تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ندر]:

صفحة 515 - الجزء 7

  بالجيم⁣(⁣١)، أَو من بَينِ شيءٍ أَو من أَشْيَاءَ فظَهَرَ، وفي الحَدِيث؛ «أَنَّه رَكبَ فَرَساً له فمَرَّتْ بشجَرَةٍ فطَارَ منها طائرٌ، فحادَتْ، فنَدَرَ عنها على أَرضٍ غَلِيظَة»، أَي سَقطَ ووَقعَ.

  والرَّجُلُ إِذا خَضَفَ يُقَال: نَدَرَ بها، وهي النَّدْرَة، أَي الخَضْفَة بالعَجَلَة، حكاها ابنُ الأَعرابيّ هكذا بالخاءِ والضاد المُعْجَمَتيْن، وفي بَعْض النُّسَخ: حَصَف، بالمُهْمَلَتين. وفي حديث عُمر ¥: «أَنَّ رَجُلاً نَدَر في مَجْلِسه، فأَمَر القَوْمَ كلَّهم بالتَّطَهُّر لئلَّا يَخجَلَ النادرُ» حكاها الهَرَويّ في الغَرِيبَيْن: معناه أَنّه ضَرَطَ كأَنَّها نَدَرَت منه من غيرِ اخْتيارٍ.

  ونَدَرَ: جَرَّبَ. يقولون: لو نَدَرْتَ فُلاناً لوَجَدْتَه كما تُحبّ، أَي لو جَرَّبْتَه.

  ويقال: نَدَرَ الرَّجلُ، إِذا ماتَ، قاله ابنُ حَبِيب، وأَنْشَد لِسَاعِدَةَ الهُذَلِيِّ. وفي التكملة: لِسَاعِدَةَ بنِ العَجْلان:

  كلانَا وإِنْ طَالَ أَيَّامُه ... سيَنْدُر عن شَزَنٍ مِدْحَضِ

  أَي سيموت.

  ونَدَر النَّبَاتُ: خَرَجَ وَرَقُه من أَعْرَاضه، ونَدَرَت الشَّجَرَةُ تَنْدُر: ظَهَرَتْ خُوصَتُهَا، وذلك حينَ يَسْتَمكِن المالُ من رَعْيِها، أَو نَدَرَت: اخْضَرَّتْ، وهذه عن الصاغَانيّ.

  والأَنْدَرُ: البَيْدَرُ، شاميّة. و⁣(⁣٢) قال كُرَاع: الأَنْدَر: كُدْسُ القَمْحِ خاصّةً، ج: أَنَادرُ، قال الشاعر:

  دَقَّ الدِّيَاسِ عَرَمَ الأَنَادِرِ

  والأَنْدَر: ة بالشَّام، عَلَى يَوْم ولَيْلَة من حَلَبَ، فيها كُرُومٌ. وقَوْلُ عَمْرِو بنِ كُلْثُوم:

  أَلَا هُبِّي بصَحْنك فاصْبَحينَا

  ولا تُبْقَى خُمُورَ الأَنْدَرِينَا لمَّا نَسَبَ الخَمْرَ إِلى أَهْل هذِه القَرْيَةِ فاجْتَمَعَت ثَلاثُ ياآت فخَفَّفَها للضَّرُورَة، كما قال الراجز:

  ومَا عِلْمِي بسِحْرِ البابِلينَا

  أَو جَمْعُ الأَنْدَرِيّ، أَنْدَرُونَ فخَفَّف ياءَ النِّسْبَة، كما قَالُوا: الأَشْعَرُونَ والأَعْجَمُون، في الأَشعريّين والأَعجميِّين، قال شَيخُنَا: وكلامُه لا يَخْلُو عن نَظَر، وتَحْقيقُه في شرْح شَواهِد الشَّافِيَة للبَغْدَاديّ. قُلْتُ: ولعَلَّ وَجْهَ النّظر هو اجْتِماع ثَلاثِ آياتٍ في الكلمة. وما يَكُونُ الأَنْدَرُونَ الذي هو جمع الأَندريّ مع أَنه ذكره فيما بعد بقوله: «فِتْيان» إِلى آخره، ولو ذَكرَه قبل قَوْله «كمَا قَالُوا» إِلخ، كانَ أَحسنَ في الإِيراد، فتأَمَّل.

  والأَنْدَرِيُّ: الحَبْلُ الغَلِيظُ، أَنشدَ أَبو زيد:

  كأَنَّه أَنْدَرِيٌّ مَسَّهُ بَلَلُ

  كذا في التَّكْملة، ونَسبَه صاحِبُ اللِّسَان لأَبي عَمْرٍو، وأَنشد لِلَبِيدٍ:

  مُمَرٌّ ككَرِّ الأَنْدَرِيّ شَتِيمُ⁣(⁣٣)

  والأَنْدَرُونَ: فِتْيَانٌ مِن مَواضعَ شَتَّى يَجْتَمعُون للشُّرْب، وَاحدُهُم أَنْدَريٌّ، وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بنِ كُلْثُوم السَّابق⁣(⁣٤).

  ومن المَجَاز: أَسمَعَني النَّوادِرَ: نَوَادِرُ الكَلامِ تَنْدُر


(١) في اللسان: «من خوف شيء» وفيه أيضاً: من جوف شيء كالقاموس والأصل.

(٢) في القاموس: «أو».

(٣) ديوانه وصدره فيه: ص: ١٨٢ - ط. بيروت:

فَروَّحها يَقْلو النِّجادَ عشيةً

(٤) ذكر مصحح اللسان هنا بعض ما ذكره ياقوت في «أندرين» وتعميماً للفائدة سنورد جميع ما ورد عند ياقوت وعبارته: أندرين: بالفتح ثم السكون وفتح الدال وكسر الراء وياء ساكنة ونون، هو بهذه الصيغة بجملتها اسم قرية في جنوبي حلب بينهما مسيرة يوم للراكب في طرف البرية ليس بعدها عمارة، وهي الآن خراب ليس بها إلا بقية الجدران، وإياها عنى عمرو بن كلثوم بقوله - وذكر البيت - وهذا مما لا شك فيه؛ وقد سألت عنه أهل المعرفة من أهل حلب فكلّ وافق عليه، وقد تكلف جماعة اللغويين لما لم يعرفوا حقيقة اسم هذه القرية، وألجأتهم الحيرة إلى أن يشرحوا هذه اللفظة من هذا البيت بضروب من الشرح؛ قال صاحب الصحاح: الأندر قرية بالشام إذا نسبت إليها تقول: هؤلاء أندريون، وذكر البيت؛ ثم قال: لما نسب الخمر إلى القرية اجتمعت ياءان فخففها للضرورة كما قال الآخر:

وما علمي بسحر البابلينا

وقال صاحب كتاب العين: الأندري، ويجمع الأندرين؛ يقال: هم الفتيان يجتمعون من مواضع شتى، وأنشد البيت، وقال الأزهري: الأندر قرية بالشام فيها كروم وجمعها الأندرين، فكأنه على هذا المعنى أراد خمور الأندريين فخفف ياء النسبة كما قال الأشعرين، وهذا حسن منهم ... صحيح القياس ما لم يعرف حقيقة اسم هذا الموضع - فأما إِذا عرف فلا افتقار إِلى هذا التكلف، بقي أن يقال: لو أن الأمر على ما ذكرت، وكان الأندرين علماً لموضع بعينه بهذه الصيغة لوجب أن لا تدخلها الألف واللام كما لم تدخل على مثل نصيبين وقنسرين وفلسطين ودارين.