تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 289 - الجزء 7

  إِذا بَدَتْ [ثمّ]⁣(⁣١) تَحْمَرُّ حُمْرَةً شديدةً، أَو الغَبْرَاءُ ثَمَرَتُه، والغُبَيْرَاءُ شَجَرَتُه ولا تُذْكَر إِلّا مُصَغَّرَةً، أَو بالعَكْسِ، الواحِدُ والجَمْعُ فيه سواءٌ؛ كلّ ذلك قاله أَبو حَنِيفَةَ في كتاب النَّبَات.

  والوَطْأَةُ الغَبْرَاءُ: الجَدِيدَةُ أَو الدّارِسَةُ، وهو مِثْلُ الوَطْأَةِ السَّوْدَاءِ. وفي الأَساس: هُمَا وَطْأَتَانِ: دَهْمَاءُ وغَبْرَاءُ، وأَثَرَانِ: أَدْهَمُ وأَغْبَرُ، أَي حَدِيثٌ ودارِسٌ.

  والغَبْرَاءُ من السّنِين: الجَدْبَةُ وجَمْعُهَا الغُبْرُ. قال ابنُ الأَثِير: سُمِّيَتْ سِنُو الجَدْبِ غُبْراً لِاغْبِرارِ آفاقِها من قِلَّةِ الأَمْطَار، وأَرْضِها من عَدَمِ النَّبَات.

  وَبَنُو غَبْرَاءَ: الفُقَرَاءُ المَحَاوِيجُ، وهُم الصَّعَالِيك. وبه فَسَّر الجوهريّ بَيْتَ طَرَفَةَ بنِ العَبْد، ولم يَذْكُرِ البيتَ، وإِنَّما ذَكَرَه ابنُ بَرِّيّ وغيره، وهُوَ:

  رأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لا يُنْكِرُونَنِي ... ولا أَهْلَ هذاكَ الطِّرَفِ المُمَدَّدِ

  قال ابنُ بَرّيّ: وإِنّما سُمّيَ الفُقَراءُ بَنِي غَبْراءَ لِلُصُوقِهم بالتُّرَاب كما قِيلَ لهم المُدْقِعُون لِلُصُوقهم بالدَّقْعاءِ - وهِيَ الأَرْضُ - كأَنَّهم لا حائلَ بَيْنَهم وبينها. والطَّرَافُ: خِباءٌ من أَدَم تَتَّخِذُه الأَغنياءُ. يقول: إِنّ الفُقَراءَ يَعْرِفُونَنِي بفَضْلِي وجَلَالَةِ قَدْرِي و⁣(⁣٢) قِيلَ: بَنُو غَبْرَاءَ: الغُرَباءُ عن أَوْطَانِهم.

  وقيل: هُم القومُ المُجْتَمِعُون للشّرابِ بلا تَعَارُف وبه فَسّر بعضُهم قولَ طَرَفَةَ السابِق ذِكْرُه. وبه فُسِّر أَيضاً قولُ الشاعِر:

  وبَنُو غَبْرَاءَ فِيها ... يَتَعَاطَوْنَ الصَّحَافَا

  أَي الشَّرْب. وقيل هُمُ الَّذِين يَتَنَاهَدُون في الأَسْفَارِ. وبه فسّر آخَرُون قَوْلَ طَرَفَةَ. وهو مستدرَكٌ على المصنِّف. وقد ذكرهُ الصاغانيّ وصاحبُ اللسان.⁣(⁣٣).

  وفي الحَدِيث: «إِيّاكُمْ والغُبَيْرَاء فإِنَّهَا خَمْرُ العالَمِ»⁣(⁣٤) وهي السُّكُرْكَة، وهي شَرَابٌ يُعمَل من الذُّرَة يَتَّخِذُه الحَبَشُ، وهو يُسْكِرُ. وقال ثعلب: هي خَمْرٌ تُعْمَلُ من الغُبَيْرَاءِ، هذا الثَّمر المَعْروف، أَي هِيَ مِثْلُ الخَمْر التي⁣(⁣٥) يَتَعَارَفُها جميعُ الناسِ، لا فَصْلَ بينهما في التَّحْرِيم.

  ويُقَال: تَرَكَهُ على غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ وغَبْرَائِه، إِذا رَجَعَ خائباً، هكذا في سائر النُّسخ، والذي في المحكم: جاءَ على غَبْرَاءِ الظَّهْر، وغُبَيْرَاءِ الظَّهْر، يَعْنِي الأَرْضَ. وتَرَكَه على غُبَيْرَاءِ الظَّهْر، وغُبَيْرَاء الظَّهْر، يَعْنِي الأَرْضَ. وتَرَكَه على غُبَيْرَاءِ الظَّهْر، يَعني ليْسَ له شَيْءٌ. وفي التَّهْذيب: يُقال: جاءَ فُلانٌ على غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ، ورَجَع عَوْدَهُ على بَدْئِه، ورَجَعَ على أَدْرَاجِه، ورَجَع دَرَجَه الأَوَّلَ، ونَكَصَ على عَقِبَيْه:⁣(⁣٦) كُلّ ذلك إِذا رَجَعَ ولم يُصِبْ شيئاً⁣(⁣٧). وقال الأَحْمَر⁣(⁣٨): إِذا رَجَعَ ولم يَقْدِر على حاجَتِه، قيل: جاءَ على غُبَيْرَاءِ الظَّهر، كأَنَّه رجعَ وعلى ظَهْرِه غُبَا الأَرض. وقال زَيْدُ بن كَثْوَةَ: يُقَال: تَركتُه على غُبَيْرَاءِ الظَّهْرِ، إِذا خاصَمْتَ رجلاً فخَصَمْتَه في كُلّ شيْءٍ وغَلَبْتَه على ما فِي يَدَيْه.

  وهكذا نقله الصاغانيّ. وفي عبارة المصنّف مُخَالَفَةٌ مع هذه النُّقُول وخَلْطٌ في الأَقْوَالِ، كما لا يَخْفَى.

  والغِبْرُ، بالكسر: الحِقْد، كالغِمْر.

  وقد غَبِرَ الرَّجَلُ، كفَرِحَ، إِذا حَقَدَ؛ قالهُ ابنُ القَطّاع.

  والغَبَرُ، بالتَّحْرِيك: فَسَادُ الجُرْحِ أَنَّى كانَ. أَنشد ثَعْلَب:

  أَعْيَا على الآسِى بَعِيداً غَبَرُهْ

  قال: معناهُ بَعِيداً فَسَادُه، يعني أَنَّ فَسادَه إِنّما هو في قَعْره وما غَمَضَ من جَوانِبه، فهو لذلك بَعِيدٌ لا قَرِيب.

  وقد غَبِرَ، كفَرِحَ، غَبَراً فهو غَبِرٌ، إِذا انْدَمَلَ على فَسادٍ ثم انْتَقَضَ بَعْد البُرْءِ، ومنه سُمِّيَ العِرْقُ الغَبِرُ، لأَنَّهُ لا يَزالُ يَنْتَفِضُ، وهو بالفَارِسِيّة النّاسُور. ويُقال: أَصابَهُ غَبَرٌ في عِرْقِه، أَي لا يَكَادُ يَبْرَأُ. وقال الشاعرُ:

  فَهْوَ لا يَبْرَأُ ما فِي صَدْرِه⁣(⁣٩) ... مِثْلَ مَا لا يَبْرَأُ العِرْقُ الغَبِرْ


(١) زيادة عن اللسان.

(٢) في القاموس: أو الغرباء.

(٣) العبارة في التهذيب.

(٤) في غريب الهروي: خمر الأعاجم.

(٥) عن النهاية وبالأصل «الذي».

(٦) الأصل واللسان وفي التهذيب: عقبه.

(٧) الأصل واللسان نقلا عن التهذيب، وفي التهذيب: لم يصب خيراً.

(٨) اللسان: وقال ابن أحمر.

(٩) في التهذيب: ما في جوفه.