فصل السين المهملة مع الراء
  التَّبْصِيرِ أَنه ذَكَرَهُ ابنُ النّجّار في تاريخه، وأَنه سمِعَ منه عُبَيْدُ الله بن السَّمَرْقَنْدِيّ. فظَهَر لي أَنّ الذي في النُّسَخِ كلِّهَا تَصْحِيفٌ.
  والسَّكَّارُ، ككَتّانٍ: النَّبَّاذُ والخَمّارُ.
  ومن المَجَاز: سَكْرَةُ المَوْتِ والهَمِّ والنَّوْمِ: شِدَّتُه وهَمُّه وغَشْيَتُه التي تَدُلّ الإِنسانَ على أَنَّه مَيِّتٌ.
  وفي البصائر - في سَكْرَةِ المَوْتِ - قال: هو اخْتِلاطُ العَقْلِ؛ لشِدَّةِ النَّزْعِ، قال اللهُ تَعالى: {وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}(١) وقد صَحّ عن رسول اللهِ ﷺ «أَنَّهُ كان عِنْدَ وَفاتِه يُدْخِلُ يَدَيْهِ في الماءِ، فيَمْسَحُ بهما وَجْهَهُ، يقولُ: لا إِلهَ إِلّا الله، إِنّ للمَوْتِ سَكَرَاتٍ، ثمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فجَعَلَ يقولُ: الرَّفِيق الأَعْلَى، حتَّى قُبِضَ، ومالَتْ يَدُه».
  وسَكَّرَه تَسْكِيراً: خَنَقَه، والبَعِيرُ يُسَكِّرُ آخَرَ بذِراعِه حتّى يكاد يَقْتُلُه.
  ومن المَجَاز: سُكِرَتْ أَبْصَارُهُم وسُكِّرَتْ، وسُكِّرَ بَصَرُهُ: غُشِيَ عَلَيْه، وقوله تعالى: {لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ} أَبْصارُنا(٢) أَي حُبِسَتْ عَنِ النَّظَرِ، وحُيِّرَتْ، أَو معناهَا غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، قاله أَبو عَمْرِو بن العَلاءِ، وقرأَها الحَسَن سُكِرَتْ، بالتَّخْفِيفِ، أَي سُحرَتْ، وقال الفرّاءُ: أَي حُبِسَتْ ومُنِعَتْ من النَّظَرِ.
  وفي التهذيب: قُرِئ سُكِرَتْ وسُكِّرَتْ، بالتخفيف والتشديد، ومعناهما: أُغْشِيَتْ وسُدَّتْ بالسِّحْر، فيتَخَايَلُ بأَبْصَارِنَا(٣) غَيْرُ ما نَرَى.
  وقال مُجاهد: {سُكِّرَتْ أَبْصارُنا} أَي سُدَّتْ، قال أَبو عُبَيْدٍ: يَذْهَبُ مُجَاهِدٌ إِلى أَن الأَبْصارَ غَشِيَهَا ما مَنَعَها من النَّظَر، كما يَمْنَع السّكْرُ الماءَ من الجَرْيِ.
  وقال أَبو عُبَيْدَةَ: سُكِّرَتْ أَبصارُ القَوْمِ، إِذا دِيرَ بِهِمْ، وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ، فلم يُبْصِرُوا.
  وقال أَبو عَمْرو بن العَلَاءِ: مأْخُوذٌ من سُكْرِ الشَّرَابِ، كأَنّ العينَ لَحِقَهَا ما يَلْحَقُ شارِبَ المُسْكِرِ إِذا سَكِرَ. وقال الزَّجّاج: يقال: سَكَرَتْ عينُه تَسْكُر، إِذا تَحَيَّرَتْ وسَكَنَتْ عن النَّظَرِ.
  والمُسَكَّرُ، كمُعَظَّم: المَخْمُورُ، قال الفَرَزْدَقُ:
  أَبَا حَاضِرٍ مَنْ يَزِنِ يُعْرَفْ زِنَاؤُه ... ومن يَشْرَبِ الخُرْطُومَ يُصْبِحْ مُسَكَّرَا
  * وممّا يستدرك عليه:
  أَسْكَرَه الشّرَابُ، وأَسْكَرَه القريصُ وهو مَجاز.
  ونقل شيخنا عن بعضٍ تَعْدِيَتَه بنفْسه، أَي من غير الهمزة، ولكن المشهور الأَوَّل.
  وتَساكَرَ الرَّجُلُ: أَظْهَرَ السُّكْرَ واسْتَعْمَلَه، قال الفَرَزْدَقُ:
  أَسَكْرَانَ كانَ ابنُ المَراغَةِ إِذ هَجَا ... تَمِيماً بَجَوْفِ الشَّأْمِ أُم مُتَساكِرُ
  وقولُهم: ذَهَبَ بينَ الصَّحْوَةِ والسَّكْرَة إِنّمَا هو بَيْنَ أَن يَعْقِلَ ولا يَعْقِل.
  والسَّكْرَةُ: الغَضْبَةُ.
  والسَّكْرَةُ: غَلَبَةُ اللَّذَّةِ على الشّبَابِ. وسَكِرَ من الغَضَبِ يَسْكَرُ، من حَدّ فَرِحَ، إِذا غَضِبَ.
  وسَكَرَ الحَرُّ: سَكَنَ، قال:
  جاءَ الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ ... وجَعَلَتْ عَيْنُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
  والتَّسْكِيرُ للحَاجَةِ: اخْتِلاطُ الرَّأْيِ فيها قَبْلَ أَن يعزم عليها، فإِذا عزمَ عليها ذَهَب اسم التَّسْكِير، وقد سُكِرَ.
  وقال أَبو زَيْد: الماءُ السّاكِرُ: الساكن الذي لا يَجْرِي(٤)، وقد سَكَرَ سُكُوراً، وهو مَجاز. وسُكِرَ(٥) البحرُ: رَكَدَ، قاله ابنُ الأَعرابيّ، وهو مَجاز.
  وسُكَيْرُ العَبّاسِ، كزُبَيْرٍ: قريةٌ(٦) على شاطئِ الخابُورِ، وله يومٌ ذَكَرَه البلاذُرِيّ.
  ويُقَال للشَّيْء الحارِّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
(١) سورة ق الآية ١٩.
(٢) سورة الحجر الآية ١٥.
(٣) التهذيب: لأبصارنا.
(٤) في الأساس: وماء ساكر: دائم لا يجري.
(٥) ضبطت عن اللسان، بالبناء للمجهول.
(٦) في معجم البلدان: بليدة صغيرة بالخابور.