تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع الراء

صفحة 527 - الجزء 6

  فيهِ، ومنه قوله : «أَسْفِرُوا بالفَجْرِ، فإِنَّه أَعْظَمُ للأَجْرِ» يقول: صَلُّوا [صلاةَ]⁣(⁣١) الفجرِ بعد تَبَيُّنِه وظُهُورِه بلا ارْتِيَاب فيه⁣(⁣٢)، فكلّ مَنْ نَظَرَه عَلِم أَنّه [الفجر]⁣(⁣٣) الصّادِقُ، وسُئل أَحمدُ بنُ حَنْبَل عن الإِسْفَارِ بالفَجْرِ، فقال: أَنْ يَتَّضِحَ⁣(⁣٤) الفَجْرُ حتى لا يُشَكَّ فيه، ونحوه قال إِسْحَاق، وهو قولُ الشّافِعِيّ وأَصحابه⁣(⁣٥).

  ويقال: أَسْفِرُوا بالفَجْرِ: طَوِّلُوها إِلى الإِسْفَارِ، وقيل: الأَمْرُ بالإِسْفَارِ خاصٌّ في اللّيَالِي المُقْمِرَة؛ لأَنّ أَوّلَ الصُّبحِ لا يَتَبَيّن فيها، فأُمِرُوا بالإِسْفَارِ احتياطاً، ومنه حديث عُمَر: «صَلُّوا المَغْرِبَ والفِجَاجُ مُسْفِرَةٌ»⁣(⁣٦)، أَي بَيِّنَةٌ مُضِيئَةٌ لا تَخْفَى، وفي حديث عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيّ: «كَانَ يَأْتِينَا بلالٌ يُفْطِرُنَا ونحن مُسْفِرُونَ [جِدًّا]⁣(⁣٧)» كذا في النهاية.

  ومن المجاز: سَفَرَت الحَرْبُ: وَلَّتْ.

  وفي البَصَائِر: السَّفْرُ: كَشْفُ الغِطَاءِ، ويَخْتَصّ ذلك بالأَعْيَانِ، يقال: سَفَرَت المَرْأَةُ، إِذا كَشَفَتْ عن وَجْهِها النِّقَابَ، وفي المحكم: جَلَتْه، وفي التهذيب: أَلْقَتْه، تَسْفِرُ سُفُوراً، فَهِيَ سافِرٌ، وهنَّ سَوافِرُ، وبه تَعْلَمُ أَنّ ذِكْرَ المرأَةِ للتَّخْصِيصِ، لا للتَّمْثِيلِ، خلافاً لبعضهِم.

  وسَفَرَ الغَنَمَ: باعَ خِيَارَها.

  وسَفَرَ بينَ القَوْمِ: أَصْلَحَ، يَسْفِرُ، بالكسر، ويَسْفُر، بالضّم، سَفْراً، بالفتح، وسَفَارَةً كسَحَابَة، وسِفَارَةً، بالكسر، وهي كالكَفَالَة والكتَابَة، يرادُ بها التَّوَسُّط للإِصلاحِ، فهو سَفِيرٌ كأَمِيرٍ، وهو المُصْلِحُ بين القَوْم، وإِنما سُمِّيَ به لأَنّه يَكْشِفُ ما في قَلْبِ كلٍّ منهما؛ ليُصْلِحَ بينهما، ويُطلقَ أَيضاً على الرَّسُولِ؛ لأَنّه يُظْهِرُ ما أُمِرَ به، وجَمَع بينهما الأَزهريّ، فقال: هو الرّسولُ المُصْلِحُ.

  والسَّفُّور، كتَنُّورٍ: سَمَكَةٌ كثيرةُ الشَّوْكِ قَدْر شِبّرٍ، وضَبْطَه الصاغانيّ كصَبُور.

  والسَّفُّورَةُ، بهاءٍ: جريدةٌ من أَلواجٍ يُكْتَبُ عليها، فإِذا استَغْنَوْا عن المَكْتَوْب مَحَوْهُ، وهي مُعَرَّبَةٌ ويقال لها أَيضاً: السَّبُّورَةُ، بالباءِ، وقد تقدّم.

  وسَفَارِ، كقَطَامِ: اسم بِئْر قِبَلَ ذِي قارٍ، بين البَصْرَةِ والمَدِينَة، لبني مازِنِ بنِ مالِكٍ، قال الفَرَزْدَقُ:

  مَتَى ما تَرِدْ يَوْماً سَفَارِ تَجِدْ بِهَا ... أُدَيْهِمَ يَرْمِي المُسْتَجِيزَ المَعَوَّرَا⁣(⁣٨)

  ويقال: اعلِفْ دَابّتَك السَّفِير، كأَمِيرٍ: ما سَقَطَ من وَرَقِ الشَّجَرِ، وفي التَّهْذِيب: وَرَقُ العُشْبِ؛ لأَنَّ الرِّيحَ تَسْفِرُه، وأَنشدَ لذِي الرُّمَّة:

  وحائِلٌ من سَفِيرِ الحَوْلِ جَائِلُه ... حَوْلَ الجَرَاثِيمِ في أَلْوَانِه شَهَبُ

  يَعنِي الوَرَقَ تَغَيَّرَ لونُهُ، فحالَ وابْيَضَّ بعد أَن كانَ أَخْضَرَ.

  والسَّفِيرُ: ع⁣(⁣٩).

  والسَّفِيرَةُ، بهاءٍ: قِلادَةٌ بَعُرًى، جمع عُرْوَة، من ذَهَبٍ وفِضَّة.

  وسَفِيرَةُ: ناحِيَةٌ ببلادِ طَيِّئٍ، وقيل: صَهْوَةٌ لبني جَذِيمَة من طَيِّئٍ، يُحِيطُ بها الجَبلُ، ليس لمائِهَا مَنْفَذ.

  وسُفَيْر، كزُبَيْرٍ: ع آخَرُ بنجْد، وهو قَارَةٌ ضَخْمَة.

  وسُفَيْرَة، كجُهَيْنَة: هَضْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ، ذكرها زُهَيْرٌ في شعره⁣(⁣١٠).


(١) زيادة عن التهذيب واللسان، وفي النهاية فكالأصل.

(٢) عبارة التهذيب واللسان: بعدما يتبين الفجر ويظهر ظهوراً لا ارتياب فيه.

(٣) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٤) التهذيب: «يَضِحَ» وفي اللسان: «يُصبحَ».

(٥) التهذيب واللسان: وذويه.

(٦) لفظه في التهذيب واللسان في الرواية: قال عمر: «صلاة المغرب في الفجاج مُسفرة» وفيهما مبصرة بدل مضيئة عن أبي منصور، وما في الأصل نصاً وشرحاً عن النهاية، وثمة رواية أخرى في اللسان كالأصل.

(٧) زيادة عن النهاية واللسان.

(٨) المستجيز: المستسقي، والمعوَّر: الذي لا يُسقى.

(٩) في معجم البلدان: موضع في شعر قيس بن العيزارة:

أبا عامر إنا بغينا دياركم ... وأوطانكم بين السَّفِير وتَبْشَع

(١٠) ورد قوله في اللسان:

بكتنا أرضُنا لما ظعنّا ... ... سفيرة والغيامُ

وبهامشه: بياض بالأصل، ولم نجد هذا البيت في ديوان زهير.