فصل الهمزة مع الباء
  وقِيلَ: الأَوْبُ جَمْعُ آيِب يقال: رَجُلٌ آيِبٌ مِنْ قَوْمٍ أَوْب، ويقال: إِنه اسمٌ للجَمْع، كالأُوَّاب والأُيَّابِ بالضَّمِّ والتَّشْدِيدِ فيهِما.
  ورَجُلٌ أَوَّابٌ: كَثِيرُ الرُّجُوع إِلى اللهِ تعالى مِنْ ذَنْبِهِ. والأَوَّابُ: التَّائِبُ. في لسان العرب: قال أَبُو بَكْرٍ: في قولهم رَجُلٌ أَوَّابٌ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ، تَقَدَّمَ مِنْهَا اثْنَانِ(١)، والثَّالِثُ المُسَبِّحُ قاله سَعِيدُ ابن جُبَيْرٍ، والرَّابعُ المُطِيعُ، قالَه قَتَادَةُ، والخَامِسُ: الذي يَذْكُر ذَنْبَه فِي الخَلاءِ فَيَسْتَغْفِرُ الله مِنْهَ، والسَّادِسُ الحَفِيظُ، قَالَهُمَا عُبيْدُ بنُ عُميْرٍ، والسابع الذي يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوب ثم يُذْنِبُ ثم يَتُوبُ(٢)، قُلْتُ: ويُرِيدُ بالمُسبِّح: صلَاةَ الضُّحَى(٣) عنْدَ ارْتفَاعِ النَّهَارِ وشِدَّة الحرِّ، ومنه صَلاةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ.
  وآبَهُ اللهُ: أَبْعَدَهُ، دُعَاءٌ عليه، وذلك إِذا أَمرْتَه بِخُطَّه فَعصَاكَ ثُمَّ وقَعَ فِيمَا يَكْرَهُ(٤) فأَتَاكَ فأَخْبَرَكَ بذلكَ، فعنْدَ ذلك تَقُولُ لَهُ: آبَكَ الله، وأَنشد:
  فَآبَكَ هَلَّا واللَّيَالِي بِغِرَّةٍ ... تُلِمُّ وفِي الأَيَّام عَنْكَ غُفُولُ
  ويُقَالُ لِمَنْ تَنْصَحُهُ وَلَا يَقْبَلُ ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه مِنْهُ: آبَكَ، وكذلك آبَ لَكَ، مِثْل ويَلَكَ.
  وائْتَابَ(٥) مِثْلُ آبَ، فَعَلَ وافْتَعلَ بمعْنًى قال الشِاعر:
  ومَنْ يَتَّقْ فإِنَّ الله مَعْهُ ... وَرِزْقُ اللهِ مُؤْتَابٌ وغَادي
  وقَال سَاعِدَةُ بنُ العَجْلَانِ:
  أَلَا يا لَهْفَ أَفْلَتَنِي خُصَيْبُ ... فَقَلْبِي منْ تَذَكُّرِه بَليدُ(٦)
  فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حِينَ أَرْمِي ... لآبَكَ مُرْهَفٌ مِنْهَا حَدِيدُ
  يَجُوزُ أَنْ يكونَ آبَكَ مُتَعَدِّياً بِنَفْسِهِ أَي جَاءَكَ مُرْهَفٌ، ويجوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ آبَ إِلَيْكَ، فَحَذَفَ وَأَوْصَلَ.
  وَآبتِ الشَّمْسُ تَؤُوبُ إِيَاباً وأُيُوباً، الأَخِيرَةُ عن سيبويهِ، أَيْ غَابَتْ في مَآبِهَا أَيْ في مَغِيبِهَا كَأَنَّها رَجَعَتْ إِلى مَبْدَئِهَا، قال تُبَّعٌ:
  فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ مَآبهَا ... فِي عَيْنِ ذي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ
  وقال آخر:
  يُبَادِرُ الجَوْنَةَ أَنْ تَؤُوبَا
  وفي الحَدِيثِ: «شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الوُسْطَى حَتّى آبَتِ الشَّمْسُ، مَلأَ اللهُ قُلُوبَهُمْ نَاراً» أَي غَرَبَتْ، مِنَ الأَوْبِ: الرُّجُوع، لأَنَّهَا تَرْجِعُ بالغُرُوبِ إِلى المَوْضِع الذي طَلَعَتْ منه. وفي لسان العرب: ولو استُعْمل ذلك في طُلُوعها لكان وَجْهاً، لكنه لم يُسْتَعْمَل.
  وتَأَوَّبَه وَتَأَيَّبَهُ، على المُعَاقَبَةِ: أَتاهُ لَيْلاً، والمَصْدَرُ المِيميّ القِيَاسِيُّ المُتَأَوَّبُ والمُتَأَيَّبُ كِلَاهُما على صيغَة المَفْعُولِ.
  وفُلانٌ سَريعُ الأَوْبَةِ، وقَوْمٌ يُحَوِّلُونَ الوَاوَ يَاءً فيقُولُون(٧) سَرِيعُ الأَيْبَةِ، وأُبْتُ إِلى بَنِي فلان وتَأَوَّبْتُهُم إِذا أَتَيْتَهُم لَيْلَا، كذا في الصحاح، وتَأَوَّبْتُ، إِذا جِئْتُ أَوَّلَ اللَّيْل فأَنَا مَتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ. وائْتَبَبْتُ المَاءَ: من بَابِ الافْتِعَالِ مثل أُبْتُه وتَأَوَّبْتُه: وَرَدْتُه لَيْلاً قال الهُذَلِيّ:
  أَقَبَّ رَبَاع بِنُزْهِ الفَلَا ... ةِ لَا يَرِد المَاءَ إِلَّا ائْتِيَابَا
  وَمَنْ رَوَاهُ «انْتِيَابَا» فَقَدْ صحَّفَهُ.
  وأَوِبَ كفَرِحَ: غضِب، وأَوْأَبْته مثالُ أَفْعَلْتُه، نقله الصَّاغانيّ.
(١) هما - عن اللسان: الأواب: الراحم، والأواب: التائب.
(٢) قاله: سعيد بن المسيب (اللسان).
(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ويريد بالمسبح صلاة الضحى كذا بخطه ولعله على تقدير مصلى صلاة الضحى اه».
(٤) اللسان: تكره.
(٥) اثتاب بوزن اغتاب كما في المختار، قال: وفي أكثر النسخ «واتأب» مضبوط بتشديد وهو من تحريف النساخ إلى آخر ما قبله.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله خصيب كذا بخطه بالخاء المعجمة والذي في التكملة حصيب بالحاء المهملة فليحرر.
(٧) عن الصحاح، وبالأصل «فيقول» وبهامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه والذى في الصحاح فيقولون».