تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الغين المعجمة مع الراء

صفحة 333 - الجزء 7

  وغِيَرُ الدَّهْرِ، كعِنَب: أَحْدَاثُه وأَحْوَالُه المُغَيَّرَةُ⁣(⁣١) ووَرد في حديث الاسْتِسْقَاءِ:

  ومَنْ يَكْفُرِ الله يَلْقَ الغِيَرْ⁣(⁣٢)

  وقال ابنُ الأَنْبَاريّ في قولهم: «لا أَراني الله بكَ غِيَراً»، الغِيَرُ: مِنْ تغيُّرِ الحال، وهو اسمٌ بمَنْزلَةِ القِطَع والعِنَب وما أَشْبَهَهُمَا. قال: ويجوزُ أَنْ يكونَ جَمْعاً، واحدتُه غِيَرَةٌ.

  وأَرْضٌ مَغِيرَةٌ، بالفَتْح، ومَغْيُورَةٌ، أَي مَسْقيَّةٌ أَو مَمْطُورَة.

  وغارَه يَغِيرُه غَيْراً: وَدَاهُ، وقال أَبو عُبَيْد⁣(⁣٣): غارَني الرَّجُلُ يَغُورُنِي ويَغِيرُنِي، إِذا وَدَاكَ، من الدِّيَة. وغارَهُ من أَخِيه يَغِيرُه ويَغُورُه غَيْراً: أَعْطَاهُ الدِّيَةَ، والاسمُ منه الغِيرَةُ، بالكَسْر وج الغِيَرُ، كعِنَب وقيل: الغِيَرُ اسمٌ واحِدٌ مُذكَّر، والجَمْع أَغْيَارٌ، مثلُ ضِلَع وأَضْلاع. وقال أَبو عَمْرو: الغِيَرُ جَمْعُ غِيَرَةٍ، وهي الدِّيَة، قال بعضُ بَنِي عُذْرَةَ:

  لنَجْدَعَنَّ بأَيْدِينا أُنُوفَكُمُ ... بَنِي أُمْيَمةَ إِنْ لم تَقْبَلُوا الغِيَرَا⁣(⁣٤)

  وغَيَّرَه، إِذا أَعْطَاهُ الدِّيَةَ. وأَصْلُها من المُغايَرَةِ، وهي المُبَادَلَة، لأَنَّهَا بَدَلٌ من القَتْلِ. قال أَبو عُبَيْدَةَ: وإِنّمَا سَمَّى الدِّيِةَ، لأَنَّهَا بَدَلٌ من القَتْلِ. قال أَبو عُبَيْدَةَ: وإِنّمَا سَمَّى الدِّيِةَ غِيَراً، فيما أُرَى، لأَنّه كان يَجِبُ القَوَدُ، فغُيِّرَ القَوَدُ به⁣(⁣٥)، فسُمِّيَت الدِّيَةُ غِيَراً، وأَصلُه من التَّغْيِير. وقال أَبو بَكْرٍ: سُمِّيَت الدِّيَةُ غِيَراً، لأَنَّهَا⁣(⁣٦) غُيِّرَت عن القَوَد إِلى غَيْرِه؛ رَواه ابنُ السَّكّيت في الواو والياءِ.

  وقال ابن سِيدَه: غارَ الرَّجُلُ على امرأَتِه وكذا غارَتْ هِيَ عَلَيْهِ تَغَارُ، بعلامَة المذكّر الغائب ومؤنّثه غَيْرَةً، بالفَتْح، وغَيْراً، بِغَيْر هاءٍ، وغَاراً وغِيَاراً، ككِتَابٍ، قال الأَعْشَى:

  لاحَهُ الصَّيْفُ والغِيَارُ وإِشْفا ... قٌ عَلَى سَقْبَةٍ كقَوْسِ الضّالِ

  وتقدّم الاسْتِشْهَادُ على «الغارِ» في المادَّة التي تقدَّمَتْ، فهو غَيْرانُ، بالفَتْح، من قوم غَيَارَى، كسَكارَى، وغُيَارَى، بالضَّمّ أَيضاً، كما قاله الجوهَرِيّ. قال البَدْرُ القَرَافِيُّ: ولم يَجِئْ شيْءٌ من الجَمْعِ بالضَّمِّ مع الفَتْحِ غَيْرهُ وغَيْر سُكارَى وعُجَالَى. وحَكَى المُصَنِّف الكَسْرَ في كسَالَى أَيضاً، وغَيُورٌ، كصَبُور، من قَوْمٍ غُيُرٍ، بضمّتَيْن، صَحَّتِ الياءُ لخِفّتها عليهم وأَنّهم لا يَسْتَثْقِلُون الضّمَّة عليها اسْتِثْقَالَهم لها على الواو. ومَنْ قال: رُسْلٌ، قال: غُيْرٌ. والغَيُورُ فَعُولٌ من الغَيْرَة، وهي الحَمِيَّةُ والأَنَفَةُ، ويقال: رَجُلٌ مِغْيَارٌ، أَي شَدِيدُ الغَيْرَةِ، مِنْ قَوْم مَغايِيرَ قال النابِغَة:

  شُمْسٌ مَوَانِعُ كُلِّ لَيْلَةِ حُرَّةٍ ... يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحِشِ المِغْيَارِ

  وهي غيْرَى، كسَكْرَى، من قَوْم غَيَارَى، وغَيُورٌ من غُيُرٍ، ولو قال: وهي غَيْرَى وغَيُورٌ، والجَمْع كالجَمْع، كان أَخْصَرَ. ويُقَال: رَجُلٌ غَيُورٌ، وامرأَةٌ غَيُورٌ، بلا هاءٍ، لأَنّ فَعُولاً يشترِكُ فيه الذكرُ والأُنْثَى.

  وغَارَهُمُ الله تَعَالَى بمَطَر يَغِيرُهم غَيْراً وغِيَاراً: سَقَاهُمْ وأَصابَهم بخِصْب. وغارَهُمْ بخَيْرٍ يَغِيرُهم غَيْراً وغِيَاراً: أَعْطَاهُمْ، وكذا بالرِّزْق.

  وغارَ فُلاناً يَغِيرُه غَيْراً: نَفَعَه، فاغْتَارَ هو: انْتَفَع. قال عبدُ مَنَافِ بنُ ربْعٍ⁣(⁣٧) الهُذَلِيّ:

  ماذَا يَغِيرُ ابْنَتَيْ رِبْعٍ عَوِيلُهما ... لا تَرْقُدان ولا بُؤسَى لمَنْ رَقَدَا

  يقولُ: لا يُغْنِي بُكاؤُهما على أَبيهِمَا مِنْ طَلَب ثأْرِه شيئاً.

  وأَغَارَ⁣(⁣٨) الرَّجُلُ أَهلَه: تَزوَّج عليها فغارَتْ هِيَ؛ حكاه أَبو عُبَيْدٍ عن الأَصمعيّ، وقد تَقَدّم في «غ ور» أَيضاً لأَنّ المادةَ واوِيّةٌ ويائِيّة.

  وغايَرَهُ بسِلْعَةٍ مُغَايَرَةً: عارَضَه بالبَيْع وبَادَلَه.

  وغارَهُ غَيْراً: مارَهُ.

  واغْتَارَ: امْتَارَ، وخَرَجَ يَغْتَارُ لأَهْلِه، أَي يَمْتَارُ؛ نقله الصاغانيّ عن الفرّاءِ.


(١) في اللسان: المتغيرة.

(٢) أي تغير الحال وانتقالها من الصلاح إلى الفساد.

(٣) في اللسان: أبو عبيدة.

(٤) في الصحاح «بني أمية» ومثله في التكملة نقلا عن الجوهري. قال الصاغاني: «والرواية بني أميمة، بميمين والبيت لزيادة بن زيد، وكان معاصر هدبة بن الخشرم ومهاجيه، ويروى أيضاً لشاعر من بني رقاش يذكر ما صنعوا بهدبة».

(٥) في اللسان «دِيّة».

(٦) عن اللسان وبالأصل «لأنه».

(٧) عن الصحاح وبالأصل «ربعي».

(٨) في المطبوعة الكويتية: «وغار» تحريف.