فصل الثاء مع الباء
  أَوْ مَثابُ البِئْرِ: وَسَطُهَا، ومَثَابَتُهَا: مَبْلَغُ جُمُومِ مَائِهَا، ومَثَابَتُهَا: مَا أَشْرَفَ مِن الحِجَارَةِ حَوْلَهَا يَقُومُ عليها الرَّجُلُ أَحْيَاناً كَيْلَا يُجَاحِفَ الدَّلْوَ أَو الغَرْبَ(١) أَو مَثَابَةُ البِئرِ: طَيُّهَا، عن ابْنِ الأَعْرَابيِّ، قال ابنُ سِيدَهْ: لَا أَدْرِي أَعَنَى بِطَيِّهَا مَوْضِعَ طَيِّهَا أَمْ عَنَى الطَّيَّ الَّذي هو بِنَاؤُهَا بِالحِجَارَةِ، قال: وقَلَّمَا يَكُونُ(٢) المَفْعَلَةُ مَصْدَراً، والمَثَابَةُ: مُجْتَمَعُ النَّاسِ بَعْدَ تَفَرُّقِهم، كالمَثَابِ ورُبَّمَا قالوا لِمَوْضِع حِبَالَةٍ الصّائِدِ مَثَابَةٌ، قال الرَّاجِزُ:
  حَتَّى مَتَى تطَّلعُ المَثَابَا ... لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصَاباً(٣)
  يَعْنِي بالشَّيْخِ الوَعِلَ. والمَثَّابَةُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُثَابُ إِلَيْه أَي يُرْجَعُ إِليه مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، ومنه قولُه تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً}(٤) وإِنَّمَا قيلَ للْمَنْزِلِ مَثَابَةٌ لِأَنَّ أَهْلَهُ يَتَصَرَّفُونَ في أُمُورِهم ثُمَّ يَثُوبُونَ إِليهِ، والجَمْعُ المَثَابُ، قال أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: الأَصْلُ في مَثَابَة مَثْوَبَةٌ، ولكن حَرَكَة الواوِ نُقِلَتْ إِلى الثاء وتَبِعَتِ الواوُ الحَرَكَةَ فَانْقَلَبَتْ أَلفاً، قال: وهذا إِعْلَالٌ بِاتِّبَاع بَابِ ثَابَ، وقِيلَ المَثَابَةُ والمَثَابُ وَاحدٌ، وكذلك قال الفَرَّاءُ: وأَنشد الشَّافِعَيُّ بَيْتَ أَبي طَالِبٍ:
  مَثَاباً لِأَفْنَاءِ القَبَائِلِ كُلِّهَا ... تَخُبُّ إِلَيْهَا اليَعْمَلَاتُ الذَّوَامِلُ(٥)
  وقال ثَعْلَبٌ: البَيْتُ: مَثَابَةٌ، وقال بَعْضُهُمْ: مَثُوبَةٌ، ولَمْ يُقْرَأْ بها.
  قلتُ: وهَذَا المَعْنَى لم يَذْكُرْهُ المُؤَلِّفُ مع أَنَّهُ مَذْكُورٌ في الصّحاحِ، وهو عَجِيبٌ، وفي الأَساس: ومنَ المَجَازِ: ثَابَ اليه عَقْلُهُ وحِلْمُهُ، وجَمَّتْ مَثَابَةُ البِئْرِ، وهي مُجْتَمَعُ مَائهَا وبِئرٌ لَهَا ثائِبٌ(٦) أَيْ مَاءٌ يَعُودُ بَعْدَ النَّزْح(٧) وقَوْمٌ لهم ثَائِبٌ، إِذا وَفَدُوا جَمَاعَةً إِثْرَ(٨) جَمَاعَةٍ. وثَابَ مَالُهُ(٩): كَثُرَ واجْتَمَعَ، والغُبَارُ: سَطَعَ وكَثُرَ. وثُوِّبَ فُلانٌ بعد خَصَاصةٍ. وجَمَّتْ مَثَابَةُ جَهْلِهِ: اسْتحْكَمَ جَهْلُهُ، انتهى، وفي لسان العرب: قال الأَزِهريُّ وسَمِعْتُ العَرَبَ تَقُولُ: الكَلأُ بِمَوْضع كَذَا وكَذَا مِثْلُ ثَائبِ البَحْرِ، يَعْنُونَ أَنَّهُ غَضٌّ رَطْبٌ كَأَنَّهُ مَاءُ البَحْرِ إِذَا فَاضَ بَعْدَ جَزْر. وثَابَ أَي عَادَ ورَجَعَ إِلى مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ أَفْضَى إِليه، ويُقَالُ: ثَابَ مَاءُ البِئرِ، إِذَا عَادَتْ جُمَّتُهَا، وما أَسْرَعَ ثَائِبَهَا، وثَابَ المَاءُ إِذا بَلَغَ إِلى حاله(١٠) الأَوَّلِ بَعْدَ ما يُسْتَقَى، وثَابَ القَوْمُ: أَتَوْا مُتَوَاترِينَ، وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ، وفي حَدِيث عُمَرَ ¥: «لَا أَعْرِفَنَّ أَحَداً انْتَقَصَ من سُبُلِ الناسِ إِلى مَثَابَاتِهِمْ شَيْئاً» قال ابنُ شُمَيْل إِلى مَنَازِلِهِمْ(١١)، الوَاحِدُ مَثَابَة، قال: والمَثَابَةُ: المَرْجِعُ، والمَثَابَةُ: المُجْتَمَعُ، والمَثَابَة: المَنْزِلُ، لأَنَّ أَهْلَهُ يَثُوبُونَ إِليه أَي يَرْجِعُونَ، وأَرَادَ عُمَرُ ¥: لَا أَعْرِفَنَّ أَحَداً اقْتَطَعَ شَيْئاً مِنْ طُرِقِ المُسْلمينَ وأَدْخَلَهُ دَارَه. وفي حَدِيثِ عَمْرِو بنِ العَاص: «قِيلَ له فِي مَرَضهِ الذي مَاتَ فيه: كَيْفَ تَجِدُك؟ قال: أَجِدُنِي أَذُوبُ وَلَا أَثُوبُ» أَي أَضْعُف ولا أَرْجِعُ إِلى الصِّحَّة. وعن ابن الأَعرابيّ: يُقَالُ الأَسَاس البَيْت: مَثَابَات، ويُقَالُ لتُرَابِ الأَسَاسِ: النَّثِيلُ، قَالَ: وثَابَ إِذَا انْتَبَه، وآبَ، إِذَا رَجَعَ، وتابَ إِذَا أَقْلَعَ. والمَثَابُ طَيُّ الحجَارَة يَثُوبُ بَعْضُها على بَعْض من أَعْلَاهُ إِلى أَسْفَله، والمَثَابُ: المَوْضعُ الَّذي يَثُوبُ منه المَاءُ، ومنه: بِئرٌ مَا لَهَا ثَائبٌ، منه المَاءُ، كذا في لسَان العَرَبِ.
  والتَّثْوِيبُ: التَّعْوِيضُ يُقَالُ ثَوَّبَهُ مِن كَذَا: عَوَّضَهُ، وقدْ تَقَدَّمَ، والتَّثْوِيبُ الدُّعَاءُ إِلَى الصَّلاة وغَيْرهَا، وأَصْلُه أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا جاءَ مُسْتَصْرخاً لَوَّحَ بِثَوْبِهِ ليُرى وَيَشْتَهِرَ، فكان ذلك كالدُّعَاءِ، فسُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيباً لِذلك، وكُلَّ داعٍ مُثَوِّبٌ، وقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الدُّعَاءُ تَثْوِيباً من ثَابَ يَثُوبُ إِذا رَجَعَ، فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمْرِ بالمُبَادَرَةِ إِلى الصَّلاةِ، فإِنَّ المُؤَذِّنَ إِذا قال: حَيَّ على الصَّلاةِ، فَقَدْ دَعَاهُمْ إِليهَا، فإِذا قال بَعْدَهُ(١٢): الصَّلاةُ خَيْرٌ مِن النَّوْمِ، فقد رَجَعَ إِلى كَلَامٍ
(١) اللسان: كي لا تجاحف الدلو الغرب.
(٢) اللسان: تكون.
(٣) عن اللسان، وبالأصل «بهترا» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله بهترا كذا بخطه والبهتر القصير كما في الصحاح اه».
(٤) سورة البقرة الآية ١٢٥.
(٥) بالأصل «الزوامل» وما أثبتناه عن اللسان.
(٦) عن الأساس، وبالأصل «ثاب».
(٧) عن الأساس، وبالأصل «النزاع».
(٨) عن الأساس، وبالأصل «بعد».
(٩) الأساس: وثاب له مال.
(١٠) عن اللسان، وبالأصل «حالها».
(١١) في اللسان: إلى مثاباتهم أي إلى منازلهم.
(١٢) اللسان: فإذا قال بعد ذلك.