تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ثلب]:

صفحة 339 - الجزء 1

  يَثْقُبُ ثُقُوباً إِذَا سَقَطَتِ الشَّرَارَةُ، وأَثْقَبْتُهَا أَنَا إِثْقَاباً، وزَنْدٌ ثَاقِبٌ: هو الَّذِي إِذَا قُدِحَ ثَارتْ⁣(⁣١) نَارُهُ، ومِن المَجَازِ: حسَبٌ ثَاقِبٌ، إِذَا وُصِفَ بِشُهْرَتهِ وارْتِفَاعِهِ، قاله اللَّيْثُ، وقال الأَصْمَعِيُّ: حَسَبٌ ثَاقبٌ: نَيِّرٌ مُتَوَقِّدٌ، وعِلْم ثاقِبٌ، مِنْه.

  ومِنَ المَجَازِ: ثَقَّبَ عُودُ العَرْفَجِ: مُطِرَ فَلَانَ عُودُهُ، فإِذَا اسْوَدَّ شيئاً قيل: قد قَمِلَ، فإِذَا زَادَ قَلِيلاً قيل: قد أدْبَى، وهو حِينَئذ يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ، فإِذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل: قد أَخْوَصَ⁣(⁣٢)، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ {وَما أَدْراكَ مَا الطّارِقُ} النَّجْمُ الثّاقِبُ⁣(⁣٣) أَي المُرْتَفِعُ على النُّجُومِ والعَرَبُ تقول لِلطَّائِرِ إِذَا حَلَّقَ⁣(⁣٤) بِبَطْنِ السَّمَاءِ قد ثَقَبَ، وفي الأَساس: وثَقَّبَ الطَّائِرُ: حَلَّقَ كَأَنَّه⁣(⁣٥) يَثْقُبُ السُّكَاكَ، وهو مَجَازٌ، وقال الفَرَّاءُ: الثَّاقِبُ: المُضِيءُ أَوْ هُوَ اسْمُ زُحَلَ⁣(⁣٦) وكُلُّ ذلك جَاءَ في التَّفْسيرِ، كذا في لسان العرب.

  [ثلب]: ثَلَبَه يَثْلِبهُ ثَلْباً مِن بَابِ ضَرَبَ: لَامَهُ وعَابَهُ وصَرَّحَ بِالعَيْبِ، وقال فيه، وتَنَقَّصَهُ، قالَ الرَّاجِزُ:

  لَا يُحْسِن التَّعْريضَ إِلَّا ثَلْبَا

  وقيل: الثَّلْب: شِدَّةُ اللَّوْمِ والأَخْذِ بِاللِّسَان وهي المَثْلَبَةُ بفَتْحِ اللَّامِ وتُضَمُّ اللَّامُ وجَمْعُهَا المَثَالِبُ وهي العُيُوبُ، وما ثَلَبْتُ مُسْلِماً قَطُّ، ومَا لَكَ تَثْلِبُ النَّاسَ وتَثْلِمُ أَعْرَاضَهُمْ، وما اشْتَهَى الثَّلْبَ، إِلَّا مَنْ أَشْبَهَ الكَلْبَ، وما عَرَفْتُ فِي فلَانٍ مَثْلَبَةً⁣(⁣٧)، وفُلَانٌ مَثْلُوبٌ وذُو مَثَالِبَ، ومَا أَنْتَ إِلّا مِثْلَبٌ، أَي عَادَتُكَ الثَّلْبُ: وَمَثَالِبُ الأَميرِ والقَاضي: مَعَايِبُهُ.

  وثَلَبَ الرَّجُلَ ثَلْباً: طَرَدَهُ، وثَلَبَ الشَّيْءَ: قَلَبَهُ، وثَلَبَهُ ثَلَمَهُ، على البَدَلِ.

  والثِّلْبُ بالكَسْرِ: الجَمَلُ الذي تَكَسَرَتْ أَنْيَابُهُ هَرَماً⁣(⁣٨) وتَنَاثَرَ هُلْبُ ذَنَبِهِ أَي الشَّعَرُ الذي فِيه ج أَثْلَابٌ وثلَبَةٌ، كَقِردَة وقِرْد وهي ثِلْبَةٌ بِهَاءٍ، تقولُ منه: ثَلَّبَ البَعِيرُ تَثْلِيباً، عن الأَصْمَعِيِّ قاله في كِتاب الفَرْق، وفي الحَديث: «لهم مِنَ الصَّدَقَةِ الثِّلْبُ والنَّابُ» الثلْبُ مِن ذُكُور الإِبلِ الذي هَرِمَ وتَكَسَّرَتْ أَنْيَابُهُ⁣(⁣٩)، والنَّابُ: المُسِنَّةُ من إِنَاثِهَا. ومِن المَجَازِ: الثِّلْبُ بالكَسْرِ بمَعْنَى الشَيْخِ، هُذَليَّةٌ، قال ابنُ الأَعْرَابيِّ: هو المُسنُّ، ولَمْ يَخصَّ بهذه اللَّغَة قَبيلَةً من العَرَبِ دُونَ أُخْرَى وأَنشد:

  إِمَّا تَرَيْنِي اليَوْمَ ثلْباً شَاخصَا

  ورَجُلٌ ثِلْبٌ: مُنْتَهَى الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنَان، والجَمْعُ أَثْلَابٌ والأُنْثَى ثِلْبَةٌ، وأَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ وقال: إِنَّمَا هي ثِلْبٌ، وقَدْ ثَلَّبَ تَثْلِيباً، وفي حَديثِ ابنِ العَاصِ كَتَبَ إِلى مُعَاويَةَ: إِنَّكَ جَرَّبْتَنِي فَوَجَدْتَني لَسْتُ بِالغُمْرِ الضَّرَعِ ولا بِالثِلْبِ الفَانِي⁣(⁣١٠) والثِلْبُ البَعِيرُ إِذَا لَمْ يُلْقِحْ وهو حَقيقَةٌ فيه، وفي الشَّيْخِ الهَرَمِ مَجَازٌ⁣(⁣١١)، والثِّلْثُ: لَقَبُ رَجُل وهو أَيْضاً صَحَابِيٌّ أَوْ هو بالتَّاءِ الفَوْقِيَّةِ وقد تَقَدَّمَ الكَلَامُ عليه، حُكِيَ ذلكَ عن شُعْبَةَ، ورأَيْتُ في طُرَّةِ كتاب المعجم لابنِ فَهْدٍ أَنَّ شُعْبَةَ كَانَ أَلْثَغَ، فعلى هذا قَلَبَ التَّاءَ ثَاءً هُنَا لُثْغَةً لَا لُغَةً.

  والثَّلِبُ كَكَتِفٍ: المُتَثَلِّمُ مِن الرِّمَاحِ قال أَبو العِيَال الهُذَلِيُّ:

  وَقَدْ ظَهَرَ السَّوَابغُ فِي ... همُ والبَيْضُ واليَلَبُ

  ومُطَّرِدٌ مِنَ الخَطِّيِّ ... لَا عَارٍ وَلَا ثَلِبُ

  ومِنْ سَجَعَات الأَساس: ثِلْبٌ عَلَى ثِلْب وبِيده ثَلِبٌ.

  والثَّلَبُ بالتَّحْرِيكِ: التَّقَبُضُ قَالَ الفَرَّاءُ: يقال: ثَلِبَ جِلْدُهُ، كَفَرِحَ إِذَا تَقَبَّضَ، والثَّلَبُ أَيضاً: الوسَخُ، يُقَالُ: إِنَّهُ لَثَلِبُ الجلدِ، عن الفراءِ.

  والأَثْلَبُ، ويُكسرُ: التُّرَابُ والحِجَارَةُ أَوْ فُتَاتُهَا أَي الحِجَارَة، وكَذَا فُتَاتُ التُّرَابِ، فالأَوْلَى تَثْنِيَةُ الضَّمِيرِ، وقال شَمرٌ: الأَثْلَبُ بلُغَة أَهْلِ الحجَازِ: الحَجَرُ وبلُغَة بنِي تَمِيم:


(١) في اللسان: ظهرت.

(٢) كذا بالأصل واللسان، وعبارة الأساس: ثقب عود العرفج وثقّب إذا جرى فيه الماء، وأوراق.

(٣) سورة الطارق الآيتان ٣ - ٤.

(٤) اللسان: لحق.

(٥) عن الأساس، وبالأصل «لأنه» وأشار إليه في المطبوعة المصرية.

(٦) في نسخة من القاموس: رجل.

(٧) في الأساس: مثلَبة ومثلُبة.

(٨) اللسان: انكسرت أنيابه من الهرم.

(٩) اللسان: أسنانه.

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في النهاية: الغمر: الجاهل، والضرع: الضعيف.

(١١) في الأساس: استعيرت للرجل صفة الجمل.