[عذر]:
  وأَعْذَرَ: قَصَّرَ ولَمْ يُبَالِغْ وهو يُرِي أَنّه مُبَالِغٌ.
  وأَعْذَرَ: فيه: بالَغَ وجَدَّ، كأَنَّهُ ضِدٌّ، وفي الحديثِ: «لَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلى مَنْ بَلَغَ مِنَ العُمْرِ سِتِّينَ سَنَةً» أَي لم يُبْقِ فيه مَوْضعاً للاعْتِذَارِ حيثُ أَمْهَلَهُ طُولَ هذِه المُدَّةِ، ولم يَعْتَذِرْ.
  يقال: أَعْذَرَ الرَّجُلُ، إِذا بَلَغ أَقْصَى الغَايَةِ في العُذْرِ، وفي حديثِ المِقْدادِ: «لقد أَعْذَرَ الله إِليك»، أَي عَذَرَك وجَعَلَكَ مَوْضِعَ العُذْرِ، فأَسقَطَ عنك الجِهَادَ، وَرَخّصَ لك في تَرْكه؛ لأَنّه كان قد تَنَاهَى في السِّمَنِ وعَجَز عن القِتَال.
  وفي حديثِ ابنِ عُمَرَ: «إِذَا وُضِعَت المائِدَةُ فلْيَأْكُل الرّجُلُ ممّا عنْدَه، ولا يَرْفَعْ يَده، وإِنْ شَبعَ، وليُعْذِرْ؛ فإِنّ ذلك يُخَجِّلُ جَلِيسَه»، الإِعذار: المُبَالَغَةُ في الأَمْرِ، أَي لِيُبَالغْ في الأَكل مثْل الحَدِيثِ الآخَر: «أَنّه كانَ إِذَا أَكَلَ مع قَوْمٍ كان آخِرَهُم أَكْلاً»(١).
  وأَعْذَرَ الرَّجلُ إِعْذاراً، إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُه وعُيُوبُه، وصار ذا عَيْب وفَسادٍ، كعَذَرَ يَعْذِرُ، وهما لُغَتَان، نقلَ الأَزْهَرِيُّ الثانِيَةَ عن بعضِهِم، قال: ولم يَعْرِفْهَا الأَصْمَعِيُّ، قال: ومنه قولُ الأَخْطَلِ:
  فإِن تَكُ حَرْبُ ابْنَيْ نِزَارٍ تَوَاضَعَتْ ... فقد عَذَرَتْنَا في كِلابٍ وفي كَعْبِ
  ويُرْوَى «أَعْذَرَتْنَا»، أَي جَعَلَتْ لنا عُذْراً فيما صنَعْناهُ، ومنه قولُه ﷺ: «لَنْ يَهْلِكَ النّاسُ حتّى يَعْذِرُوا من أَنْفُسِهِمْ»، يقال: أَعْذَرَ من نَفْسِهِ، إِذَا أَمْكَنَ مِنْهَا، يَعْنِي أَنّهم لا يَهْلِكُون حتى تكثُرَ ذُنُوبُهم وعُيُوبُهم، فَيُعْذِرُوا من أَنْفُسِهِمْ ويسْتَوْجِبُوا العُقُوبَة، ويكون لمن يُعَذِّبُهُم عُذْرٌ، كأَنَّهُم قَامُوا بِعُذْرِهِ في ذلك، ويُرْوَى بفتح الياءِ من عَذَرْتُه، وهو بمعْنَاه، وحقيقةُ عَذَرْتُ: مَحَوْتُ: الإِسَاءَةَ وطَمَسْتُهَا، وهذا كالحَدِيث الآخَر: «لَنْ يَهْلِكَ علَى الله إِلّا هَالِكٌ» وقد جَمَعَ بينَ الرِّوايتَيْن ابنُ القَطّاعِ في التَّهْذِيب فقال: وفي الحَدِيثِ: «لا يَهْلِكُ النّاسُ حَتّى يُعْذِرُوا من أَنْفُسِهِم» ويَعْذِرُوا. وأَعْذَرَ الفَرَسَ إِعْذَارَاً: أَلْجَمَهُ، كعَذَرَه وعَذَّرَه.
  أَو عَذَّرَه: جَعَلَ له عِذَاراً لا غير، وأَعْذَر اللِّجَامَ: جَعَلَ له عِذَاراً.
  وأَعْذَرَ الغُلَامَ إِعْذَاراً: خَتَنَه وكذلك الجارِيَةَ، كعَذَرَهُ يَعْذِرُه عَذْراً، وهو مَجاز، قال الشاعرُ:
  في فِتْيَة جَعَلُوا الصَّلِيبَ إِلَا هَهُمْ ... حاشَايَ إِنّي مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
  والأَكْثَرُ خَفَضْتُ الجَارِيَةَ، وقال الرّاجِزُ:
  تَلْوِيَةَ الخَاتِنِ زُبَّ المَعْذُور(٢)
  وفي الحديثِ «وُلِدَ رسولُ الله ﷺ مَعْذُوراً مَسْرُوراً»، أَي مَخْتُوناً مَقْطُوعَ السُّرَّةِ، وفي حديث آخَرَ: «كُنَّا إِعْذَارَ عامٍ واحِد»، أَي خُتِّنَا في عام واحد، وكانوا يُخْتَنُونَ لِسِنٍّ معلومَةٍ، فيما بينَ عَشْرِ سنِين وخَمْسَ عَشْرَةَ.
  ومن المَجَاز: أَعْذَرَ للقَوْمِ، إِذا عَمِلَ لَهُمْ طَعَامَ الخِتَانِ وأَعَدّه، وفي الحَدِيثِ «الوَلِيمَةُ في الإِعْذَارِ حَقٌّ». وذلك الطَّعامُ هو العِذَارُ، والإِعْذَارُ، والعَذِيرَةُ، والعَذِيرُ، كما سيأْتي، وأَصْل الإِعْذَارِ: الخِتَانُ، ثم استُعْمِل في الطَّعَامِ الذي يُصْنَع في الخِتَانِ.
  وأَعْذَرَ: أَنْصَفَ، يقال: أَمَا تُعْذِرُنِي مِنْ هذا؟ بمعْنَى أَمَا تُنْصِفُنِي منه، ويقال: أَعْذِرْنِي من هذا، أَي أَنْصِفْنِي منه، قاله خالدُ بنُ جَنْبَة.
  ويُقَال: أَعْذَرَ فُلَاناً في ظَهْرِهِ بالسِّيَاطِ، إِذَا ضَرَبَه فَأَثَّرَ فيهِ(٣)، قال الأَخْطَلُ:
  يُبَصْبِصُ والقَنَا زُورٌ إِلَيْهِ ... وقَدْ أَعْذَرْنَ في وَضَحِ العِجَانِ(٤)
  وأَعْذَرَتِ الدّارُ: كَثُرَتْ فيهِ هكذا في النُّسخ، والصواب «كثُرَ فِيهَا العَذِرَةُ، وهي الغَائطُ الذي هو السَّلْحُ، هكذا في
(١) بعدها في النهاية: وقيل: إنما هو «وليُعَذِّر» من التعذير: التقصير، أي ليقصر في الأَكل ليتوفر على الباقين وليُرَ أنه يبالغ.
(٢) في التهذيب:
تلوية الخاتن زُبّ المُعذَر
(٣) زيد في التهذيب: شتمه فبالغ في شتمه حتى أثّر به فيه. وقال الأخطل ..
(٤) ديوانه ١٩٢ من قصيدة يهجو بني جعدة.