فصل التاء المثناة الفوقية من باب الموحدة
  شَجَرَةٌ شَاكَةٌ وثَمَرَتُهَا كأَنَّهَا بُسْرَةٌ مُعَلَّقَةُ، مَنْبتُهَا السَّهْلُ والحَزْن(١) وتِهَامَةُ، وقال أَبو حنيفةَ: التَّرِبَةُ خَضْرَاءُ تَسْلَحُ عَنْهَا الإِبِلُ، وهي أَي النَّبْتُ أَوِ الشَّجَرَةُ التَّرْبَاءُ، كصَحْرَاء، والتَّرَبَةُ، مُحَرَّكَةً.
  وفي التهذيب في تَرْجَمَة «رتب» عنِ ابن الأَعرابِيّ: الرَّتْبَاءُ: النَّاقَةُ المُنْتَصِبَةُ فِي سَيْرِهَا، والتَّرْبَاءُ: النَّاقَةُ المُنْدَفِنَة: وفي الأَساس: رَأَى أَعْرَابِيٌّ عَيْوناً يَنظُر إِبلَه وهو يَفُوقُ فُوَاقاً مِن عَجَبِه بِها، فَقَال: فُقْ(٢) بِلَحْم حِرْباءَ لا بلَحْم تَرْبَاءَ. أَي أَكَلْتَ لَحْمَ الحرْبَاءِ لَا لَحْمَ نَاقَة تَسْقُطُ فَتُنْحَرُ فيَتَتَرَّبُ لحْمُهَا.
  والتَّرَائِبُ قِيلَ هِيَ: عظَامُ الصَّدْرِ أَو مَا وَلِيَ التَّرْقُوَتَيْن منْه أَيْ مِنَ الصَّدْرِ أَوْ مَا بَيْنَ الثَّدْيَيْن والتَّرْقُوَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْد: التَّرْقُوَتَانِ: العَظْمَانِ المُشْرِفَانِ في أَعْلى الصَّدْرِ من رَأْسَي(٣) المَنْكِبَيْنِ إِلى طَرَف ثُغُرَة النَّحْرِ وبَاطِنِ التَّرْقُوَتَيْنِ، يُقَالُ لَهُمَا القَلْتَانِ وهُمَا الحَاقِنَتَانِ، والذَّاقنَةُ: طَرَفُ الحُلْقُومِ أَوْ أَرْبَعُ أَضْلَاعٍ من يَمْنَة الصَّدْرِ، وأَرْبَعٌ من يَسْرَتِهِ، أَو اليَدَانِ والرِّجْلَانِ والعَيْنَانِ، أَوْ مَوْضِعُ القِلَادَةِ منَ الصَّدْرِ، وهو قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَجْمَعينَ، وأَنْشَدُوا لِامْرِئِ القَيْسِ:
  مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَة ... تَرَائبُهَا مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ
  وَاحِدُهَا: تَرِيبُ كَأَمِيرٍ، وصَرَّحَ الجَوْهَرِيُّ أَنَّ وَاحِدَهَا تَرِيبَةٌ كَكَرِيمة وقيلَ التَّرِيبَتَان: الضِّلَعَانِ اللَّتَانِ تَليَان التَّرْقُوَتَيْنِ، وأَنشدَ:
  وَمِنْ ذَهَبٍ يَلُوحُ عَلَى تَرِيبٍ ... كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ لَهُ غُضُونُ
  وقَالَ أَبُو عُبَيْد: الصَّدْرُ فيه النَّحْرُ، وهُوَ مَوْضِعُ القلَادَةِ، واللَّبَّةُ: مَوْضِعُ النَّحْر، والثُّغْرَةُ: ثُغْرَةُ النَّحْرِ، وهِيَ الهَزْمَةُ بيْنَ التَرْقُوَتَيْنِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
  والزَّعْفَرَانُ عَلَى تَرَائِبِهَا ... شَرِقٌ بِه اللَّثاتُ والنَّحْرُ(٤)
  قال ابْنُ الأَثِيرِ: وفي الحَديثِ ذِكْرُ التَّرِيبَةِ، وهِيَ أَعْلَى صَدْرِ الإِنْسَانِ تحْتَ الذَّقَنِ، جَمْعُهَا: تَرَائبُ، وتَرِيبَةُ البَعِيرِ: مَنْحَرُهُ(٥)، وقال ابنُ فارس في المُجْمَلِ: التَّرِيبُ: الصَّدْرُ، وأَنشد:
  أَشْرَفَ ثَدْيَاهَا عَلى التَّرِيبِ
  قُلْتُ: البَيْتُ للأَغْلَبِ العِجْلِيّ، وآخِرُه:
  لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ بِالنُّتُوبِ
  قالَ شَيْخُنَا: والتَّرَائِبُ: عَامٌّ فِي الذُّكُورِ والإِنَاثِ، وجَزَمَ أَكْثَرُ أَهْل الغَرِيبِ أَنَّهَا خَاصٌّ بالنِّسَاءِ، وهُوَ ظَاهِرُ البَيْضَاوِيّ والزَّمخْشرِيِّ.
  والتِّرْبُ: بِالكَسْرِ: اللِّدَةُ وهُمَا مُتَرَادِفَانِ، الذَّكَرُ والأُنْثَى فِي ذلكَ سَوَاءٌ، وقِيلَ: إِنَّ التِّرْبَ مُخْتَصٌّ بالأُنْثَى، والسن يُقَالُ: هذه تِرْبُ هذِهِ أَيْ لِدَتُهَا، وجَمْعُهُ أَتْرَابٌ. في الأَسَاس: وهَما تِرْبَان، وهُمْ وهُنَّ أَتْرَابٌ، ونَقَلَ السَّيُوطِيُّ في «المُزْهِرِ» عن «التَّرْقِيص» للأَزْديِّ: الأَتْرَابُ: الأَسْنَانُ، لَا يُقَالُ إِلَّا لِلإِناثِ، ويُقَالُ للذُّكُورِ: الأَسْنَانُ والأَقْرَانُ، وأَمّا اللَّدَاتُ فإِنَّهُ يكُونُ للذُّكُورِ والإِنَاث، وقد أَقَرَّه أَئِمَّةُ اللِّسَانِ عَلَى ذلك. وقِيلَ: التِّرْبُ مَنْ وُلِدَ مَعَك، وأَكْثَرُ ما يكون ذلك في المُؤَنثِ، ويقال: هِيَ تِرْبِي وترْبُهَا، وهُمَا تِرْبَانِ، والجَمْعُ أَتْرَابٌ، وغَلطَ شيخُنا فَضَبَطَهُ تِرْبَى، بالقَصْرِ، وقال: على خلَافِ القِيَاسِ، وقال عندَ قوله والسِّنُّ: الأَلْيَقُ تَرْكُهُ وما بعْدَه. وقالَ أَيضاً فيما بَعْدُ: عَلَى أَنَّ هذَا اللَّفظَ من إِفْراده، لا يُعْلَمُ لأَحَد من اللغويين ولا في كلام أَحدٍ من العرَب نَقْلٌ انتهى، وهذَا الكَلَامُ عَجِيبٌ من شيخنا، وغَفْلَةٌ وقُصُورٌ، وقال أَيضاً: وظاهِرُه أَنّ الأُولى تَخْتَصُّ بالذكورُ، وهو غَلَطٌ ظاهرٌ بدليل: {وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ}(٦) قُلْتُ: فَسَّر ثعلب في قَوْله تَعالَى: {عُرُباً أَتْراباً}(٧) أَن الأَتْرَابَ هُنَا الأَمْثَالُ، وهو حسنٌ، إِذ ليست هناك وِلادَةٌ.
(١) عن اللسان، وبالأصل «حزن».
(٢) عن الأساس، وبالأصل «قف» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله قف كذا بخطه وفي الأساس فق بتقديم الفاء على القاف ولعله أمر من فاق. قال الجوهري: وفاق الرجل فواقاً إذا شخصت الريح من صدره».
(٣) اللسان: من صدر رأسي.
(٤) اللسان: والنخر.
(٥) اللسان والمحكم: منخرة بالخاء المعجمة.
(٦) سورة طه الآية ٥٢.
(٧) سورة الواقعة الآية ٣٧.