تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نثر]:

صفحة 505 - الجزء 7

  وقد نَثَرَت ذا بَطْنِهَا، ونَثَرَت بَطْنَهَا. وفي الحَديث: «فلمّا خَلَا سِنِّي ونَثَرْتُ لَهُ ذا بَطْنِي» أَرادتْ أَنّها كانَتْ شابَّةً تَلِدُ الأَوْلَادَ عندَه. وقيل. لامْرَأَةٍ: أَيُّ البُغَاةِ أَحبّ⁣(⁣١) إِلَيْك؟

  فقالت: التي إِنْ غَدَتْ بَكَرَتْ. وإِنْ حَدَّثَتْ. نَثَرَتْ. وكُل ذلِكَ مَجاز.

  ومن المَجَاز: النَّثُور: الشَّاةُ تَعْطِس وتَطْرَحُ من أَنْفِهَا الأَذَى كالدُّودِ، كالنَّاثِرِ، وقد نَثَرَتْ. وقال الأَصْمَعِيُّ: النّافِر والنّاثِر: الشّاة تَسْعُل فيَنْتَثِرُ من أَنْفِهَا شيءٌ.

  ومن المَجَاز: النَّثُور: الشَّاةُ الوَاسِعَةُ الإِحْلِيلِ كأَنَّهَا تَنْثُر اللَّبَنَ نَثْراً، وبه فُسِّر حديثُ أَبِي ذَرٍّ: «أَيُواقِفُكم⁣(⁣٢) العَدُوُّ حَلْبَ شاةٍ نَثُور».

  والنَّيْثُرَانُ، كرَيْهُقَان، والنَّثِرُ، ككَتِفٍ، والمِنْثَرُ، ك مِنْبَرٍ: الكَثِيرُ الكَلامِ، والأُنْثَى نَثِرَةٌ، فقط. والأولى ذَكَرَها الصّاغانِيُّ. وقد نَثَرَ الكَلامَ وكذلك الوَلدَ إِذا أَكْثَرَهُ، فهو وهي نَثُورٌ، في الأخير، ومِنْثَرٌ ونَثِرٌ ونَيْثَرَانٌ، في الأَوَّل.

  وكُلُّ ذلك مَجازٌ.

  ومن المَجَاز: النَّثْرَةُ، بالفَتْح: الخَيْشُومُ وما وَالاهُ؛ قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: النَّثْرَة: طَرَفُ الأَنْفِ، أَو هي الفُرْجَةُ ما بَيْنَ الشارِبَيْنِ حِيَالَ وَتَرَةِ الأَنْفِ، وكذلك هي من الأَسَدِ، وقيل: هي أَنْفُ الأَسَدِ، وهو مَجاز. ومنه النَّثْرَةُ: كَوْكَبَانِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ شِبْرٍ وفيهِمَا لَطْخُ بَيَاضٍ كأَنَّه قِطْعَة سَحَابٍ، وهي أَنْفُ الأَسَدِ يَنْزلَهَا القمرُ، كذا في الصّحاح. قال الزّمخشريُّ: كأَنَّ الأَسد مَخَطَ⁣(⁣٣). مَخْطَةً. وفي التَّهْذيب: النَّثْرَة: كوكبٌ في السَّمَاءِ كأَنّه لَطْخ سَحَابٍ حِيَالَ كَوْكَبَيْن⁣(⁣٤) تُسمِّيه العَرَبُ نَثْرَة الأَسِد. وهي من مَنازل القَمَر، قال: وهي في عِلْم النُّجُوم من بُرْج السَّرَطان. قال أَبو الهَيْثَم: النَّثْرَة: أَنفُ الأَسدِ ومَنْخِراه، وهي ثلاثة كَواكبَ خَفِيّة مُتقارِبة، والطَّرْفُ: عَينَا الأَسدِ كَوْكَبان، الجَبْهَةُ أَمامَها وهي أَربعةُ كَوَاكِبَ.

  ومن المَجاز: أَخَذَ دِرْعاً فنَثَرَهَا على نَفْسه، أَي صَبَّهَا، ومنها النَّثْرَةُ، وهي الدِّرعُ السَّلِسَةُ المَلْبَسِ أَو الواسِعَةُ، ويُقَال لها نَثْرَةٌ ونَثْلةٌ. قال ابن جنّي: يَنبغِي أَن تكون الراءُ في النَّثرة بَدلاً من اللّام، لقولهم: نَثَلَ عليه دِرْعَه، ولم يقولُوا نَثَرَها، والّلام أَعَمّ تَصَرُّفاً وهي الأَصل، يعني أَنَّ باب نَثَلَ أَكثرُ من بابِ نَثَر. وقال شَمِرٌ في كِتَابه في السِّلاح: النَّثْرَة⁣(⁣٥) والنَّثْلَة: اسمٌ من أَسماءِ الدُّرُوعِ، قال: وهي المَنْثُولة وأَنشَدَ:

  وضَاعَفَ مِن فَوْقِهَا نَثْرَةً ... تَرُدُّ القَوَاضِبَ عنها فُلُولَا

  وقال ابنُ شُمَيْل: النَّثْل: الأَدْرَاعُ⁣(⁣٦) يقال: نَثَلَهَا عليه ونَثَلَهَا عنه، أَي خَلَعَهَا، ونَثَلَهَا عليه، إِذ لَبِسَها. قال الجوهَرِيّ: يقال نَثَر دِرْعَه عنه، إِذا أَلقاها عنه، ولا يُقَالُ نَثلَهَا. قُلتُ: والذي قالَهُ أَبو عُبَيْدة في كتاب الدِّرْع له ما نَصّهُ: وللدِّرْع أَسماءٌ من غير لَفظهَا، فمنْ ذلِكَ قَوْلُهُم: نَثْلَة، وقد نَثَلْتُ دِرْعِي عني، أَي أَلقَيْتُهَا عني، ويقولُون: نَثْرَة، ولا يقولُون نَثَرْتُ عنّي الدِّرْعَ، فتراهم حَوَّلُوا الَّلامَ إِلى الرّاءِ كما قالوا: سَمَلْت عَينَهُ وسَمَرْت عَينَه. ونُرَى⁣(⁣٧) أَنّ النَّثْلَة هي الأَصْل، لأَنّ لها فِعْلاً وليس للنَّثْرَة فِعلٌ.

  انتهى، وهو يُخالِف ما ذهبَ إِليه الجَوْهَرِيّ وأُرى الزَّمَخْشَرِيَّ قد اشْتقَّ من النَّثْرَةِ فِعلاً، فتأَمَّل.

  والنَّثْرَةُ للدوابِّ: شِبْه العَطْسَة. وفي حَدِيثِ ابنِ عبّاسٍ: «الجَرَادُ نَثْرَةُ الحَوتِ» أَي عَطْسَتُه، وفي حديث كَعْب: «إِنّمَا هو نَثْرَةُ حُوتٍ». والنَّثِيرُ، كأَمِيرٍ لِلدَّوَابِّ. والإِبل كالعُطَاسِ لنا، زادَ الأَزهرِيّ. إِلّا أَنَّه ليس بغالِب، ولكنّه شيءٌ يفعله هو بأَنْفِه، وقَدْ نَثَرَ الحِمَارُ، وهو يَنْثِرُ نَثِيراً؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَبِيّ:

  فما أَنْجَرَتْ حتَّى أَهَبَّ بسُدْفَةٍ ... عَلاجِيمَ عَيْرِ ابْنيْ صُبَاح نَثِيرُهَا

  واسْتَنْثَرَ الإِنسان: اسْتَنْشَقَ المَاءَ ثمّ اسْتَخْرَجَ ذلِك بنَفَسِ الأَنْفِ، وهو مَجاز، كانْتَثَرَ، وقال ابنُ الأَعرابي: الاستِنثار


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أحب إليك، وفي اللسان: أبغض إليك».

(٢) عن النهاية، وبالأصل «أيوافقكم».

(٣) عن الأساس وبالأصل «مخطه».

(٤) التهذيب: كوكبين صغيرين.

(٥) في التهذيب: النثرة من الدروع السابغة «وقال غيره: النثرة والنثلة اسم من أسمائها.

(٦) عن التهذيب واللسان وبالأصل «للادراع».

(٧) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «ترى».