تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 303 - الجزء 7

  الجَوْشَن: «ما كنتُ لأَقْضِيَه اليَوْمَ بغُرَّة» فعُرِف مِمّا ذَكَرْنا كُلّه أَنّ إِطْلاقَ الغُرَّةِ على العَبْد أَو الأَمَة أَكْثَرِيٌّ.

  والغُرَّةُ من الشَّهْر: لَيْلَةُ اسْتِهْلالِ القَمَرِ، لبَياضِ أَوَّلِهَا، يقال: كَتَبْتُ غُرَّةَ شَهْر كذا. ويقال لثَلاث لَيَالٍ من الشَّهْرِ: الغُرَرُ والغُرُّ؛ قاله أَبو عُبَيْد. وقال أَبو الهَيْثَم: سُمِّينَ غُرَراً، واحدتها غُرَّةٌ، تشبيهاً بغُرّة الفَرَسِ في جَبْهَته لأَن البَيَاض فيه أَوّلُ شيْءٍ فيه⁣(⁣١)، وكذلك بَياضُ الهِلال في هذه اللَّيَالِي أَوّلُ⁣(⁣٢) شيْءِ فيها. وفي الحَدِيث «في صَوْمِ الأَيّام الغُرِّ» أَي البِيضِ اللَّيَالي بالقَمَرِ [و]⁣(⁣٣) هي لَيْلَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وأَرْبَعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ. ويُقال لها: البِيضُ أَيضاً. وقَرأْتُ في شَرْح التَّسْهِيلِ للبَدْرِ الدَّمامِينيّ ما نَصُّه: قال الجَوْهَريّ: غُرَّةُ كُلِّ شيْءٍ: أَوَّلُه. لكنَّه قال بإِثْر هذا: والغُرَرُ: ثلاثُ ليال من أَوّل الشَّهْر. وكذا قال غَيْرُه من أَهْلِ اللُّغَة. وهو صَريحٌ في عدم اختصاص الغُرَّةِ باللَّيْلَة الأُولَى. وقال ابنُ عُصْفُور: يُقال كُتِبَ غُرَّةَ كذا، إِذا مَضَى يَوْمٌ أَو يَوْمَان أَو ثَلاثَة؛ وتَبِعَه أَبو حَيّانَ. والظاهِرُ أَنّ اشتراطَ المُضيّ سَهْوٌ.

  انتهى. وقيلَ: الغُرَّةُ من الهِلال: طَلْعَتُه، لِبَيَاضِهَا.

  والغُرَّةُ من الأَسْنَان: بَياضُها وأَوّلُهَا، يُقَال: غَرَّرَ الغُلَامُ، إِذا طَلَعَ أَوَّلُ أَسْنَانِه، كأَنَّه أَظْهَر غُرة أَسْنَانِه، أَيْ بَياضها.

  والغُرَّةُ من المَتَاع: خِيَارُه ورَأْسُه، تقول: هذا غُرّةٌ من غُرَرِ المتاعِ، وهو مَجاز.

  والغُرَّةُ من القَوْمِ: شَرِيفُهُم وسَيِّدُهُم، يُقَال: هو غُرَّةُ قَوْمه، ومن غُرَرِ قوْمه.

  والغُرَّةُ من الكَرْم: سُرْعَةُ بُسُوقِه.

  والغُرَّةُ من النَّبَات: رَأْسُه.

  والغُرَّةُ من الرَّجُل: وَجْهُه وقِيلَ: طَلْعَتُه⁣(⁣٤).

  وكلُّ ما بَدَا لك من ضَوْءٍ أَو صُبْح فقد بَدَتْ لك غُرَّتُه.

  وغُرَّةُ: أُطُمٌ بالمَدِينَة لِبَنِي عَمْرِو بنِ عَوْف من قَبَائِلِ الأَنْصَار، بُنِيَ مكانَه مَنارَةُ مَسْجدِ قُبَاءَ الآن. والغَرِيرُ، كأَمِير: الخُلُقُ الحَسَنُ لأَنَّه يَغُرّ. ومن المَجازِ:

  يُقَال للشَّيْخ⁣(⁣٥) إِذا هَرِم: أَدْبَرَ غَرِيرُه، وأَقْبَلَ هَرِيرُه. أَي قد ساءَ خُلُقُه.

  والغَريرُ: الكَفِيلُ والقَيِّم والضامِنُ. وأَنشد الأَصمعيّ:

  أَنتَ لِخَيرِ أُمَّة مُجِيرُهَا ... وأَنْتَ مِمّا ساءَهَا غَرِيرُهَا

  هكذا رواه ثَعْلَب عن أَبي نَصْر عنه.

  ومن المَجَازِ الغَرِيرُ من العَيْش: ما لا يُفَزِّع أَهلُه، يقال: عيشٌ غَرِيرٌ، كما يُقَال: عَيْشٌ أَبْلَهُ، ج غُرّانٌ بالضمّ، ككَثِيب وكُثْبَانٍ.

  والغَرِيرُ: الشابُّ الَّذِي لا تَجْرِبَةَ له، كالغِرّ، بالكَسْرِ، ج أَغِرّاءُ وأَغِرَّةٌ، هُمَا جَمْعُ غَرِير، وأَما الغِرُّ، بالكسر، فجَمْعُه أَغْرَارٌ وغِرَارٌ، ككتَاب. ومن الأَخير حَدِيثُ ظَبْيَانَ: «إِنّ مُلُوكَ حمْيَرَ مَلَكوا مَعاقلَ الأَرْض وقَرَارَهَا ورُؤُوسَ المُلُوكِ وغِرَارَها». والأُنْثَى غِرٌّ، بغير هاءٍ، وغِرَّةٌ، بكَسْرِهما، قال أَبو عُبَيْد: الغِرَّة: الجارِيَةُ الحَديثَةُ السِّنِّ التي لَمْ تُجرِّب الأُمُورَ ولم تَكُن تَعْلَمُ ما يَعْلَم النسَاءُ من الحُبِّ، وهي أَيضاً غِرٌّ، بغير هاءٍ. قال الشاعرُ:

  إِنَّ الفَتَاةَ صَغِيرَةٌ ... غِرٌّ فَلا يُسْرَى بِهَا

  ويُقال أَيضاً: هي غَرِيرَةٌ. ومنه حديثُ ابنِ عُمَر: «إِنَّكَ ما أَخَذْتَهَا بَيْضَاءَ غَرِيرَةً» وهي الشابَّة الحَدِيثَة التي لم تُجرِّب الأُمورَ. وقال الكسائيْ: رجلٌ غِرٌّ وامْرَأَة غِرٌّ، بيِّنَةُ الغَرَارَةِ، بالفَتْح، من قَوْم أَغِرّاءَ، قال: ويُقَالُ من الإِنْسَان الغِرِّ: غَرِرْتَ⁣(⁣٦) يا رَجُلُ، كفَرِحَ، تَغَرّ غَرَارَةً، بالفَتْح، ومن الغارِّ اغْتَرَرْتَ. وقال أَبو عُبَيْد: الغَرِيرُ: المَغْرُور، والغَرَارَةُ من الغِرَّة، والغِرَّةُ من الغارّ⁣(⁣٧)، والغَرَارَةُ والغِرَّة واحِدٌ.

  والغَارُّ: الغافِلُ⁣(⁣٨)، زاد ابنُ القَطّاع: لا يَتَحَفَّظُ.


(١) في التهذيب: لأن البياض فيه أقل شيء. وفي اللسان فكالأصل.

(٢) التهذيب: «أقلّ» وفي اللسان فكالأصل.

(٣) زيادة عن النهاية.

(٤) اللسان: وقيل: طلعته ووجهه.

(٥) في اللسان: يقال للرجل إذا شاخ.

(٦) كذا ضبطت في القاموس والتهذيب، وضبطت العبارة في اللسان: غَرَرتَ يا رجل تَغِرّ غَرَارة.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الغِرَار.

(٨) في التهذيب: الفاعل، وبهامشه: أي الفاعل من الغرة، يريد اسم الفاعل.