بيته، وأَعقَبَ زُهْرَةُ من أَبِي سالمٍ عليٍّ والحَسَنِ. فمِن وَلَدِ عليٍّ الشريفُ أَبو المكارم حَمْزَة بنُ عليٍّ المعروفُ بالشَّرِيف الطاهر. قال ابنُ العَدِيم في تاريخ حَلَب: كان فَقيهاً أُصُولِيًّا نَظَّاراً على مَذْهبِ الإِمامِيَّة. وقال ابن أَسْعَد الجوّانيّ: الشَّرِيفُ الطاهرُ عِزُّ الدِّينِ أَبو المكارمِ حَمْزَةُ، وُلِدَ في


(١) في المصباح: وزينتها.

(٢) سورة طه الآية ١٣١.

(٣) في القاموس: «وبالضم: البياضُ والحسنُ» وفي اللسان: «الحسن والبياض» واقتصر في الصحاح على البياض كالأصل.