[مخر]:
  ومَخَرَ الغُزْرُ، بالضمّ وسكون الزاي، النَّاقةَ يَمْخَرُهَا مَخْراً، إِذا كانت غزيرَةً فأَكْثرَ حَلْبَها فجَهَدها ذلك وأَهْزَلهَا.
  واليَمْخُورُ، بالفتْح ويُضَمُّ على الإِتْبَاع: الطَّويلُ من الرِّجَال، ومن الجِمَال: الطويلُ الأَعْناقِ. وعُنُقٌ يَمْخُورٌ: طويلٌ، وجمل يَمْخُورُ العُنُقِ: طويلُه. قال العَجَّاج يصف جملاً:
  في شَعْشَعَان عُنُقٍ يَمْخُورِ ... حابِي الحُيُودِ فارِضِ الحُنْجُورِ
  والماخُورُ: بَيْتُ الرِّيبة ومَجْمَعُ(١) أَهلِ الفِسْق والفَساد، ومَجلسُ الخَمّارين ومنْ يَلِي ذلك البَيْتَ ويَقُودُ إِليْه أَيضاً يُسمَّى مَاخُوراً، معرّب مَيْ خُور، أَي شارب الخَمْر، فيكون تَسمية المحلِّ به مَجازاً، أَو عَرَبيَّة، من مَخَرَت السَّفينةُ، إِذا أَقْبَلَت وأَدْبَرَت، سُمِّي لترَدُّدِ الناس إِليْه، فهو مَجاز أَيضاً، ج مَوَاخِرُ ومَوَاخِيرُ، ومن الثاني حَديثُ زِيَاد لمَّا قَدم البصْرَة وَالياً عليها: «ما هذه المَوَاخيرُ، الشَّراب عَليْه حَرَامٌ حَتَّى تُسَوَّى بالأَرْض هَدْماً وإِحْرَاقاً» ومن سجعات الأَساس: لأَنْ يَطْرحك(٢) أَهلُ الخَيْر في المَآخِير، خَيْرٌ من أَنْ يُصدِّرَك أَهلُ الموَاخير.
  وبَنَاتُ مَخْر، بالفتح: سَحَائبُ بِيضٌ حِسَانٌ رِقاقٌ مُنْتَصِباتٌ يأْتِين قُبُلَ الصَّيْف، وهُنَّ بَنَاتُ المَخْرِ. قال طَرَفةُ:
  كبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ كمَا ... أَنْبَتَ الصَّيفُ عَسَالِيجَ الخَضِرْ
  وكُلُّ قِطْعَة منها على حِيَالها بَنَاتُ مَخْرٍ، قال أَبو عَليّ الفارسيّ: كان أَبو بَكْر محمّد بن السَّرِيّ يَشتقّ هذا من البُخار، فهذا يَدُلُّك على أَنّ الميم في مَخْرٍ بدل من البَاءِ في بَخْر، قال: ولو ذَهبَ ذاهبٌ إِلى أَنّ الميم في مخر أَصلٌ أَيضاً غيْر مُبْدَلة على أَن تَجْعَله من قوله عزَّ اسمُه: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} وذلك أَنّ السَّحاب كأَنَّهَا تَمْخر البَحْرَ لأَنّها، فيما يَذْهَب إِليه، عَنْه تَنْشأُ ومنه تَبْدَأُ، لكان مُصيباً غيرَ مُبْعدٍ، أَلَا تَرَى إِلى قوْل أَبي ذُؤَيْب:
  شَرِبْنَ بماءِ البَحْر ثُمَّ تَرَفَّعَتْ ... مَتَى لُحَجٍ خُضْرٍ لهُنَّ نَئيجُ
  هذه عبارة أَبي عَليّ بنصّها. وقد أَجحَفَ شيخُنا في نقْلها، وقال بعد ذلك: قلتُ: البيت من شواهد التوْضيح، وقد أَنْعَمْتُه شرْحاً في إِسفار اللِّثام، والشاهدُ فيه استعمالُ مَتَى بمعنَى مِنْ.
  والأَصالةُ في الباءِ ظاهرةٌ في قوله الآتي: والمَخْرَةُ: ما خَرَج من الجَوْف مِن رائحَةٍ خَبيثةٍ. ولم يَتعرَّضوا لهُ، فتأَمَّلْهُ. قلتُ: والمَخْرَة هذه نقلَها الصاغانيّ في التكملة، والزمخشريّ في الأَساس، وزاد الأَخيرُ: وفي كُلِّ طائر ذفر المخْرة.(٣) ولم يتعرَّض لها صاحبُ اللِّسان.
  والمخْرَة مُثلَّثةً(٤): الشيءُ الَّذِي تَخْتارُه، والكسْرُ أَعْلَى، وهذا مخْرة المال، أَي خِيارُه.
  والمَخِيرُ، على فعِيل: لَبنٌ يُشابُ بماءٍ، نقله الصاغانيّ.
  وفي الحَديث: «إِذا أَرادَ أَحدُكم البَوْلَ فلْيَتمَخَّر الرِّيحَ»، أَي فلْيَنْظُر من أَين مَجْراها فلا يَسْتقْبلَها كي لا تَرُدَّ عليه البَوْلَ ويَترشَّشَ عليه بَولُه، ولكنْ يَسْتَدْبرُها. وفي لفْظٍ آخر: اسْتَمْخِرُوا، رواه النَّضْرُ بنُ شُمَيْل من حديث سُرَاقة، ونصَّه: «إِذا(٥) أَتَيْتم الغائطَ فاسْتَمْخِرُوا الرِّيحَ» أَي اجْعَلُوا ظُهُورَكُم إِلى الرِّيحِ عند البَوْل، كأَنَّهُ، هكذا في سائر النُّسخ، وفي النهَايَة لابن الأَثير: لأَنّه إِذا وَلَّاها فكأَنّهُ قد شَقَّها بظَهْره فأَخَذتْ عن يَمِينه ويَسَاره. وقد يكون اسْتِقْبالُهَا تَمَخُّراً، كامْتِخارِ الفرَسِ الرِّيحَ، كما تقدّم، غيْرَ أَنّه في الحَديث اسْتِدْبار. قلت: الاسْتِدْبارُ ليس معنىً حَقيقيًّا للتَّمَخُّر كما ظنَّه المصنِّف، وإِنَّما المُراد به النَّظرُ إِلى مَجرَى الرِّيح مِن أَيْنَ هُو، ثُمَّ يُسْتدْبَر، وهو ظاهرٌ عند التأَمُّلِ الصادقِ.
  ومَخْرَى، كسَكْرَى: وَادٍ بالحجَاز ذُو حُصُون وقُرًى.
  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:
  مَخَرَ الأَرض مَخْراً: شَقَّها للزِّراعة. ومَخَرَ المَرْأَةَ مَخْراً: باضَعَها. وهذه عن ابن القطَّاع، وفي الحَديث: لتَمْخَرَنَّ الرُّومُ الشّامَ أَربعين صَبَاحاً» أَراد أَنَّهَا تَدخُل الشامَ وتَخوضُه.
(١) التهذيب: ومجتمعه.
(٢) عن الأساس وبالأصل «تطرحك».
(٣) نص الأساس: وكلّ طائرٍ دَفِرُ المخرةِ.
(٤) كذا، وفي اللسان: والمِخرة والمُخرة بكسر الميم وضمها.
(٥) نصه في النهاية: إذا أتى أحدكم الغائط فليفعل كذا وكذا، واستمخروا الريح.