تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الثاء مع الباء

صفحة 344 - الجزء 1

  أَبي، وهذَا أَيضاً من المجاز، ونقله الفرّاءُ عن بَني دُبَيْرٍ، وفي حديث الخُدْرِيِّ لمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ دَعَا بثيَاب جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثم ذَكَرَ عنِ النبيِّ ÷ أَنَّه قال: «إِنَّ ( *) المَيِّتَ لَيُبْعَثُ وفي رواية: يُبْعثُ فِي ثِيابِه التي يَمُوتُ فيها» قال الخَطَّابِيُّ: أَمَّا أَبُو سَعيد فقد استعملَ الحديثَ على ظاهرِه، وقد رُوِيَ في تَحْسِينِ الكَفَنِ أَحاديثُ، وقد تأَوَّلَه بعضُ العلماءِ على المعنى فقال: أَيْ أَعْمَاله التي يُخْتَمُ له بها⁣(⁣١)، أَو الحالة التي يَمُوتُ عليها من الخَيْر والشَّرِّ، وقد أَنكرَ شيخُنَا على التأْوِيل والخروجِ به عن ظاهرِ اللفظِ لغيرِ دليل، ثمّ قال: على أَنّ هذا كالذي يُذْكَر بعده ليس من اللغة في شيء، كما لا يخفى، وقوله ø: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ⁣(⁣٢) قال ابنُ عبّاس: يقول: لَا تَلْبَسْ ثِيَابَكَ على مَعْصِيَةٍ ولا على فُجُورٍ⁣(⁣٣)، واحتجَّ بقول الشاعر:

  وإِنّي بِحَمْدِ اللهِ لَا ثَوْبَ غَادِر ... لَبِسْتُ وَلَا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ

  قيلَ: قَلْبَكَ، القَائِلُ: أَبو العبّاس، ونقل عنه أَيضاً: الثِّيَابُ: اللِّبَاسُ، وقال الفرّاء، أَي لَا تَكُنْ غادِراً فتُدَنِّسَ ثِيابَكَ، فإِنّ الغادرَ دَنسُ الثِّيابِ، ويقال: أَي عَمَلَكَ فَأَصْلِحْ، ويقال: أَي فَقَصِّرْ، فإِنّ تَقصيرَها طُهْرٌ، وقال ابنُ قتيبةَ في مشكلِ القرآن: أَي نَفْسَكَ فَطَهِّرْهَا من الذُّنُوبِ، والعَرَبُ تَكْنِي بالثِّيَابِ عن النفْس لاشتمالها عليها، قالت لَيْلَى وذَكَرَت إِبلا:

  رَمَوْهَا بِأَثْوَاب خِفَافِ فَلَا تَرَى

  البَيْتُ قد تقدَّم، وقال:

  فَسُلِّي ثِيَابِي عَنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ⁣(⁣٤)

  وفُلَانٌ دَنِسُ الثِّيَابِ، إِذَا كَان خَبِيثَ الفِعْلِ والمَذْهَبِ خبيثَ العِرْض قال امرؤُ القيس:

  ثِيَابُ بَنِي عَوْف طَهَارَى نَقِيَّةٌ

  وَأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَشَافِرِ غُرَّانُ⁣(⁣٥)

  وقال آخر:

  لَا هُمَّ إِنَّ عَامِرَ بْن جهْمِ ... أَوْذَمَ حَجًّا في ثِيَابٍ دُسْمٍ

  أَي مُتَدَسِّم بالذُّنُوبِ، ويقولون: قَوْمٌ لِطَافُ الأُزْرِ أَي خِمَاصُ البُطُونِ، لأَنَّ الأَزُرَ تُلاثُ عليها، ويقولون: فِداً لَكَ إِزَارِي، أَي بَدَنِي، وسيأْتِي تحقيقُ ذلك.

  وسَمَّوْا ثَوْباً وثُوَيْباً وثَوَاباً كسَحَابِ وثَوَابَةَ كسَحَابَةٍ وثَوْبَانَ وثُوَيْبَةَ، فالمُسَمَّى بثَوْبَانَ في الصَّحَابة رَجُلَانِ: ثَوْبَانُ بنُ بُجْدُدٍ مَوْلَى رسول الله ÷، وثَوْبَانُ أَبو عبدِ الرحمن الأَنْصَارِيُّ، حَدِيثُه في إِنْشَادِ الضَّالَّةِ، وثَوْبَانُ: اسْمُ ذِي النُّونِ الزَّاهِدِ المِصْرِيّ، في قول عن الدَّارَقُطْنِيِّ، وثَوْبَانُ بن شَهْرِ الأَشْعَرِيُّ، يَرْوِي المَرَاسِيلَ، عِدَادُه في أَهلِ الشأْمِ، وثُوَيْبٌ أَبُو رشيدٍ الشامِيُّ.

  وثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ، مُرْضِعَةُ رسُولِ الله ÷ ومرضعة عمِّه حمزةَ، ¥، قال ابنُ مَنْدَة: إِنَّهَا أَسلمتْ، وأَيَّده الحافظ ابنُ حَجَر.

  وَمَثْوَبُ كمَقْعَدٍ: د باليَمَنِ، نقله الصاغانيّ.

  وثُوَبُ كزُفَرَ، وفي نسخة كصُرَدٍ ابنُ مَعْنٍ الطَّائِيُّ، من قُدماءِ الجاهليّةِ، وهو جَدُّ عَمْرِو بنِ المُسَبِّح بنِ كَعْب، وزُرْعَةُ بنُ ثُوَبَ المُقْرِيءُ تابعيٌّ، كذَا في النسخ، والصواب المُقْرَائِيّ قاضي دِمَشْقَ بعدَ أَبي إِدريسَ الخَوْلَانِيِّ وَعَبْدُ الله ابنُ ثُوَبَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيُّ اليَمَانِيُّ الزاهدُ: ويقال: هو ابن ثَوَابٍ ويقال: أَثْوَبَ، سَكنَ بِدَارِيَّا الشَّام، لَقِيَ أَبَا بكرٍ الصدِّيقَ، وَرَوَى عن عوفِ بنِ مالكِ الأَشجعيِّ، وعنه أَبُو أُدْرِيسَ الخَوْلَانِيُّ، كذا في التهذيب للمِزّيّ وجُمَيْحُ، بالحَاءِ المهملة مُصَغَّراً، هكذا في النسخ، والصَّوَاب: جَمِيعُ بالعين، كأَمير، والحَاء تصحيفٌ أَو هو جُمَيْعُ بالعين المهملة مُصَغَّراً ابْنُ ثُوَبَ، عن خالدِ بن مَعْدَانَ، وعنه يحيى الوُحَاظِيّ⁣(⁣٦) وَزَيْدُ بنُ ثُوَبَ رَوَى عنه يوسفُ بنُ أَبي


(*) في القاموس: زيادة [وإن].

(١) في اللسان: وعمله الذي يُختم له به.

(٢) سورة المدثر الآية ٤.

(٣) في اللسان: على فجورِ كفرٍ.

(٤) بالأصل «تنسلي» بإثبات الياء، وكذا في اللسان، وما أثبتناه عن أساس البلاغة.

(٥) عجزه في الديوان: وأوجههم عند المشاهد غران، وفي اللسان: المسافر.

(٦) بالأصل: «الدحاظي» وما أثبتناه عن تقريب التهذيب.