تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل التاء المثناة الفوقية من باب الموحدة

صفحة 324 - الجزء 1

  وتَارَبَتْهَا أَيْ صَارَتْ تِرْبَهَا وخادَنَتْهَا⁣(⁣١) كما في الأَسَاس قال كُثَيِّر عَزَّةَ:

  تُتَارِبُ بِيضاً إِذَا اسْتَلْعَبَتْ ... كَأُدْمِ الظِّبَاءِ تَرُفُّ الكَبَاثَا

  والتَّرْبَةُ بالفَتْح فالسُّكُونِ احْتَرَازٌ مِنَ التَّحْرِيك، فلا يَكُونُ ذكْرُ الفَتْح مُسْتَدرَكاً كما زَعَمَه شَيخُنا: الضَّعْفَةُ بالفَتْح أَيضاً، نقله الصاغانيّ.

  وبِلَا لَامٍ كَهُمَزَةٍ: وَادٍ بقُرْبِ مَكَّةَ علَى يَوْمَيْنِ منها يَصُبُّ في بُسْتَانِ ابْنِ عامِرٍ حَوْلَهُ جِبَالُ السَّراة، كذَا في المراصد، وقيل: يُفْرِغُ في نَجْرَانَ، وسُكِّنَ رَاؤُه في الشِّعْر ضَرُورةً، كَذَا في كتاب نَصْر، وفي لسان العرب: قَالَ ابنُ الأَثير في حديث عُمَر ¥ ذِكْرُ تُرَبَةَ، مِثَالُ هُمَزَةٍ: وادٍ قُرْب مكَّةَ على يَوْميْنِ منها. قُلتُ: ومِثْلُهُ قَالَ الحَازِمِيّ، ونَقَلَ شيخُنَا عن السُّهَيْلِيّ في الرَّوْضِ في غَزْوَةِ عُمَرَ إِليها أَنَّهَا أَرْضٌ كانت لِخَثْعَمَ، وهكذا ضَبَطَه الشَّاميُّ في سيرَتِه، وقال في العُيُون: إِنَّ النبيَّ ÷ أَرْسَلَ عُمَرَ إِليها في ثَلَاثينَ رَجُلاً، وكان ذلك في شَعْبَانَ سنَةَ سَبْعٍ، وقال الأَصمعيُّ: هِيَ وَادٍ للضِّبَابِ طوله ثلَاثُ لَيالٍ، فيه نَخْلٌ وزروعٌ وفَوَاكهُ: وقد قَالُوا⁣(⁣٢): إِنهُ وَاد ضَخْمٌ، مَسِيرَتُه عشْرُونَ يَوْماً أَسفله بنجد وأَعلاه بالسَّراة⁣(⁣٣) وقَالَ الكَلْبِيُّ: تُرَبَةُ: وَادٍ وَاحدٌ يَأْخُذُ منَ السَّرَاة ويُفْرِغُ في نَجْرَانَ، وقِيلَ: تُرَبَةُ مَاءٌ في غَرْبِيِّ سَلْمَى، وقال بعضُ المحَدِّثينَ: هي عَلَى أَرْبَعِ لَيَالٍ مِنْ مَكَّةَ، قاله شيخُنَا، قُلْتُ: ويَعْضُدُه مَا في الأَسَاسِ: وَطِئْتُ كُلَّ تُرْبَة في أَرْض العَرَب، فَوَجَدْتُ تُرَبَة أَطْيَبَ التُّرَب، وهيَ وادٍ على مَسيرَة أَرْبَعِ لَيَالٍ منَ الطَّائفِ، ورأَيْتُ ناساً من أَهْلهَا.

  وفي لسان العرب: وتُرْبَةُ، أَيْ كقُرْبَة، وَادٍ مِنْ أَوْديَة اليَمَنِ، وتُرْبَةُ: مَوْضعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي عَامِرِ بنِ كِلَابٍ، ومِنْ أَمْثَالِهِمْ: «عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبَةَ»⁣(⁣٤) يُضْرَبُ للرَّجُلِ يَصيرُ إِلى الأَمْرِ الجَلِيِّ بَعْدَ الأَمْرِ المُلْتَبِس، والمَثَلُ لعامر بن مالكٍ⁣(⁣٥) أَبِي البَرَاءِ.

  قُلْتُ: وذَكَرَه السُّهَيْلِيُّ فِي تُرَبَةَ كهُمَزَةٍ، فلْيُعْلَمْ ذلكَ، وبه تَعْرِفُ سُقُوطَ ما قالَه شيخُنَا، وليس عنْدَ الحَازِميِّ تُرْبَة سَاكِنَ الرَّاءِ اسْم مَوْضِعٍ من بِلَاد بَنِي عَامر بنِ مَالكٍ، كَذَا قِيلَ، على أَنَّ بعْضَ ما ذَكَرَه في تُرَبَةَ كهُمَزَةٍ تَعْرِيفٌ لِتُرْبَة، يَظْهَرُ ذلكَ عندَ مُرَاجَعَةِ كُتُبِ الأَمَاكنِ والبِقَاع.

  والتُّرَبَةُ، كهُمَزَة، باللَّام، والتَّرْبَاءُ كصَحْرَاءَ: مَوْضعَانِ، وهُوَ غَيْرُ تُرَبَة كَهُمَزَةٍ بلَا لَام، كذا في لسان العرب.

  وتُريْبةُ كجُهيْنَةَ: ع باليَمَن وهي قَرْيَةٌ من زَبيد، بها قَبْرُ الوَليِّ المَشْهُور طَلْحَةَ بنِ عيسَى بن إِقْبَال، عُرفَ بالهِتَار، زُرْتُهُ مِرَاراً، وله كَرَاماتُ شَهيرَةٌ.

  وتُرَابَةُ كقُمَامَة: ع به أَيضاً. والنِّسْبَةُ إِليهمَا تُرَيْبِيٌّ وَتُرَابِيّ.

  وتُرْبَانُ بالضَّمِّ: وَادٍ بَيْنَ الحَفِيرِ والمَدِينَةِ المُشَرَّفَة وقيلَ: بَيْنَ ذَاتِ الجَيْشِ والمَلَلِ⁣(⁣٦)، ذاتِ حِصْن وقُلَل، على المَحَجّة، فيها مِيَاهٌ كثيرة، مرَّ به رسولُ الله ÷ في غَزَاة بَدْرٍ. وفي حديث عائشةَ: «كُنَّا بتُرْبَانَ» قالَ ابنُ الأَثير: هو مَوْضعٌ كَثيرُ المِياه، بينَه وبينَ المَدينة نَحْوُ خَمْسَةِ فَرَاسخَ⁣(⁣٧)، كَذَا في لسان العرب، وتُرْبَانُ أَيضاً: قَرْيةٌ على خَمْسَةِ فَرَاسخَ من سمَرْقَنْدَ، قاله ابنُ الأَثير، وإِليها نُسِبَ أَبُو عَليٍّ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ بن إِبْرَاهيمَ التُّرْبَانِيُّ الفَقيهُ المُحَدِّثُ. وقَالَ أَبُو سَعْدٍ المالينيّ: قَرْيَةٌ بمَا وَرَاءَ النَّهْر فيمَا أَظُنُّ، وقيلَ: هو صُقْعٌ بَيْنَ سَمَاوَةِ كَلْبٍ والشَّأْمِ⁣(⁣٨)، كذا في المَرَاصِد والمُشْتَرَك لياقوت، قاله شيخُنَا.

  وَأَبُو تُرَابٍ كُنْيَةُ أَميرِ المُؤْمنينَ عَليّ بن أَبي طَالبٍ ¥ وقيلَ: لَقَبُه، على خِلَاف في ذلك بَيْن النَّحَاةِ والمُحَدِّثينَ، وَأَنْشَدَنَا بَعْضُ الشُّيُوخ:


(١) عن الأساس، وبالأصل «وحاذتها» وبهامش المطبوعة المصرية «قوله وحاذتها كذا بخطه والذي في الأساس وخادنتها».

(٢) وهو قول أحمد بن محمد الهمداني كما في معجم البلدان (تربة).

(٣) بالأصل: «يوماً السافلة ينحدر أعاليه بالسراة» وما أثبتناه يوافق بمعناه ما جاء في معجم ياقوت.

(٤) في معجم ما استعجم: تُرَبَة.

(٥) عن اللسان والبكري، وبالأصل «مالك بن عامر».

(٦) عبارة ياقوت: وملل والسيالة على المحجة نفسها.

(٧) في معجم البكري عن الأصمعي: تربان على ثمانية عشر ميلاً من المدينة، على طريق مكة.

(٨) هو قول نصر قاله ياقوت.