تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قبر]:

صفحة 364 - الجزء 7

  والمَقْبُرِي⁣(⁣١). وفي الصحاحِ: المَقْبَرَةُ والمَقْبُرَةُ: واحدةُ المَقَابِر، وقد جاءَ في الشَّعْر المَقْبَرُ، قال عبدُ الله بن ثَعْلَبَةَ الحَنَفِيُّ:

  أَزُورُ وأَعْتَادُ الْقبُورَ ولا أَرَى ... سِوَى رَمْسِ أَعْجَازٍ عَلَيْه رُكُودُ

  لكُلِّ أُناس مَقْبَرٌ بفِنَائِهِمْ ... فَهُمْ يَنْقُصُونَ والقُبُورُ تَزيدُ

  قال ابنُ برّيّ: قولُ الجَوْهَرِيِّ: وقد جاءَ في الشِّعْر المَقْبَر، يقتضِي أَنّه من الشاذّ، وليس كذلك، بل هو قِيَاسٌ في اسمِ المَكَان من قَبَر يَقْبُر المَقْبَرُ، ومن خَرَج يَخْرُج المَخْرَجُ، وهو قِيَاسٌ مُطَّرِدٌ لم يَشِذَّ منه غيرُ الأَلْفَاظ المَعْرُوفَة مثلُ المَبِيتِ والمَسْقِط ونحْوِهما.

  والمَقْبُرِيُّون في المُحَدِّثِينَ جَمَاعَةٌ وهُمْ: سَعِيدٌ، وأَبُوه أَبُو سَعِيد، وابنُه عَبّادٌ، وآلُ بَيْتِه، وغَيْرُهم.

  قَبَرَه، يَقْبُرُه، بالضّمّ، ويَقْبِرُه بالكَسْر، قَبْراً ومَقْبَراً، الأَخير مَصْدَرٌ مِيميٌّ: دَفَنَهُ وواراهُ في التُّرابِ.

  وأَقْبَرَهُ: جَعَلَ لَهُ قَبْراً يُوَارَى فيه ويُدْفَنُ فيه. وقِيلَ: أَقْبَرَ، إِذا أَمَرَ⁣(⁣٢) إِنْساناً بحَفْرِ قَبْرٍ. قال الفَرّاءُ: وقولُه تعالى {ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ}⁣(⁣٣) أَي جَعَلَه مَقْبُوراً: مِمَّن يُقْبَر، ولم يَجْعَلْهُ مِمَّن يُلْقَى للطَّيْر والسِّبَاع، كَأَنَّ القَبْرَ مِمّا أُكْرِمَ به المُسْلِمُ. وفي الصّحاح: مِمّا أُكْرِم به بنَوُ آدَمَ، ولم يَقُلْ: فقَبرَه، لأَنَّ القَابِرَ هُو الدافِنُ بِيَدِه، والمُقْبِرُ هو الله، لأَنَّهُ صَيَّرَهُ ذا قَبْر، وليس فِعْلُه كفِعْلِ الآدَمِيّ. وأَقْبَرَ القَوْمَ: أَعْطَاهُم قَتِيلَهم ليَقْبُرُوه، قال أَبو عُبَيْدَةَ: قالت بنو تَمِيمٍ للحَجّاجِ، وكان قَتَلَ صالِحَ بنَ عبدِ الرَّحْمنِ: أَقْبِرْنا صالِحاً، أَي ائْذَنْ لَنَا في أَنْ نَقْبُرَه، فقالَ لهم: دُونَكُمُوهُ.

  وقال ابنُ دُرَيْد القَبُورُ⁣(⁣٤)، كصَبُور، من الأَرْضِ: الغَامِضَةُ، والقَبُورُ من النَّخْلِ: السَّرِيعَةُ الحَمْلِ، أَو هِيَ الَّتِي يَكُون حَمْلُهَا في سَعَفِهَا، ومِثْلُهَا كَبُوسٌ. والقِبْرُ، بالكَسْر: موضعٌ مُتَأَكِّلٌ في عُودِ الطِّيب.

  والقِبِرَّى، كزِمِكَّى: الأَنْفُ العَظِيمُ نَفْسُهَا أَو طَرَفُهَا؛ كما قالَه ابنُ الأَعْرَابِيّ. وقال ابنُ دَرَيْد⁣(⁣٥): القِبِرَّى: العَظِيمُ الأَنْفِ. ومن المَجَازِ: جاءَ فُلانٌ رَافِعاً⁣(⁣٦) قِبِرّاه، ورامِعاً أَنْفَه، إِذا جاءَ مُغْضَباً. ومثله: جاءَ نافِخاً قِبِرَّاه، ووَارِماً خَوْرَمَتُهُ.

  قال الزَّمَخْشَريّ: كَأَنَّهَا شُبِّهَتْ بالقَبْرِ كما يُقَال: رُؤُوسٌ كقُبُورِ عادٍ. وقَال مِرْدَاسٌ [الدبيري]⁣(⁣٧).

  لَقَدْ أَتانِي رَافِعاً قِبِرّاهْ ... لا يَعْرِفُ الحَقَّ ولَيْسَ يَهْواهْ

  وتَقُولُ: وا كِبْرَاه، إِذا رَفَعَ قِبِرّاه.

  والقِبِرّاة: رَأْسُ الكَمَرَةِ، وفي النَّوادرِ لابنِ الأَعْرَابِيّ:

  رَأْسُ القَنْفَاءِ، تَصْغِيرُها قُبَيْرَةٌ، على حَذْفِ الزَّوَائدِ وكذا تَصْغِيرُ القِبِرّاة بمَعْنَى الأَنْف.

  والقُبَّارُ، كرُمّان، ع بمَكّةَ حَرَسَهَا الله تعالَى، أَنشد الأَصمعيُّ لِوَرْدٍ العَنْبَرِيّ:

  فأَلْقَتِ الأَرْحُلَ في مَحَارِ ... بَيْنَ الحَجُونِ فإِلَى القُبّارِ

  أَي نَزَلَت فأَقامَتْ.

  والقُبّارُ: المُجْتَمِعُون، وفي بعضِ النّسخ «المُتَجَمِّعون» لجَرِّ ما فِي الشِّبَاكِ من الصَّيْدِ، عُمَانِيَّة، قال العَجّاج:

  كأَنَّمَا تَجَمَّعُوا قُبّارَا

  والقُبّارُ: سِرَاجُ الصَّيّادِ باللَّيْلِ.

  والقُبَارُ، كهُمَامٍ: سَيْفُ شَعْبَانَ بنِ عَمْرٍو الحِمْيَريّ.

  وعن أَبِي حَنِيفَة: القُبَرُ، كصُرَدٍ: عِنَبٌ أَبْيَضُ طَويِلٌ جَيِّدُ الزَّبِيبِ، عَنَاقِيدُه مُتَوَسِّطة.

  والقُبر، كسُكَّر، وصُرَد: طائرٌ يُشْبِهُ الحُمَّرَة، الوَاحِدةُ بهاءٍ، ويُقَالُ فيه أَيضاً: القُنْبَرَاءُ بالضّمّ والمَدّ، ج قَنَابِرُ، كالعُنْصَلاءِ والعَنَاصِلِ. قال الجوهَرِيّ: ولا تَقُلْ قُنْبُرَة، كقُنْفُذَة، أَو لُغَيَّة وقد جاءَ ذلك في الرَّجَز، أَنْشَدَه أَبو عُبَيْدَةَ:


(١) ضبطت اللفظتان عن التهذيب واللسان والصحاح بكسر الراء وتشديد الياء، وضبطتا في المطبوعة الكويتية بفتح الراء فيهما.

(٢) عن اللسان وبالأصل «أمرت» وفي التهذيب: وأقبره، إذا أمر إنساناً بحفر قبرٍ.

(٣) سورة عبس الآية ٢١.

(٤) الجمهرة ١/ ٢٧١.

(٥) الجمهرة ٢/ ٦٧.

(٦) في التهذيب واللسان، «رامعاً» هنا وفي الشاهد التالي.

(٧) زيادة عن الأساس.