فصل الكاف مع الراء
  تَكن، أَو يكون المَعْنَى: نُذْهِبُهَا ونُزِيلُهَا، من باب التَّمْريض لإِزالة المَرَض، والتَّقْذِيَة لإِذهاب(١) القَذَى. وإِلى هذا يُشير قولُه تعالَى: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}(٢) والتَّكْفِيرُ: أَنْ يخْضَعَ الإِنسانُ لغَيْره وَيَنْحَنِيَ ويُطَأْطِئَ رَأْسَهُ قريباً من الرُّكُوع، كما يَفعل مَنْ يُريد تَعظيمَ صاحِبه، ومنه حديث أَبي مَعْشَر: «أَنَّه كان يَكْرَهُ التَّكْفيرَ في الصَّلاة»، وهو الانْحنَاءُ الكَثِيرُ في حالَة القيَامِ قبلَ الرُّكُوع. وتَكْفيرُ أَهْلِ الكتَاب أَن يُطَأْطئَ [أَحدُهُم](٣) رَأْسَه لصاحبه كالتَّسْليم عندنا. وقد كَفَّرَ له. وقيل: هو أَن يَضَع يَدَه أَو يَدَيْه على صَدْرِه، قال جَريرٌ يخاطبُ الأَخطلَ ويذكر ما فعلَتْ قَيْسٌ بتَغْلب في الحُروب التي كانت بعدهم:
  وإِذَا سَمِعْتَ بحَرْب قَيْس بَعْدَها ... فضَعُوا السِّلاحَ وَكَفِّرُوا تَكْفيرَا
  يقول: ضَعُوا سِلاحَكُم فلسْتم قادِرين على حَرْبِ قَيْسٍ لعجْزِكم عن قِتَالهم، فَكفِّرُوا لهم كما يُكَفِّر العبدُ لمَوْلاه، وكما يُكَفِّر العِلْجُ للدِّهْقان يضَع يَدَه على صَدْرِه ويَتَطَامنُ له، واخْضَعُوا وانْقَادُوا. وفي الحَديث عن أَبي سعيدٍ الخُدْريّ رَفَعَه قال: «إِذا أَصْبَحَ ابنُ آدَمُ فإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّها تُكَفِّرُ للّسَان، تَقُولُ اتَّقِ الله فينَا فإِن اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإِن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا» أَي تَذِلُّ وتُقِرُّ بالطاعة له وتَخْضَعُ لأَمْره. وفي حديث عَمْرو بن أُمَيَّة والنَّجاشيّ: «رَأَى الحَبَشَة يَدخلُون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فوَلَّاهُ ظَهْرَه ودخَل».
  والتَّكْفِيرُ: تَتْويج المَلِك بتَاج إِذَا رُئِيَ كُفِّرَ لهُ، والتَّكْفِيرُ أَيضاً: اسمٌ للتَّاج، وبه فَسَّر ابنُ سيدَه قولَ الشاعر يصفُ الثَّوْرَ:
  مَلِكٌ يُلَاثُ برَأْسه تَكْفيرُ
  قال: سمَّاه بالمَصْدَر، أَو يكون اسماً غيرَ مَصْدر، كالتَّنْبِيت للنَّبْت، والتَّمْتين للمَتْن.
  وقال ابنُ دُرَيْد: رجل كُفَارِيٌّ: الكُفَاريُّ بالضّمِّ، وفي بعض النُّسخ كغُرَابِيّ(٤): العَظيمُ الأُذُنَينْ، مِثْل شُفارِيّ. والكَفَّارَةُ، مُشَدَّدَةً: ما كُفِّر به من صَدَقَة وصَوْم(٥) ونَحْوِهما، كأَنَّه غُطِّيَ عليه بالكَفَّارة. وفي التهذيب: سُمِّيَت الكَفّارات [كفَّاراتٍ](٦) لأَنّهَا تُكَفِّر الذُّنُوبَ، أَي تَسْتُرهَا، مثل كَفَّارَة الأَيْمَان، وكفَّارَة الظِّهَار والقَتْل الخَطَإِ، وقد بَيَّنه الله تعالَى في كتابه وأَمَر بها عِبَادَه، وقد تكرَّر ذِكْرُ الكَفَّارة في الحديث اسْماً وفِعْلاً مُفْرَداً وجَمْعاً، وهي عبارةٌ عن الفَعْلَة والخَصْلَة الَّتي من شأْنهَا أَن تُكَفِّرَ الخَطيئة، أَي تَمحُوَها، وهي فَعَّالَة للمُبَالَغَة، كقَتَّالَة، وضَرَّابَة من الصفات الغالبةَ في باب الاسميّة.
  وكَفَرِيَّةُ، كطَبَريَّة: ة بالشام، ذكرَه الصاغانيُّ.
  ورَجُلٌ كِفِرِّينٌ كعِفِرِّينٍ: دَاهٍ، وقال الَّليْث: أَي عِفْريت خَبيثٌ كعِفرِّينٍ وَزْناً ومعنًى.
  ورجلٌ كَفَرْنَى، أَي خامِلٌ أَحْمَقُ، نَقَلَهُ صاحبُ اللِّسَان.
  والكَوَافِرُ: الدِّنَانُ، نقَلَه الصاغَانيّ.
  وفي نوادر الأَعْرَاب: الكافِرَتانِ والكَافِلتَان: الأَلْيَتَانِ، أَو هما الكَاذَتَان(٧)، وهذه عن الصاغانيّ.
  وأَكْفَرَهُ: دَعَاهُ كافراً. يُقَال: لا تُكْفِرْ أَحَداً من أَهْل قِبْلَتك، أَي لا تَنْسُبْهم إِلى الكُفْرِ، أَي لا تَدْعُهم كُفَّاراً ولا تَجْعَلْهُم كُفَّاراً بزَعْمِك وقَولك.
  وكَفَّرَ عن يَمِينه تَكْفيراً: أَعْطَى الكَفَّارَةَ، وقد تَقَدَّم الكلامُ عليه قريباً، وهذا مع ما قَبْلَه كالتَّكْرَار.
  * ومّما يُسْتَدْرَك عليه:
  الكُفْرُ: البَرَاءَةُ، كقَوْله تعالَى حكايةً عن الشَّيْطَان في خَطيئَته إِذا دَخَل النارَ: {إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ}(٨) أَي تَبَرَّأْت.
  والكافِرُ: المُقِيمُ المُخْتَبئُ، وبه فُسّر حديثُ سَعْد: «تَمَتَّعْنا مع رسول الله ﷺ، ومُعَاويَةُ كافِرٌ بالعُرُش»، والعُرُشُ: بُيُوتُ مَكَّة.
(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «لذهاب».
(٢) سورة هود الآية ١١٤.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) كذا وقعت بالأصل، وهي من متن القاموس.
(٥) في اللسان: أو صوم.
(٦) زيادة عن التهذيب.
(٧) الكاذتان تثنية كاذة، والكاذة ما حول الحياء من ظاهر الفخذين أو لحم مؤخرهما.
(٨) سورة ابراهيم الآية ٢٢.