فصل الثاء مع الباء
  مَعْنَاهُ المُبَادَرَةُ إِليها، أَو هو تَثْنِيَةُ الدُّعَاءِ أَو هو أَنْ يَقُولَ في أَذَانِ الفَجْرِ(١): الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِن النَّوْمِ، مَرَّتَيْن، عَوْداً على بَدْءٍ، ورَدَ في حَدِيثِ بِلَال: «أَمَرَنِي رَسُولُ الله ÷ أَنْ لا أُثَوِّبَ في شَيْءٍ من الصَّلاةِ إِلَّا في صَلَاةِ الفَجْرِ، وهو قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ من النَّوْمِ، مَرَّتَيْنِ. والتَّثْوِيبُ: الإِقَامَةُ أَي إِقَامَةُ الصَّلَاةِ جَاءَ في الحَديث: «إِذا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فَأْتُوهَا وعَلَيْكُمُ السَّكينَةُ والوَقَارُ» قال ابْنُ الأَثير: التَّثْويبُ هُنَا: إِقَامَةُ الصَّلَاةِ. والتَّثْوِيبُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الفَرِيضَة حَكَاهُ يُونُسُ، قَالَ: ويُقال: تَثَوَّبَ إِذَا تَطَوَّعَ أَي تَنفَّلَ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ، أَي الفَرِيضَةِ وَلَا يَكُونُ التَّثْوِيبُ إِلَّا بَعْدَ المَكْتُوبَةِ، وهو العَوْدَ للصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وتَثَوَّبَ: كَسَبَ الثَّوَابَ قال شَيْخُنَا: وَجَدْتُ بِخَطِّ والدي: هذا كُلُّه مُوَلَّد لا لُغَوِيٌّ.
  والثَّوْبُ: اللِّبَاسُ مِن كَتَّانٍ وقُطْن وصُوفٍ وخَزٍّ وفِرَاءٍ وغَيْرَ ذلكَ ولَيْسَتِ السُّتُورُ مِن اللِّبَاسِ، وقَرَأْتُ فِي مُشْكِل القُرْآنِ لابْنِ قُتَيْبَةَ: وقد يَكْنُونَ بِاللِّبَاسِ والثوْبِ عَمَّا سَترَ وَوَقَى، لأَنَّ اللِّبَاسَ والثَّوْبَ سَاتِرَانِ وَواقِيَان قَال الشَّاعرُ:
  كَثَوْبِ ابْنِ بَيْض وَقَاهُمْ بِهِ ... فَسَدَّ عَلَى السَّالِكِينَ السَّبِيلَا
  وسيأْتِي في «ب ى ض». ج أَثْوُبٌ، وبَعْضُ العَرَبِ يَهْمِزُهُ فيقولُ أَثْؤُبٌ لاسْتثْقَالِ الضَّمَّةِ على الوَاوِ، والهَمْزَةُ أَقْوَى على احْتِمَالِهَا منها، وكذلك دَارٌ وأَدْؤُرٌ، وسَاقٌ وأَسْؤُقٌ وجَمِيعُ ما جَاءَ على هذا المِثَالِ، قَالَ مَعْرُوفُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
  لِكُلِّ دَهْرٍ قَدْ لَبِسْتُ أَثْؤُبَا ... حَتَّى اكْتَسَى الرَّأْسُ قِنَاعَا أَشْيَبَا
  أَمْلَحَ لَا لَذّاً وَلَا مُحَبَّبَا(٢)
  ولعَلَّ «أَثْؤُب» مَهْمُوزاً سَقط من نُسْخَةِ شَيْخِنَا فَنَسَبَ المُؤلِّفَ إِلى التَّقْصِيرِ والسَّهْوِ، وإِلَّا فهو مَوْجُودٌ في نُسْخَتِنَا المَوْجُودَةِ، وفي التَّهْذِيب: وثَلَاثَةُ أَثْوُبٍ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، حُمِلَ الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَّوْبِ نَفْسِهَا، والواوُ تَحتملُ الصَّرْفَ من غير انْهِمَازٍ، قال: ولو طُرِحَ الهَمْزُ من أَدْؤُر أَو أَسْؤُق(٣) لجاز، على أَنْ تُرَدَّ تلك الأَلفُ إِلى أَصْلِها، وكان أَصلُها الواو، وأَثْوَابٌ، وثِيَابٌ، ونقل شيخُنَا عن رَوْضِ السُّهَيْلِيِّ، أَنه قد يُطْلَقُ الأَثْوَابُ على لَا بِسيهَا، وأَنْشَدَ(٤):
  رَمَوْهَا بأَثْوَابٍ خِفَافٍ فَلَا تَرَى ... لَهَا شَبَهاً إِلَّا النَّعَامَ المُنَفَّرَا
  أَي بأَبْدَان. قلت: ومثْلُه قولُ الراعي:
  فَقَامَ إِليها حبْتَرٌ بسِلَاحِهِ ... وللهِ ثَوْبَا حَبْتَرٍ أَيِّمَا فَتَى(٥)
  يريدُ ما اشتمل عليه ثَوْبَا حَبْتَرٍ من بَدَنِه، وسيأْتي.
  وبَائِعُه وصَاحِبُه: ثَوَّابٌ، الأَوَّلُ عَنْ أَبي زيد، قال شيخنا: وعلى الثاني اقتصر الجوهريّ، وعَزَاه لسيبويهِ، قلت: وعلى الأَول اقتصرَ ابن المُكَرَّمِ في لسان العرب، حيث قال: ورَجُلٌ ثَوَّابٌ، للذِي يَبِيعُ الثِّيَابَ، نَعَمْ قال في آخِرِ المادّة: ويُقَالُ لصاحب الثِّيَابِ: ثَوَّابٌ.
  وأَبُو بَكْرٍ محمدُ بنُ عُمَرَ الثِّيَابِيُّ البُخَارِيُّ المَحَدِّثُ، رَوَى عنه مُحَمَّد وعمرُ ابْنَا أَبِي بكرِ بنِ عُثْمَانَ السِّنْجِيّ البخاريّ، قاله الذهبيّ، لُقِّب به لأَنّه كان يَحْفَظُ الثِّيَابَ في الحَمَّامِ كالحُسين بن طَلْحةَ النَّعَّالِ، لُقِّب بالحَافِظِ لحفظه النِّعَالَ، وثَوْبُ بنْ شَحْمَةَ التَّمِيمِيُّ، وكان يُلَقَّب مُجِيرَ الطَّيْرِ، وهو الذي أَسَر حَاتِمَ طَيِّئٍ زعموا، وثَوْبُ بنُ النَّارِ شَاعرٌ جاهليٌّ، وثوبُ بن تَلْدَةَ بفتح فسكون مُعَمَّرٌ له شِعرٌ يومَ القَادِسيَّةِ وهو من بني وَالِبَةَ.
  ومن المَجَازِ: لِلّه ثَوْبَاهُ، كما تقول: لِلّه تِلَادُهُ أَي لِلّه دَرُّهُ، وفي الأَساس: يريدُ نَفْسَه(٦) ومن المجاز أَيضاً: اسْلُلْ ثِيَابَكَ مِن ثَيَابِي: اعْتَزلْنِي وفَارِقْنِي، وتَعلَّقَ بِثِيَابِ اللهِ: بأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، كذَا في الأَساس.
  وثَوْبُ المَاءِ، هو السَّلَى والغِرْسُ، نقله الصَّاغَانيّ، وقولهم وَفِي ثَوْبَيْ أَبِي، مُثَنًّى، أَنْ أَفِيَهُ، أَيْ في ذِمَّتِي وذمَّةِ
(١) زيد في اللسان: بعد قوله: حي على الفلاح:
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في التكملة وسقط بين المشطورين الأولين مشطور وهو: من ربطه واليمنة المعصّبا. اه».
(٣) اللسان: «وأسؤق».
(٤) البيت للشماخ.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فقام الخ أنشد الشطر الأول في الأساس هكذا: فأومأت إيماء خفيا لحبتر فالله الخ».
(٦) عبارة الأساس: ولله ثوبا فلان، كما تقول: لله بلاده تريد نفسه.