تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تخرب]:

صفحة 320 - الجزء 1

  وتَجُوبُ: قَبِيلَةٌ مِنْ حِمْيَرَ منْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلْجَم الشَّقِيُّ المُرَادِيُّ الحِمْيَرِيُّ التَّجُوبِيُّ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ حِمْيَر قَاتِلُ أَمِيرِ المُؤْمنينَ عَليِّ بنِ أَبِي طَالِب ¥، وغَلِطَ الجَوْهريُّ فَحَرَّفَ بَيْتَ الوَليدِ بنِ عُقْبَة السَّكُونِيِّ⁣(⁣١):

  أَلَا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ ... قَتِيلُ التُّجِيبِيّ الّذي جَاءَ مِنْ مُضَر

  وأَنْشَدَه الجوهريُّ قَتيلُ التَّجُوبيّ، ظَنًّا منه أَنَّ الثَّلَاثَةَ هُم الخُلَفَاءُ، وإِنَّمَا هُم أَي الثَّلَاثَة النبيُّ ÷ والعُمَرَانِ: الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ والفَارُوقُ، ®، قال ابنُ فارس في المجمل: وقول الكُمَيْت: قَتِيلُ التَّجُوبيِّ هو ابنُ مُلْجَمٍ، وكان من وَلَدِ ثَوْرِ بنِ كنْدَةَ، فَرَوَى الكَلْبِيُّ أَنَّ ثَوْراً هذا أَصَابَ دَماً في قَوْمِه، فَوَقَع إِلى مُرَاد فقال: جِئتُ أَجُوب إِليكم الأَرْضَ، فسُمِّيَ تَجُوب.

  والتُّجِيبِيُّ: قَاتِلُ عُثْمَانَ، وهو كِنَانَةُ بن فلان، بَطْنٌ لهُمْ شَرَفٌ، وليست التَّاءُ فيهما أَصليّةً، انتهى، فالجوهريّ تَبعَ ابنَ فارسٍ فيما ذهب إِليه، مع موافقته لرأْي أَئمة الصَّرْفِ، فلا وهَمَ ولا غَلَطَ. مع أَن المؤلف ذكر القَبِيلَتَيْن في ج وب، غير مُنَبِّه عليه، ورأَيتُ في حاشيةِ كتاب القاموس بخطِّ بعضِ الفضلاء، عند إِنشاد البيتِ المتقدم ذِكْرُه ما نصّه: قال الشيخ محمد النّوَاجِيّ: كذا ضَبَطه المصنفُ بخطّه «مُضَر» بضادٍ مُعْجمَة، كعُمَرَ، وصوابه «مِصْرِ» بِمُهْملَة، كقِدْر، والقَافِيَةُ مَكْسُورَةٌ لأَن بعدَه:

  ومَا لِيَ لَا أَبْكِي وتَبْكِي قَرَابَتِي ... وقَدْ غَيَّبُوا عَنَّا فُضُولَ أَبِي عَمْرِو

  وكذا رواهُ المَسْعُودِيُّ في مُرُوجِ الذَّهَبِ، لكن نَسَبَها لنَائِلَةَ بنتِ الفَرَافِصَةِ بنِ الأَحْوصِ الكَلْبَيَّة زَوْجِ عُثمَانَ، وكذَا رأَيْتُهُ بحاشية بخَطِّ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ شَيْخِ أَبِي حَيَّانَ على حاشية ابن بَريّ على الصّحَاح، نقلاً عن أَبِي عُبَيْدٍ البَكرِيِّ في كِتَابه «فَصْل المَقَالِ في شَرْح الأَمْثَالِ» لِأَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلام، انتهى.

  قُلت: وَكَوْنُ الإِنْشَادِ لِنَائِلَةَ الْكَلْبَيَّة هُوَ الأَشْبَهُ، وقوله في البَيْتِ الأَخِيرِ: «فُضُول أَبِي عَمْرِو» يَعْضَدُ مَا ذَهَبَ إِليه المُؤَلِّفُ، فإِنّه كُنْيَةُ ثَالثِ الخُلَفَاءِ، ونسْبَتُه أَي الجَوْهَرِيِّ البَيْتَ السَّابِقَ إِلى أَبِي المُسْتَهِلِّ الكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ وَهَمٌ من الجوهَرِيّ أَيضاً⁣(⁣٢). قَد تقدم أَنه تَبِعَ ابنَ فارس في المُجْمَل. هنا أَيْ مادة «ت ج ب» وضعه الإِمَامُ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَد في كِتَابِه العَيْنِ، وقد تَقَدَّم أَنَّهم تَعَقَّبُوهُ وَغَلَّطُوهُ في ذلك.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  تُجِيبُ، بالضَّمِّ: مَحَلَّةٌ بِمصْرَ، اسْتَدْرَكَه شيخُنَا نقلاً عن المراصد ولُبِّ اللبَابِ.

  قلْتُ: وهِيَ خِطَّةٌ قَدِيمةٌ نسِبَتْ إِلى بَنِي تُجِيبَ، ذَكَرها ابنُ الجَوَّانِيِّ النَّسَّابَةُ، والْمقْرَيزِيُّ في الخطَط.

  وقال ابنُ هِشَام: التُّجِيبُ: عُرُوقُ الذَّهَبِ، هكذَا نَقَلَه المَقَّرِيُّ، ورأَيْته بخَطِّه، قال: وفي ذلك يقُولُ أَبُو الحَجَّاجِ الطُّرْطُوشِيُّ يُخَاطبُ التُّجِيبِيَّ صَاحِبَ الفِهْرِسْتِ:

  لِي فِي التُّجيبِيِّ حُبٌّ مُبْرمُ السَّبَبِ ... جَعَلْتُهُ لِمَفَازِ الحَشْرِ مِنْ سَبَبِي

  نعْمَ الحَبِيبُ حَوَى المَجْدَ الَّذِي خَلَصَتْ ... لَهُ جَوَاهِرُهُ مِنْ مَعْدِنِ الحَسَبِ

  مَا كُنْتُ أَحْسَبُ مجْداً فِي أُرُومَتِه ... يَكُونُ مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ أَوْ ذَهَبِ

  حَتَّى رَأَيْتُ «تُجِيباً» قِيلَ فِي ذهَبٍ ... وفضَّةٍ لُغَةً فِي أَلْسُنِ العَرَبِ

  قَالُوا التُّجِيبَةُ يُعْنُونَ السَّبِيكَةَ مِن ... عَالِي اللُّجَيْنِ فَقُلْ فِيهَا كَذَا تُصِبِ

  كذَا العُرُوقُ مِنَ العِقْيانِ قِيلَ لَها ... هُوَ التُّجِيبُ رَوَى هذَا أُولُو الأَدَبِ

  يَا حَائِزَ المَعْدِنَيْنِ الأَشْرَفَيْنِ لَقَد ... بَاءَا بِأَطْيَبِ ذَاتٍ طَيِّبِ النَّسَبِ

  [تخرب]: التَّخْرَبُوتُ بالفَتْحِ والمُثْنَّاةِ في آخره، كَذَا في نُسْخَتِنَا، وهو الذي جَزَمَ به أَبُو حيَّانَ وغيرُه، وعليه جرى العَلَمُ السَّخَاوِيُّ في سِفْر السَّعَادة فَقَالَ: تَخْرَبُوتٌ، قال


(١) كذا، وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو أخو عثمان لأمه، وهو قرشي وليس سكونياً.

(٢) البيت مما ينسب للكميت ولغيره، انظر شعره ٣/ ١٨.