تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غطر]:

صفحة 314 - الجزء 7

  لأَنها من الزِّيَادَات، وذكر الجَوْهَرِيّ ما فيها في «غ ض ف ر» وحَكَم بزِيادَة النُّون. انْتَهَى. فتَأَمَّل.

  [غطر]: الغَطْرُ، أَهْمَله الجوهَرِيّ، وهو لغةٌ في الخَطْر، وقال ابنُ دُرَيْد: الغَطْرُ، بالفَتْح، فِعْلٌ مُماتٌ، يُقَال: مَرَّ يَغْطِرُ بيَدَيْه⁣(⁣١)، مِثْل يَخْطِر.

  والغِطْيَرُّ، كإِرْدَبٍّ، ويُضَمُّ أَوّلُه، اللُّغَةُ الأُولَى هي المَشْهُورَةُ، وأَمّا الثَّانِيَة التي ذَكَرها المصنّف فالصَّوابُ فيها بالظّاءِ المُشَالَةِ، فإِنّ الصاغانِيّ هكذا ضَبَطَه فقال: والغِطْيَرُّ والعِظْيَرُّ، وكِلاهُمَا على وَزْنِ إِرْدَبٍّ. ويَدُلّ على ذلك أَيضاً مُنَاظَرَةُ أَبِي عَمْرو مع أَبي حَمْزَة في هذا الحَرْف، فإِنّ أَبا حَمْزَةَ صَمَّمَ أَنَّ الغِطْيَرَّ هو القَصِيرُ، بالغيْن والطاءِ، كما في اللّسَان، أَي لا بالعَيْن والظاءِ. ولعلّ المصنّف لَمّا رآهُمَا في نسخة التِّكْمِلَة ظَنَّ أَنَّهُمَا كَلِمَةٌ واحِدَةٌ، وإِنّمَا الفَرْق في الشَّكْل، فَتَنَبَّهْ لذلك. وقيلَ: الغِطْيَرُّ هو الغَلِيظُ إِلى القِصَر، و⁣(⁣٢) قال أَبو عَمْرٍو: الغِطْيَرُّ والغِظْيَرُّ: هو المُتَظَاهِرُ اللَّحْمِ المَرْبُوعُ القَامَةِ، وأَنْشَدَ:

  لَمَّا رَأَتْهُ مُودَناً غِطْيَرَّا

  [غفر]: غَفَرَهُ يَغْفِرُهُ غَفْراً: سَتَرَهُ. وكُلُّ شيْءٍ سَتَرْتَه فقد غَفَرْتَه. وتقول العربُ: اصْبغْ ثَوْبَك بالسَّوادِ فهو أَغْفَرُ لِوَسْخه: أَي أَحْمَلُ له وأَغْطَى له. وغَفَرَ المَتَاعَ: جَعَلَه في الوِعَاءِ، وقال ابنُ سِيدَه: غَفَرَ المَتَاعَ في الوِعَاءِ يَغْفِرُه غَفْراً: أَدْخَلَهُ وسَتَرَهُ وأَوْعاهُ، كأَغْفَرَهُ، وكذلك غَفَرَ الشَّيْبَ بالخِضَابِ: غَطَّاهُ وأَغْفَرَه، قال:

  حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِن المَشيبِ عِمَامَةً ... غَفْرَاءَ أُغْفِرَ لَوْنُها بخِضَابِ

  والغَفْرُ والمَغْفِرَةُ: التَّغْطِيَة على الذُّنُوب والعَفْوُ عنها، وقد غَفَرَ الله ذَنْبَهُ يَغْفِرُه غَفْراً، بالفَتْح، وغِفْرَةً حَسَنَةً، بالكَسْرِ، عن اللّحْيَانيّ، ومَغْفِرَةٌ وغُفُوراً، الأَخِيرَةُ عن اللّحْيَاني، وغُفْرَاناً، بضَمّهما، كقُعُودٍ وعُثْمَان، وغَفِيراً وغَفِيرَةً، - ومِن الأَخير قول بعض العَرب: أَسْأَلُك الغَفِيرَةَ، والنَّاقَةَ الغَزِيرَة، والعِزَّ في العَشِيرَة، فإِنّهَا عَلَيْكَ يَسيرَة -: غَطَّى عَلَيْه وعَفَا عَنْه، وقِيلَ: الغُفْرانُ والمَغْفِرَة من الله [هو]⁣(⁣٣) أَنْ يَصُونَ العَبْدَ من أَنْ يَمَسَّهُ العَذَابُ. وقد يُقَال: غَفَرَ له، إِذا⁣(⁣٤) تَجَاوَزَ عنه في الظاهِر ولم يَتَجَاوَزْ في الباطِنِ، نحو قوله تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ}⁣(⁣٥) حَقَّقه المُصَنّفُ في «البصائر».

  واسْتَغْفَرَهُ من ذَنْبه، ولِذَنْبِهِ، واسْتَغْفَرَهُ إِيّاهُ، على حذف الحَرْف: طَلَبَ منه غَفْرَهُ قَوْلاً وفِعْلاً. وقوله تعالى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً}⁣(⁣٦) لم يُؤْمَرُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ ذلك باللّسَانِ فقط، بَلْ به وبالْفِعْلِ⁣(⁣٧)؛ حَقَّقه المُصَنّف في البَصَائر. وأَنشد سيبَوَيْه:

  أَسْتَغْفِرُ الله ذَنْباً لَسْتُ مُحْصِيَهُ ... رَبَّ العِبَادِ إِلَيْهُ القَوْلُ والعَمَلُ

  والغَفُورُ. والغَفَّارُ - والغافِرُ -: من صفاتِ الله تَعالَى، وهُمَا من أَبْنِيَةِ المُبَالَغَة، ومعناهُما، السّاترُ لِذُنوبِ عِبَادِه، المُتَجَاوِزُ عن خَطاياهُمْ وذُنُوبِهم.

  وغَفَرَ الأَمْرَ بِغُفْرَتِه، بالضَّمّ، وغفِيرَتهِ: أَصْلَحَهُ بما يَنْبَغِي أَنْ يُصْلَحَ به.

  ويُقَال: ما عنْدَهم عَذِيرَةٌ ولا غَفِيرَةٌ، أَي لا يَعذِرُون ولا يَغْفِرُون ذَنْباً لأَحَد. قال صَخْرُ الغَيِّ⁣(⁣٨):

  يا قَوْمُ لَيْسَتْ فِيهمُ غَفِيرَهْ ... فامْشُوا كَما تَمْشِي جِمَالُ الحِيرَهْ

  أَي مَانِعُوا عن أَنْفُسِكُمْ ولا تَهْرُبُوا فإِنَّهم - أَي بني المُصْطَلِق - لا يَغْفِرُون ذَنْبَ أَحد منكم إِنْ ظَفِرُوا به.

  والمِغْفَر، كمِنْبَر، والمِغْفَرَةُ، بهاءٍ، والغِفَارَةُ، ككِتَابَة: زَرَدٌ من الدِّرْع يُنْسَجُ على قَدْرِ الرَّأْسِ يُلْبَسُ تَحْتَ القَلَنْسُوَة، ويُقَالُ: هو رَفْرَفُ البَيْضَةِ أَو حَلَقٌ يَتَقنَّعُ بِهَا، وفي بعض الأُصُول: «به» المُتَسَلِّحُ. وقال ابنُ شُمَيْل: المِغْفَرُ:


(١) الأصل والقاموس والتكملة، وفي اللسان - ولم يعزه - بذنبه.

(٢) في القاموس: أو المتظاهر.

(٣) زيادة عن المفردات للراغب (غفر).

(٤) في المفردات: إذا تجافى ... ولم يتجاف عنه في الباطن.

(٥) سورة الجاثية الآية ١٤.

(٦) سورة نوح الآية ١٠.

(٧) في المفردات: وبالفعال.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: قال صخر الغي، وكان خرج هو وجماعة من أصحابه إلى بعض متوجهاتهم، فصادفوا في طريقهم بني المصطلق فهرب أصحابه، فصاح بهم وهو يقول ذلك، وخص جمال الحيرة لأنها كانت تحمل الأثقال، كذا في اللسان».