تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أنب]:

صفحة 307 - الجزء 1

  التنزيل {إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ}⁣(⁣١) بالتَّشْدِيدِ، قَالَهُ الزَّجَّاج، وهو فِيعَالٌ، مِنْ أَيَّبَ فَيْعَلَ مِنْ آبَ يَؤُوبُ، والأَصل إِيواباً، فأُدْغِمَتِ اليَاءُ في الوَاوِ وانْقَلَبَتِ الواوُ إِلى اليَاءِ، لأَنَّها سُبِقْت بسُكُونٍ، وقال الفرّاءُ: هو بتخفيف الياء، والتشديدُ فيه خَطَأٌ، وقال الأَزهَرِيّ: لَا أَدْرِي مَنْ قَرَأَ إِيَّابَهُمْ بالتَّشْدِيدِ، والقُرَّاءُ علَى «إِيابَهُمْ» بالتَّخْفِيف، قُلْتُ التَّشْدِيدُ نَقَلَه الزَّجَّاج عن أَبِي جعْفرٍ، وقال الفراءُ: التَّشْدِيدُ فيه خَطَلٌ، نقله الصاغانيُّ.

  والأَوْبَةُ والأَيْبَةُ، على المُعَاقَبَةِ، والإِيبَةُ بالكسر، عن اللحيانيّ. والتَّأْوِيبُ والتَّأْبِيب والتَّأَوُّبُ والإِئتيابُ من الافْتَعَال كما يأْتي: الرُّجُوعُ، وآبَ إِلى الشَّيْءِ رَجَعَ، وَأَوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه: رَجَع، وآبَ الغَائِبُ يَؤُوبُ مَآباً: رَجَعَ، ويقال: لِيَهْنِكَ⁣(⁣٢) أَوْبَةُ الغَائِب، أَيْ إِيَابُه، وفي الحَدِيثِ «آيِبُونَ تَائِبُون» هو جَمْعُ سَلَامَة لِآيبٍ، وفي التنزيل {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ}⁣(⁣٣) أَيْ حُسْنَ المَرْجِع الذي يَصيرُ إِليه في الآخِرَةِ، قال شَمِرٌ: كلُّ شيءٍ رَجَع إِلى مَكَانِه فقد آبَ يَؤُوب فهو آيِبٌ، وقَالَ تعَالَى: {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ}⁣(⁣٤) أَيْ رَجِّعِي التَّسْبيحَ مَعَه وقرِئَ «أُوبِي» أَي عُودِي مَعَهُ في التَّسْبِيح كُلَّمَا عَادَ فيه.

  والأَوْبُ السحَابُ، نقله الصاغانيُّ و: الرَّيحُ نقله الصاغانيّ أَيضاً و: السُّرْعَةُ. وفي الأَسَاس: يقال للمُسْرِع في سَيْرِه: الأَوْب أَوْبُ نَعَامةٍ⁣(⁣٥).

  والأَوْبُ: رَجْعُ القَوَائِمِ، يقال: مَا أَحْسَنَ أَوْبَ ذِرَاعَيْ⁣(⁣٦) هذه النَّاقَةِ، وهو رَجْعُهَا قَوَائِمَهَا فِي السَّيْرِ، وَمَا أَحْسَنَ أَوْبَ يَدَيْهَا، ومنه نَاقَةٌ أَوُوبٌ، على فَعُول، والأَوْبُ: تَرْجِيعُ الأَيَادِي⁣(⁣٧) والقَوَائِمِ، قال كعبُ بنُ زُهَيْر:

  كَأَنَّ أَوْبَ ذرَاعَيْهَا وَقَد عَرِقَتْ ... وقَدْ تَلَفَّعَ بالقُورِ العَسَاقِيلُ

  أَوْبُ يَدَيْ فَاقد شَمْطَاءِ مُعْولَةٍ ... نَاحَتْ وجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ⁣(⁣٨)

  والأَوْبُ: القَصْدُ والعَادَة والاسْتِقَامَةُ ومَا زَالَ ذلكَ أَوْيَهُ، أَيْ عَادَتَه وهِجِّيراهُ والأَوْبُ: جَمَاعَةٌ النَّحْلُ وهو اسْمُ جَمْعٍ، كَأَنَّ الوَاحِدَ آيِبٌ قال الهُذَلِيُّ:

  رَبَّاءُ شَمَّاءُ لَا يَدْنُو لِقُلَّتِهَا ... إِلَّا السَّحَابُ وإِلَّا الأَوْبُ والسَّبَلُ

  وقال أَبُو حَنِيفَةَ: سُمِّيَتْ أَوْباً لإِيَابِهَا إِلى المَبَاءَة، قال: وهي لا تَزَالُ في مَسَارِحِهَا ذَاهِبَةً ورَاجِعَةً، حتى، إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّهَا حتى لا يَتَخَلَّفَ منها شيءٌ.

  والأَوْبُ: الطَّرِيقُ والجِهةُ والنَّاحِيَةُ، وجاءُوا مِنْ كُلِّ أَوْب أَيْ مِنْ كُلِّ طَرِيق وَوَجْه ونَاحِيَةٍ، وقيل، أَيْ مِنْ كُلّ مَآب ومَسْتَقَرٍّ، وفي حديث أَنَس «فآبَ إِلَيْهِ نَاسٌ» أَي جَاءُوا إِليه من كُلِّ ناحِيَة. والأَوْبُ: الطَّرِيقَةُ، وكُنْت عَلَى صَوْبِ فلانٍ وَأَوْبِه أَيْ عَلَى طَرِيقَتِه، كَذَا في الأَسَاسِ. ومَا أَدْرِي في أَيِّ أَوْب⁣(⁣٩)، أَي طَرِيقٍ أَو جِهَةٍ أَو نَاحِيَةٍ أَو طَرِيقة، وقال ذو الرُّمّة يَصِفُ صَائِداً رَمَى الوَحْشَ:

  طَوَى شَخْصَه حَتَّى إِذَا مَا تَوَدَّقَتْ ... عَلَى هِيلَةٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ تُهَالُهَا

  عَلَى هِيلَةٍ أَيْ فَزَعٍ من كُلِّ أَوْبٍ أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْه، ورَمَى أَوْباً أَوْ أَوْبَيْنِ، أَيْ وَجْهاً أَوْ وَجْهَيْنِ، وَرَمَيْنَا أَوْباً أَوْ أَوْبَيْنِ، أَيْ رَشْقاً أَوْ رَشْقَيْنِ، وسيأْتي في نَدَبَ.

  والأَوْبُ: وُرُودُ المَاءِ لَيْلاً أُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُهُ، إِذَا وَرَدْتَهُ لَيْلاً، والآيِبَةُ: أَنْ تَرِدَ الإِبِلُ المَاءَ كُلَّ لَيْلَةٍ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابيّ:

  لَا تَردِنَّ المَاءَ إِلَّا آيِبَهْ ... أَخشَى علَيك معْشَراً قَرَاضِبَهْ

  سُودَ الوُجُوهِ يَأْكُلُونَ الآهِبَهْ


(١) سورة الغاشية الآية ٢٥.

(٢) اللسان: ليهنئك.

(٣) سورة ص الآية ٢٥ والآية ٤٠.

(٤) سورة سبأ الآية ١٠.

(٥) عن الأساس، وبالأصل: الأوب الأوب.

(٦) اللسان: دواعي.

(٧) اللسان والمقاييس: الأيدي.

(٨) كذا أنشد البيتان متتاليين بالأصل وفي اللسان، وفي شرح البردة لابن هشام ص ٦٤ - ٦٦ بينهما بيتان معترضان هما:

يوما يظل به الحرباء مصطخدا ... كأن صاحبه بالشمس مملول

وقال للقوم حاديهم وقد جعلت ... ورق الجنادب يركضن الحصى قيلوا

(٩) الأساس: وما يدري في أي أوب هو.