تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أذرب]:

صفحة 299 - الجزء 1

  وأَرِبَ بِالشَّيْءِ كَفَرِحَ: درِبَ بِهِ وصَارَ فيه مَاهِراً بَصِيراً، فَهُوَ أَرِبٌ، كَكَتِفٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ومنه الأَرِيبُ، أَي ذُو دَهَاءٍ⁣(⁣١) وبصرٍ، قَالَ أَبُو العِيَالِ الهُذَلِيُّ يرْثِي عَبْدَ بن زُهْرةَ:

  يَلُفُّ طَوائِفَ الأَعْدَا ... ءِ وَهْو بِلَفِّهِمْ أَرِبُ

  وقد أَرِبَ الرجلُ إِذا احْتَاجَ إِلى الشيءِ وطَلَبه، يَأْرَبُ أَرَباً قال ابنُ مُقْبل:

  وإِنَّ فِينَا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِهِ ... جَمْعاً بَهِيًّا وآلَافَا ثَمَانِينَا⁣(⁣٢)

  جَمْع أَلْفٍ أَي ثَمَانِينَ أَلْفاً، أَرِبْتَ به، أَي احْتَجْتَ إِليْهِ وأَرَدْتَه.

  وأَرِبَ الدَّهْرُ: اشْتَدَّ وَرَدَ في الحديثِ «قَالَتْ قُرَيْشٌ: لا تَعْجَلُوا فِي الفِدَاءِ لَا يَأْرَبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وأَصْحَابُه» أَيْ يَتَشَدَّدُونَ علَيْكُم فِيهِ. قال أَبُو دُوَاد الإِيَادِيُّ يصفُ فَرَساً:

  أَرِبَ الدَّهْرُ فَأَعْددْتُ لَهُ ... مُشْرِفَ الحَارِك مَحْبُوكَ الكَتَدْ

  قال في «التهذيب»: أَي أَرادَ ذلك مِنَّا وطَلَبَه، وقولُهم: أَرِبَ الدَّهْرُ، كأَنَّ له أَرَباً يَطْلبُه عندنَا فَيُلحّ لذلكَ.

  وأَرِبَ الرَّجُلُ أَرَباً: أَنِسَ⁣(⁣١).

  وأَرِبَ بالشَّيْءِ: ضَنَّ بِهِ وشَحَّ.

  وأَرِبَ به: كَلِفَ وعَلِقَ ولَزِمَه قال ابنُ الرِّقَاع:

  ومَا لِأَمْرِئٍ أَرِبٍ بالحَيَا ... ةِ، عَنْهَا مَحِيصٌ وَلَا مَصْرِفُ

  أَيْ كَلِفٍ.

  وأَرِبَتْ مَعِدَتُه: فَسَدَتْ. وأَرِبَ عُضْوُه أَيْ سقَطَ، وأَرِبَ الرَّجُلُ جُذِم وتَسَاقَطَتْ آرَابُهُ، أَيْ أَعْضَاؤُه وقَدْ غَلَبَ في اليَدِ، وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُهُ، و في حَديثِ عُمَرَ ¥ «أَنَّه نَقِمَ عَلَى رَجُل قَوْلاً قَالَهُ فَقَالَ لَهُ: أَرِبْتَ عَنْ ذِي يَدَيْكَ» مَعْنَاهُ: ذَهَبَ مَا فِي يَدَيْكَ حَتَّى تَحْتَاجَ، وفي التهذيب أَرِبْتَ مِنْ ذِي يَدَيْكَ وعَنْ ذي يَدَيْكَ وقَالَ شَمرٌ: سَمعْتُ عن ابن الأَعرابيّ يقولُ: أَرِبْتَ في ذِي يَدَيْكَ، ومثلُه عن أَبِي عُبَيْدٍ، وجعلَ شيخُنا مِنْ يَدَيْك، بِمنْ الجَارَّةِ، تَحْرِيفاً مِنَ النُّسَّاخِ، وهو هكذا في التهذيب بالوَجْهَيْنِ، أَي سَقَطَتْ آرَابُكَ مِن وفي نسخة: عَن اليَدَيْنِ خَاصَّةً، وقيل: سَقَطَتْ مِنْ يَديْكَ، قال ابن الأَثِيرِ: وقَدْ جَاءَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى لِهذَا الحَدِيثِ: «خَرَرْتَ عَنْ يَدَيْكَ»، وهي عِبَارَةً عنِ الخَجَل مَشْهُورَةٌ، كأَنَّهُ أَرَادَ: أَصابَكَ خَجَلٌ⁣(⁣٣)، ومَعْنَى خَرَرْتَ: سَقطْتَ. وأَمَّا قولُهُم في الدُّعَاءِ: مَالَهُ أَرِبَتْ يَدُهُ فَقِيلَ: قُطِعَتْ، أَو افْتَقَرَ فَاحْتَاجَ إِلى مَا بِأَيْدِي النَّاسِ قاله الأَزْهريّ «وجَاءَ رَجُلٌ إِلى النبيِّ ÷ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَل يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقَالَ: أَرِبٌ مَالَهُ»⁣(⁣٤) وفي خَبَرِ ابن مَسْعُود «دَعُوا الرَّجُلَ أَرِبَ، مَالَهُ» قال ابنُ الأَعْرَابيِّ: احْتَاجَ فَسَأَل فمالَهُ. وقالَ القُتَيْبِيُّ أَيْ سَقَطَتْ أَعْضَاؤُه وأُصِيبَتْ، وقال ابنُ الأَثِيرِ: في هذِهِ اللَّفْظَةِ ثَلَاثُ رِوَايَات: إِحْدَاهَا: أَرِبَ بِوَزْنِ عَلِمَ ومَعْنَاهُ الدُّعَاءُ عَليه، كَمَا يقالُ: تَرِبَتْ يَدَاكَ، يُذْكَرُ في مَعْنَى التَّعَجُّب، ثُمَ قال: مَالَهُ، أَيْ أَيُّ شَيءٍ بِهِ وَمَا يُرِيدُ، والرّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَرَبٌ مَالَهُ. بِوَزْنِ جَمَلٍ، أَيْ حَاجَةٌ لَهُ، وَمَا زَائِدَةٌ لِلَّتَقْلِيلِ، أَيْ لَهُ حَاجَةٌ يَسِيرَةً، وقِيلَ: مَعْنَاهُ حَاجَةٌ جَاءَتْ بِهِ، فحَذَف ثُمَّ سَأَلَ فقَالَ: مَالَهُ: والرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ أَرِبٌ بِوَزْنِ كَتِفٍ، وهُوَ الحاذِقُ الكَامِلُ، أَيْ هُوَ أَرِبٌ، فَحَذَفَ المُبْتَدَأَ، ثُمَّ سَأَلَ فَقَالَ: مَا لَهُ، أَيْ مَا شَأْنُهُ، ومِثْلُهُ في حَدِيثِ المُغِيرَةِ بن عَبْدِ اللهِ عن أَبيه⁣(⁣٥).

  والأُرْبَةُ بالضَّمِّ هي العُقْدَةُ قَالَهُ ثَعْلَبَ أَوْ هِيَ الَّتِي لَا تَنْحَلُّ حَتَّى تُحَلَّ حَلًّا، وقَد يُحْذَفُ منها الهَمْزُ فَيُقَالُ رُبَةٌ، قال الشاعرُ:

  هَلْ لَك يَا خَدْلَةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ ... مُعْتَرِمٍ هَامَتُهُ كالحَبْحَبَهْ

  قال أَبو منصور: هي العُقْدَة، وأَظُنُّ الأَصلَ كَانَ الأُرْبَةَ فَحُذِفَ الهَمْزُ.

  والأُرْبَةُ: القِلَادَةُ أَيْ قِلَادَةُ الكَلْبِ التي يُقَادُ بِهَا، وكذلك الدَّابَّة، في لغَة طَيِّئٍ. والأُرْبَةُ: أَخِيَّةُ الدَّابَةِ، والأُرْبَةُ:


(١) العجز عن اللسان، وبالأصل: جمعاً تهيأ آلافاً ثمانينا.

(٢) اللسان: أيِسَ.

(٣) زيد في اللسان: أو ذمٍّ.

(٤) زيد في اللسان: معناه: أنه ذو أرب وخبرة وعلم.

(٥) تمامه في اللسان (أرب).