تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قخر]:

صفحة 370 - الجزء 7

  المَرْأَةَ: جامَعَهَا، وقد أَهملَهُ الجوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللّسَان، وذكرهُ الصاغانيّ، ولم يَعْزُهُ إِلى أَحَد.

  [قخر]: القَخْرُ، بالخاءِ بعد القافِ، أَهملهُ الجوهريّ والصاغانيّ، وفي اللّسان: هو الضَّرْبُ بالشَّيْءِ اليابِس على اليابِس، والفِعْلُ كجَعَلَ، يقال: قَخَرَهُ يَقْخَرُهُ قَخْراً. وأَطْلَقه ابنُ القَطّاع فقال: قَخَرَه قَخْراً: ضَرَبَهُ بحَجَرٍ.

  [قدر]: القَدَرُ، محرّكةً: القَضَاءُ المُوَفَّق، نقله الأَزهرِيُّ عن اللَّيْث، وفي المُحْكَم: القَدَرُ: القَضَاءُ والحُكْمُ، وهو ما يُقدِّرُه الله ø من القَضَاءِ ويَحْكُمُ به من الأُمورِ.

  والقَدَرُ أَيضاً: مَبْلَغُ الشَّيْءِ. ويُضَمُّ، نقله الصاغانيّ عن الفرّاءِ، كالمِقْدَارِ، بالكَسْر. والقَدَر أَيضاً: الطَّاقَة، كالقَدْرِ، بفَتْح فسُكُون فِيهما، أَمّا في معنَى مَبْلَغِ الشَّيْءِ فقد نَقَلَه اللَّيْث، وبه فَسَّرَ قَولَه تَعَالَى: {وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}⁣(⁣١) قال: أَي ما وَصَفوهُ حَقَّ صِفَتِه. وقال: والقَدْر والقَدَر ها هنا: بمعنًى واحِدٍ. وقَدَرُ الله وقَدْرُهُ بمَعْنًى، وهو في الأَصلِ مَصْدرٌ. وقال أَيضاً: والمِقُدَارُ: اسمُ القَدَرِ.

  وأَمّا في مَعْنَى الطَّاقَةِ فقَدْ نُقِلَ الوَجْهَانِ عن الأَخْفَشِ؛ ذَكَرَه الصاغَانيّ، وذَكَرَه الأَزهرِيّ عنه وعن الفَرّاءِ. وبِهِمَا قُرِئ قولُه تَعَالَى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}⁣(⁣٢) قال الأَزهريُّ: وأَخبَرَنِي المُنْذِرِيّ عن أَبي العَبّاس في قوله تعالَى: {عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}. وقَدْرُه قال: التَّثْقِيلُ أَعْلَى اللُّغَتَيْنِ وأَكْثَرُ، ولِذلك اخْتِير. قال: واخْتَارَ الأَخْفَشُ التَّسْكِينَ قال: وإِنَّمَا اخترنَا التَّثْقِيل لأَنَّه اسمٌ. قال الكسائيّ؛ يُقْرَأُ بالتَّخفِيف وبالتَّثْقِيل، وكلٌّ صَوابٌ. قلتُ: وبالقَدْرِ بمعنَى الحُكْمِ فُسِّرَ قولُه تعالَى: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}⁣(⁣٣) أَي الحُكْمِ، كما قال تعالَى: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}⁣(⁣٤)، وأَنشد الأَخْفَشُ لهُدْبَةَ بنِ الخَشْرَمِ:

  أَلَا يَا لَقَوْمِي للنَّوائبِ والقَدْرِ ... وللأَمْرِ يَأْتِي المَرْءَ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي

  فقولُ المُصَنّف «كالقَدْرِ» فيهما مَحَلُّ نَظَر، والصَّوابُ «فيها» أَي في الثَّلاثَة، فتَأَمَّلْ. والقَدْرُ، بالمَعَاني السابِقَة، كالقَدَرِ فيها، ج أَقْدَارٌ، أَي جَمْعُهَا جَمِيعاً. وقال اللّحْيَانيّ: القَدَرُ الاسْمُ، والقَدْر المَصْدَرُ. وأَنشد:

  كُلُّ شيْءٍ حَتَّى أَخِيكَ مَتَاعُ ... وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجتماعُ

  وأَنشدَ في المَفْتُوح:

  قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النُّخَيْلِ وقد أَرَى ... وأَبِيكَ مالَكَ ذُو النُّخَيْلِ بِدَارِ

  قال ابنُ سِيدَه: هكذا أَنشدَهُ بالفَتْحِ، والوَزْنُ يَقْبَل الحَرَكَةَ والسُّكُونَ.

  والقَدَرِيَّةُ، مُحَرَّكَةً: جاحِدُو القَدَرِ، مُوَلَّدةٌ. وقال الأَزهرِيّ: هم قومٌ يُنْسَبُونَ إِلى التَّكْذِيبِ بما قَدَّر الله من الأَشْيَاءِ. وقال بعضُ مُتَكَلِّمِيهمٍ: لا يَلْزَمُنَا هذا اللَّقَب⁣(⁣٥)، لأَنَّنَا نَنْفِي القَدَرَ عن الله ø، ومَنْ أَثْبَتَهُ فهُوَ أَوْلَى بِه.

  قال: وهذا تَمْوِيهٌ منهم؛ لأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ⁣(⁣٦) القَدَرَ لأَنْفُسِهم، ولِذلك سُمُّوا قَدَرِيَّةً. وقولُ أَهْلِ السُّنَّة إِنَّ عِلْمَ الله ø سَبَقَ في البَشَرِ، فعَلِمَ كُفْرَ مَنْ كَفَرَ منهم كما عَلِمَ إِيمانَ من آمَنَ، فأَثْبَتَ عِلْمَه السابقَ في الخَلْق وكَتَبَه، وكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له [وكُتِبَ عليه]⁣(⁣٧).

  ويُقَال: قَدَرَ الله تعالَى ذلك عَلَيْه يَقْدُرُهُ، بالضَّمّ، ويَقْدِرُه، بالكَسْر، قَدْراً، بالتَّسْكِين، وقَدَراً، بالتَّحْرِيك، وقَدَّرَهُ عليه تَقْدِيراً، وقَدَّرَ لَهُ تَقْدِيراً: كلُّ ذلك بمَعْنًى. قال إِياسُ بنُ مالِك:

  كِلَا ثَقَلَيْنَا طامِعٌ بغَنِيمَةٍ ... وقَدْ قَدَرَ الرَّحْمنُ ما هُوَ قادِرُ

  قولُه: ما هو قادِر، أَي مُقَدِّرٌ. وأَرادَ بالثَّقَلِ هُنَا النِّسَاءَ.

  واسْتَقْدَرَ الله خَيْراً، سَأَلَهُ أَنْ يَقْدُرَ له به، من حَدِّ نَصَرَ، كما في نُسْخَتِنَا. وفي بَعْضِها «أَنْ يُقَدِّرَ له به» بالتَّشْدِيد، وهما صَحِيحَان. قال الشاعر:

  فاسْتَقْدِرِ الله خَيْراً وارْضَيَنَّ بهِ ... فبَيْنَمَا العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَياسِيُر


(١) سورة الأَنعام الآية ٩١.

(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٦.

(٣) سورة القدر الآية الأولى.

(٤) سورة الدخان الآية ٤.

(٥) الأصل واللسان عن التهذيب، وفي التهذيب: النبز.

(٦) التهذيب: «لأنهم يتبينون أن القدر لأنفسهم». وفي اللسان فكالأصل.

(٧) زيادة عن التهذيب واللسان.