[قخر]:
  وفي حديث الاسْتِخارَة: «اللهُمَّ إِني أَسْتَقْدِرُك بقُدْرَتِك»، أَي أَطْلُبُ منك أَن تَجْعَلَ لي عليه قُدْرَةً.
  وقَدَرَ الرِّزْقَ يَقْدُرُه ويَقْدِرُه: قَسَمَهُ، قِيلَ: وبه سُمِّيَت لَيْلَةُ القَدْرِ؛ لأَنَّهَا تُقَسَّم فيها الأَرزاقُ.
  والقَدْرُ، بفتح فسُكُون؛ الغِنَى واليَسَارُ، وهُمَا مَأْخُوذان مِن القُوَّة، لأَنَّ كُلًّا منهما قُوَّةٌ، كالقُدْرَةِ، بالضّمّ، والمَقْدِرَةِ، مثلثةَ الدالِ، يُقَال: رَجُلٌ ذو قُدْرَة ومَقْدرَةٍ، أَي ذُو يَسَارٍ. وأَمَّا مِنَ القَضَاءِ والقَدَرِ فالمَقْدَرَةُ، بالفَتْح لا غَيْرُ.
  قال الهُذَليّ:
  وما يَبْقَى على الأَيّامِ شَيْءٌ ... فيا عَجَباً لمَقْدَرَةِ الكِتَابِ
  والمِقْدَارُ والقَدْرُ(١): القُوَّة. وأَمّا القَدَارَةُ، بالفَتْح، والقَدَرُ، محرَّكَةً، والقُدُورَةُ والقُدُورُ، بضَمِّهما، فمِنْ قَدِرَ، بالكَسْر، كالقُدْرَة، والقِدْرَانِ، بالكَسْر، وفي التهذيب بالتَّحْرِيك ضَبْطَ القَلَم، والقَدَارُ، بالفَتْح ذَكره الصاغانيّ، ويُكْسَرُ، وهذه عن اللّحيانيّ، والاقْتِدار على الشَّيْءِ: القُدْرَةُ عَلَيه والفِعْلُ كَضَرب، وهي اللُّغة المشهورةُ ونَصَرَ، نَقَلَهَا الكسائيُّ عن قوم من العَرَبِ، وفَرِحَ، نقلها الصّاغَانيّ عن ثَعْلَب، ونَسَبَهَا ابنُ القَطّاع لِبَنِي مُرَّةَ من غَطَفَانَ، واقْتَدَرَ. وهُوَ قادرٌ وقَديرٌ ومُقْتَدِرٌ.
  وأَقْدَرَه الله تعالَى على كذا، أَي جَعَلَه، قادِراً عليه.
  والاسْمُ من كُلِّ ذلك المَقْدرَةُ، بتثليث الدّال.
  والقَدْر: التَّضْييق، كالتَّقْدِير. والقَدْر: الطَّبْخُ. وفِعْلُهُمَا كضَرَبَ ونَصَر، يُقَال: قَدَرَ عليه الشَّيْءَ يَقْدِرُه ويَقْدُرُه قَدْراً وقَدَراً، وقَدَّرَه: ضَيَّقَه، عن اللّحيانيّ. وتَرْكُ المُصَنِّف القَدَرَ بالتَّحْرِيك هنا قُصُورٌ.
  وقولُه تَعَالَى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}(٢) أَي لَنْ نُضَيِّق عليه؛ قاله الفَرّاءُ(٣) وأَبو الهَيْثَم(٤). وقال الزَّجّاج: أَي لَنْ نُقدِّر عليه ما قَدَّرنا من كوْنِه في بَطْنِ الحُوتِ. قال: ونَقْدِرُ: بمعنَى نُقدِّر. قال: وقد جَاءَ هذا في التَّفْسِير. قال الأَزهريّ: وهذا الذي قالَهُ صحيحٌ، والمعنى ما قَدّرَهُ الله عَلَيْه من التَّضْيِيقِ في بَطْنِ الحُوت ... وكُلُّ ذلك سائغٌ(٥) في اللُّغَة، والله أَعلم بما أَراد. وأَمّا أَنْ يكونَ من القُدْرَة فلا يَجُوز، لأَنَّ من ظَنَّ هذا كَفَر، والظَّنُّ شَكٌّ، والشَّكُّ في قُدْرَةِ الله تعالَى كُفْرٌ. وقد عَصَمَ الله أَنْبِيَاءَه عن ذلك، ولا يَتَأَوَّل مِثْلَه إِلّا جاهلٌ بكلامِ العَرَب ولُغَاتِهَا. قال: ولَمْ يَدْرِ الأَخْفَشُ ما مَعْنَى نَقْدِر، وذَهَب إِلى مَوضع القَدْرَة، إِلى مَعْنَى فظَنَّ أَن لا(٦) يَفُوتَنا، ولم يَعْلَمْ كلامَ العرب حتى قال: إِنّ بعض المفسّرين قال: أَرادَ الاسْتِفْهَام: أَفَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه؟ ولو عَلِمَ أَنّ معنَى نَقْدِر: نُضَيِّق، لم يَخْبِطْ هذا الخَبْطَ. قال ولَمْ يَكُنْ عالِماً بكلام العَرَب، وكان عالِماً بقياسِ النَّحْو.
  وقال: وقولُه تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ}(٧) أَي ضُيِّقَ.
  وَقَدَر عَلَى عِيَالِه قَدْراً: مِثْل قَتَرَ. وقُدِرَ على الإِنْسَانِ رِزْقُه: مثل قُتِرَ.
  وأَمّا القَدْرُ بمعنَى الطَّبْخِ الّذِي ذكرَهُ المُصَنّف فإِنّه يُقال: قَدَرَ القِدْرَ يَقْدُرهَا ويَقْدِرُها قَدْراً: طَبَخَهَا. ومنه حَدِيثُ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ: «أَمَرنِي مَوْلايَ أَنْ أَقْدُرَ لَحْماً» أَي أَطْبُخَ قِدْراً من لَحْم. واقْتَدَرَ: أَيضاً: بمَعْنَى قَدَرَ، مثلُ طَبَخَ واطَّبَخَ، وقد تَرَكَه المصنّف هُنَا قُصوراً، ولَمْ يَذْكُرُهْ(٨) فيما بَعْد، ولهذا لَوْ قَالَ: والقَدْرُ: التَّضْيِيقُ كالتَّقْدِيرِ، والقَدْرُ: الطَّبْخُ كالاقْتِدار، لكانَ أَحْسَنَ.
  والقَدْرُ: التَّعْظِيمُ، وبه فُسِّر قولُه تَعَالَى: {وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أَي ما عَظَّمُوا الله حَقَّ تَعْظِيمِه.
  والقَدْرُ؛ تَدْبِيرُ الأَمْرِ، يُقَالُ: قَدَرَهُ يَقْدِرُه، بالكَسْرِ أَي دَبَّرَه.
(١) عن اللسان وبالأصل «والمقدر».
(٢) سورة الأنبياء الآية ٨٧.
(٣) في التهذيب عن الفراء: المعنى فظنّ أن لن نقدر عليه من العقوبة ما قدرناه.
(٤) في التهذيب عن أبي الهيثم قال: والمعنى فظن أن لن تقدر عليه العقوبة. قال: ويحتمل أن يكون تفسيره: فظن أن لن نضيق عليه.
(٥) في التهذيب: شائع.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فظن أن لا يفوتنا، كذا في خطه، وفي اللسان بدون «لا» ولعله الصواب تأمل اهـ» وفي التهذيب: أن يفوتنا، بدون لا.
(٧) سورة الطلاق الآية ٧.
(٨) بالأصل «ولو ذكره» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ولو ذكره فيما بعد، هكذا في خطه والأولى أن يقول: ولم يذكره فيما بعد اهـ».