تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع الراء

صفحة 33 - الجزء 7

  الخاصَّةُ والبِطَانَةُ، كما سمَّاهم عَيْبَتَه وكَرِشَه. والدِّثارُ: الثَّوبُ الَّذي فَوقَ الشِّعَار، وقد سبق في مَحلِّه.

  ج أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ، الأَخِير بضمَّتَيْن ككِتَاب وكُتُبٍ، ومنه حديثُ عائشة: «أَنّه كان لا ينَامُ في شُعُرِنَا»، وفي آخَرَ: «أَنّه كانَ لا يُصَلِّي في شُعُرِنَا ولا فِي لُحُفِنَا»⁣(⁣١).

  وشَاعَرَهَا، وشَعَرَهَا ضَاجَعَهَا ونامَ مَعَهَا في شِعَارٍ واحِدٍ، فكان لها شِعَاراً، وكانت له شِعَاراً، ويقول الرَّجلُ لامْرَأَتِه: شَاعِرِينِي. وشَاعَرَتْهُ: نَاوَمَتْه في شِعَارٍ واحدٍ.

  واسْتَشْعَرَه: لَبِسَه، قال طُفَيْلٌ:

  وكُمْتاً مُدَمّاةً كأَنَّ مُتُونَهَا ... جَرَى فَوقَها واسْتَشْعَرَت لَوْنَ مُذْهَبِ

  وأَشْعَرَه غَيْرُه: أَلْبَسَه إِيّاه.

  وأَما قولُه لِغَسَلَةِ ابنَتِه حين طَرَحَ إِليهِنّ⁣(⁣٢) حَقْوَهُ «أَشْعِرْنَهَا إِيّاه»، فإِن أَبا عُبَيْدَة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعَارَهَا الذي يَلِي جَسَدَها؛ لأَنه يَلِي شَعرَها.

  ومن المَجَاز: أَشْعَرَ الهَمُّ قَلْبِي، أَي لَزِقَ بهِ كلُزُوقِ الشِّعَارِ من الثِّيَاب بالجَسَد، وأَشْعَرَ الرَّجُلُ هَمًّا كذلك.

  وكُلُّ ما أَلْزَقْتَه بشيْءٍ فقد أَشْعَرْتَه بهِ، ومنه: أَشْعَرَه سِنَاناً، كما سيأْتِي.

  وأَشْعَرَ القَوْمُ: نادَوْا بشِعَارِهِمْ، أَو أَشْعَرُوا، إِذَا جعَلُوا لأَنْفُسِهِم في سَفَرِهِم شِعَاراً، كلاهُما عن اللّحْيَانيّ.

  وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعْلَمَهَا، أَصْلُ الإِشْعَار: الإِعْلامِ، ثم اصطُلِحَ على استعمالِه في معنًى آخَرَ، فقالوا: أَشْعَرَ البَدَنَةَ، إِذا جَعَلَ فيها عَلَامَةً وهو أَن يَشُقّ جِلْدَهَا، أَو يَطْعَنَها في أَسْنِمَتِها في أَحَدِ الجانِبَيْنِ بمِبْضَعٍ أَو نَحْوِه، قيل: طَعَنَ في سَنَامِها الأَيْمَن حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ ويُعْرَف أَنّها هَدْيٌ، فهو استعارة مشهورة نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الحَقيقَةِ، أَشار إِليه الشِّهَاب في العِنَايَة في أَثناءِ البَقَرة. والشَّعِيرَةُ: البَدَنَة المَهداة، سُمِّيَتْ بذلك لأَنّه يُؤَثَّر فيها بالعَلَامَات.

  ج شَعَائِرُ، وأَنشد أَبو عُبَيْدَة:

  نُقَتِّلُهُم جِيلاً فَجِيلاً تَراهُمُ ... شَعائِرَ قُرْبَانٍ بها يُتَقَرَّبُ

  والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تُصاغُ من فِضَّةٍ أَو حَدِيدٍ على شَكْلِ الشَّعِيرَةِ تُدْخَل في السِّيلَانِ تَكُونُ مِسَاكاً لِنصَابِ النَّصْلِ والسِّكِّين. وأَشْعَرَها: جَعَلَ لها شَعِيرَةً، هذِه عبارة المُحْكَم، وأَمّا نَصُّ الصّحاح، فإِنَّه قال: شَعِيرَةُ السِّكِّينِ: الحديدَةُ التي تُدْخَل في السِّيلانِ لتكون⁣(⁣٣) مِساكاً للنَّصْل.

  وشِعَارُ الحَجِّ، بالكسر: مَناسِكُه وعَلَامَاتُه وآثَارُه وأَعمالُه، وكُلُّ ما جُعِلَ عَلَمَا لطاعَةِ اللهِ ø، كالوُقوفِ والطّوافِ والسَّعْيِ والرَّمْيِ والذَّبْحِ، وغير ذلك.

  والشَّعِيرَةُ والشَّعَارَةُ، ضَبَطُوا هذه بالفتْح، كما هو ظاهرُ المصَنّف، وقيل: بالكَسْر، وهكذا هو مضبوطٌ في نُسخةِ اللِّسَان، وضَبطَه صاحبُ المِصْبَاح بالكسرِ أَيضاً، والمَشْعَرُ، بالفَتْح أَيضاً مُعْظَمُهَا، هكذا في النسخ، والصوابُ مَوْضِعُها، أَي المناسك.

  قال شيخُنا: والشَّعَائرُ صالِحَةٌ لأَن تكونَ جَمْعاً لشِعَارٍ وشِعَارَة، وجَمْعُ المَشْعَرِ مَشَاعِرُ.

  وفي الصّحاحِ: الشَّعَائِرُ: أَعمالُ الحَجِّ، وكُلُّ ما جُعِل عَلَماً لطاعَةِ الله ø، قال الأَصمَعِيّ: الوَاحِدَةُ شَعِيرَةٌ، قال: وقال بعضُهُمْ: شِعَارَةٌ.

  والمَشَاعِرُ: مَواضِعُ المَنَاسِكِ.

  أَو شَعائِرُه: مَعالِمُه التي نَدَبَ الله إِلَيْهَا، وأَمَرَ بالقِيَام بِهَا، كالمَشاعِرِ، وفي التنزيل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ}⁣(⁣٤).

  قال الفَرّاءُ: كانت العَرَبُ عامَّةً لا يَرَوْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ من الشَّعائِر، ولا يَطُوفونَ بينُهما، فأَنزَل الله تعالَى ذلِك، أَي لا تسْتَحِلُّوا تَرْكَ ذلِك.


(١) بعدها في النهاية: إنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكونه أصابها شيء من دم الحيض، وطهارة الثوب شرط في صحة الصلاة بخلاف النوم فيها.

(٢) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «إليهم».

(٣) عن الصحاح وبالأصل «فتكون».

(٤) سورة المائدة الآية ٢.