[ضمر]:
  وأَضْمَرَتِ الأَرْضُ الرَّجُلَ، إِذا غَيَّبَتْه إِمّا بسَفَرٍ أَو بِمَوْتٍ، وهو مَجَازٌ، قال الأَعْشَى:
  أَرَانَا إِذَا أَضْمَرَتْكَ البِلَا ... دُ نُجْفَى وتُقْطَعُ مِنَا الرَّحِمْ(١)
  أَرادَ: إِذا غَيَّبَتْكَ البلادُ.
  وقَضِيبٌ ضامِرٌ ومُنْضَمِرٌ، وقد انْضَمَر، إِذا ذَهَبَ ماؤُه.
  وقال الجَوْهَرِيّ: ضَمَّرَ الخَيْلَ تَضْمِيراً: علَفَهَا حتّى تَسْمَن، ثمّ رَدَّهَا إِلى القُوت بعْدَ السِّمَنِ فاضْطَمَرَت، وذلك في أَربعينَ يوماً، وهذه المُدَّة تُسمّى المِضْمار، كأَضْمَرَها.
  وقال أَبو منصور: تَضْمِيرُ الخَيْلِ: أَن تُشَدَّ عليها سُرُوجُها، وتُجَلَّلَ بالأَجِلَّةِ، حتّى تَعْرَقَ تحتَها فيذْهَبَ رَهَلُهَا، ويَشتدّ لَحْمُهَا، ويُحْمَل عليها غِلْمَانٌ خِفَافٌ يُجْرُونَهَا(٢)، ولا يُعَنِّفُون بها، فإِذا(٣) فُعِل ذلك بها أُمِنَ عليها البُهْرُ الشديدُ عند حُضْرِهَا(٤)، ولم يقْطَعْها الشَّدُّ، قال: فذلك التَّضْمِيرُ الذي شاهَدْتُ العرَبَ تَفْعَلُه، يُسَمُّونَ ذلك مِضْماراً، وتَضْميراً.
  والمِضْمارُ: المَوْضِعُ تُضْمَرُ(٤) فيهِ الخَيْل، ويكون المِضْمارُ غَايَة ووَقْتاً للأَيَّام التي يُضَمَّرُ فيها الفَرَس للسِّباقِ(٥)، أَو للرَّكضِ على العَدُوّ، جمعه مَضَامِيرُ.
  والمُضَمِّرُ: الذي يُضَمِّرُ خيلَه لغَزْوٍ أَو سِباقٍ، وفي حديث حُذَيْفَة: «أَنّه خَطَبَ فقال: اليومَ المِضْمَارُ(٦)، وغَداً السَّبَاقُ، والسّابِقُ من سَبَقَ إِلى الجَنَّةِ» قال شَمِر: أَرادَ أَنّ اليومَ العَمَل في الدّنيا للاستِبَاقِ إِلى الجَنَّة، كالفَرَسِ يُضَمَّرُ قبلَ أَنْ يُسَابَقَ عليه. ويُرْوَى هذا الكَلامُ لعليٍّ ¥.
  ومن المجاز: لُؤْلُؤٌ مُضْطَمِرٌ، أَي مُنْضَمٌّ، وأَنشد الأَزهرِيُّ بيتَ الرّاعِي:
  تَلأْلأَتِ الثُّرَيّا واسْتَنارَتْ ... تَلأْلُؤَ لُؤْلُؤٍ فيه اضْطِمارُ(٧)
  وقيل: لُؤْلُؤٌّ مُضْطَمِرٌ: في وَسَطِه بعضُ انْضِمام.
  وتَضَمَّرَ وَجْهُه: انْضَمَّتْ جِلْدَتُه هزُالاً، نقله الصاغانيّ، وابنُ مَنْظُور.
  والإِضمارُ: الاسْتِقْصَاءُ، نقله الصّاغانِيّ.
  والإضْمَارُ في اصطِلاحِ العَرُوضِيِّين: إِسْكانُ التّاءِ مِنْ مُتَفَاعِلُنْ فى الكامِلِ حتَّى يصير مُتْفاعِلُنْ، وهذا بناءٌ غيرُ معقول، فنقل إِلى بناءٍ مَقُولٍ مَعْقُولٍ، وهو مُسْتَفْعِلُنْ، كقول عَنْتَرَة:
  إِنّي امْرُؤٌ من خَيْرِ عَبْسٍ مُنْصِباً ... شَطْرِي وأَحْمي سائِرِي بالمُنْصُلِ
  فكلّ جزءٍ من هذا البيت «مُسْتَفْعِلُنْ» وأَصله في الدائرة «مُتَفَاعِلُنْ».
  وكذلك تسكينُ العَيْنِ من فَعِلاتُنْ فيه أَيضاً فيبقى فَعْلاتُنْ فينقلْ في التقطيع إِلى مَفْعُولُنْ، وبيتُه قول الأَخطل:
  ولقدْ أَبِيتُ من الفَتَاةِ بمَنْزِلٍ ... فأَبِيتُ لا حَرِجٌ ولا مَحْرُومُ
  وإِنما قيل له: مُضْمَر؛ لأَن حَرَكَتَه كالمُضْمَر، إِنْ شِئْت جئتَ بها وإِن شئتَ سكَّنْته، كما أَن أَكثرَ المُضْمَر في العَرَبيّة إِن شِئْتَ جِئْتَ به، وإِن شئتَ لم تَأْتِ به.
  والضِّمَارُ، ككِتَاب، من المالِ: الذي لا يُرْجَى رَجُوعُهُ، وقال أَبو عُبَيْدٍ: المَالُ الضِّمارُ: هو الغائِبُ الذي لا يُرْجَى، فإِذا رُجِيَ فليس بِضمارٍ، من أَضْمَرْت الشيْءَ، إِذا غَيَّبْتَه، فِعَالٌ بمعنى فاعِلٍ، أَو مُفْعَل، قال: ومثلُه في الصِّفاتِ ناقَةٌ كِنَازٌ(٨).
  والضِّمَارُ من العِدَاتِ - جمع عِدَةٍ، وهي الوَعْدُ -: ما كانَ ذا تَسْويفٍ، وفي التهذيب: عن تَسْوِيفٍ(٩). يقال:
  عَطاءٌ ضِمَارٌ، وعِدَةٌ ضِمَارٌ: لا يُرْتَجَى.
(١) بالأصل: «تخفى وتقطع منك الرحم» وما أثبت عن اللسان والأساس وقد نبه إِلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية. وفي التهذيب: تجفى.
(٢) التهذيب: «يجرونها البردين» وسقطت «البردين» من اللسان.
(٣) العبارة في التهذيب المطبوع: فإذا ضمِّرت واشتدت لحومها أمن عليها القطع عند حُضْرها.
(٤) في التهذيب واللسان: «تُصَمَّرُ».
(٥) في القاموس: في السِّبَاقِ.
(٦) عن النهاية واللسان، وبالأصل «مضمر» وفي التهذيب: «اليوم مضمار».
(٧) ملحق ديوانه ص ٣٠٥ وفيه وفي التهذيب: فاستنارت.
(٨) عن اللسان، وبالأصل «كبار».
(٩) في التهذيب «ذا تسويف» كالقاموس. وفي اللسان: «عن».