تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نصر]:

صفحة 529 - الجزء 7

  ظاهِرَةٌ، ونُصْرَتُنَا لله هو النُّصْرة لِعَباده أَو القِيَام بحِفْظ حُدُودِه وإِعَانَةِ عُهُودِه وامتَثَالِ أَوَامرِه⁣(⁣١)، واجتناب نواهِيه، قال الله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ}⁣(⁣٢) وهو ناصِرٌ ونُصَرٌ، كصُرَد، الأَخِير نقله الصاغانيّ، من قَوم نُصَّارٍ وأَنْصَارٍ ونَصْرٍ، الأَخيرُ كصَحْب جَمْع صَاحِب قال:

  والله سَمَّى نَصْرَكَ الأَنْصَارَا ... آثَرَكَ الله به إِيثارَا

  ويُجْمَع الناصِرُ أَيضاً على نُصُور، كشاهِد وشُهُود، كما تقدّم.

  والنَّصِيرُ بمعنَى النّاصِر، قال الله تعالى: {نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ}⁣(⁣٣) والجمع أَنْصَارٌ، كشريف وأَشْرَاف، ويُجْمَع الأَنْصَارُ أَناصيرَ، وهو جَمْع الجَمْع، ذكرَه الصّاغَانِيُّ وأَهمله المُصَنِّف وهو على شَرْطه.

  والأَنْصَار، وهم أَنْصَارُ النَّبيِّ صلَّى الله تعالَى عليه وسلَّم، من الأَوسِ والخَزْرَجِ، ونَصَروا النبيَّ في ساعةِ العُسْرَة، غَلَبَتْ عليهم الصِّفَة فجَرَى مَجْرَى الأَسماءِ، وصار كأَنَّهُ اسمُ الحَيّ، ولذلِك أُضيفَ إِلَيْهِ بلَفْظ الجَمْع فقيل: أَنصارِيّ. وقالوا: رَجُلٌ نَصْرٌ وقَوْمٌ نَصْرٌ، فوَصَفوا بالمَصْدر، كرَجُلٍ عَدْلٍ وقومٍ عَدْلٍ، عن ابن الأَعْرَابيّ.

  والنُّصْرَة بالضّمّ: حُسْنُ المَعُونَة قال الله ø: {مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ}⁣(⁣٤) أَي لا يُظْهِرُ⁣(⁣٥) محمَّداً على مَنْ خالَفَه. وفي حديث الضَّيْف المَحْرُوم: «فإِنّ نَصْرَهُ حَقٌّ على كلّ مُسْلِم حتى يَأْخذَ بقِرَى لَيْلَتِه».

  والاستِنْصَارُ: اسْتِمْدَادُ النَّصْرِ، وقد استَنْصَرَه عليه: استَمَدَّه. والاستنْصَارُ: السُّؤال، والمُسْتَنْصِرُ: السّائل، كأَنَّه طالِبُ النَّصْرِ، وهو العَطاءُ. والتَّنَصُّر: مُعَالَجَةُ النَّصْرِ، وليس من باب تَحَلَّمَ وتَنَوَّرَ.

  وتَنَاصَرُوا: تَعَاوَنُوا على النَّصْر. وتَناصَرُوا أَيضاً: نَصَرَ بعضُهُم بعضاً.

  ومن المَجَاز: تَنَاصَرَت الأَخْبَارُ: صَدَّقَ بعضُهَا بعضاً.

  ومن المَجَاز: مَدَّت الوَادِيَ النَّوَاصِرُ، هي مَجَارِي الماءِ إِلى الأَوْدِيَة، جمع ناصِرٍ. والناصِرُ: أَعْظَمُ من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونَحوَه. وقال أَبو خَيْرَة: النَّوَاصِرُ من الشِّعَابِ: ما جَاءَ من مَكان بَعيد إِلى الوادِي فنَصَرَ السُّيُولَ، سُمِّيَت [ناصِرَة]⁣(⁣٦) لأَنها تَجِئُ من مكان بَعِيدٍ حتى تَقَع في مُجْتَمع المَاءِ حيث انتَهَت، لأَنَّ كلّ مَسيلٍ يَضِيع ماؤُه فلا يَقَع في مُجْتَمع الماءِ فهو ظَالم لمائه. وقال ابنُ شُمَيْل: النَّوَاصرُ مُسَايلُ المِيَاهِ، الواحدة ناصِرَةٌ. وقال أَبو حَنِيفَة: النَّاصِرُ والنَّاصِرَةُ: ما جاءَ من مَكَانٍ بَعِيد إِلى الوَادِي فنَصَرَ السُّيُولَ.

  والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهُوَ مَأْخُوذ من مادَّة النَّصَارَى، لأَنَّهُم قُلْفٌ؛ قال الصاغانيّ: وفي الأَحاديث التي لا طُرُقَ لهَا: «لا يَؤُمَّنَّكُم أَنْصَرُ ولا أَزَنُّ ولا أَفْرَعُ». الأَزَنُّ: الحَاقِنُ، والأَفْرَعُ: المُوَسْوِس، والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ.

  وبُخْتُ نَصَّرَ، بالتَّشْدِيد، معروفٌ. قال الأَصْمعيّ: إِنّمَا أَصله بُوخْتُ، ومعناه ابْن، ونَصَّرُ، كبَقَّم: صَنَمٌ فأَعْرِب.

  وقد نَفَى سيبويه هَذا البِنَاءَ. وكان وُجِدَ عند الصَّنَم ولم يُعْرَف لَه أَبٌ فنُسِبَ إِلَيْه، وقيل: بُخْتُ نَصّرَ، أَي ابن الصَّنَم، وهو الذي كان. خَرَّبَ القُدْسَ، عَمَرَه الله تَعَالَى.

  ونَصْرُ بنُ قُعَيْن: أَبو قَبِيلَة من بني أَسَدٍ، قال أَوْسُ بن حَجَرٍ يُخَاطِبُ رَجلاً من بَنِي لُبَيْنَى بن سَعْد الأَسَدِيّ، وكان قد هَجاه:

  عَدَدْتَ رِجَالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً ... فما ابْنُ لبَيْنَى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُ

  شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُهَا ... وأَنْتَ السَّهُ السُّفْلَى إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ⁣(⁣٧)


(١) في المفردات: ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه.

(٢) سورة محمد الآية ٧.

(٣) سورة الأنفال الآية ٤٠.

(٤) سورة الحج الآية ١٥.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أي لا يظهر، عبارة اللسان: المعنى من ظن من الكفار أن الله لا يظهر محمداً ص على من خالفه فليختنق غيظاً حتى يموت كمداً، فإِن الله ø يظهره، ولا ينفعه غيظه وموته حنقاً، فالهاء في قوله: أن لن ينصره، للنبي محمد ص. اهـ».

(٦) زيادة عن اللسان.

(٧) التفجس: التعظم والتكبر، وشأتك: سبقتك، والسه: لغة في الإست.