تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الراء

صفحة 530 - الجزء 7

  وإِنْشَادُ الجَوْهَريّ لرُؤبَةَ:

  إِنّي وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقَائِلٌ يا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا

  غَلَط هُوَ مَسْبُوقٌ إِلَيْهِ، وفي بعض النُّسَخ: وهو مَسْبوق فيه، فإِنَّ سِيبويه⁣(⁣١) أَنْشَدَه كَذلك ونَسَبه إِلى رُؤبَةَ، وتَبِعَه أَيضاً ابن القَطَّاع فأَنْشَده هكذا، ولكن لم يُعَيِّن القَائلَ، قال الصاغانيُّ: وليس لِرُؤْبةَ، ومع هذا هو تَصْحِيفٌ والرِّواية:

  يا نَضْرُ نَضْراً نَضْرَا

  بالضّادِ المُعْجَمَة. ونَضْرٌ هذا هو حاجِبُ نَصْرِ بن سَيَّار، بالصاد المُهْمَلَة. وبعدَهُ.

  بَلَّغك الله فَبلِّغْ نَصْرَا ... نَصْرَ بن سَيَّارٍ يُثِبْنِي وَفْرَا

  هذا نصّ الصاغَانيّ في التكملة. قال شيخنَا: قلْت كلامُه هو الغَلَط، بل صَحَّحُوه وحَقَّقوه، كما في شُروحِ، الشواهدِ البَغْدَادِيَّة للرَّضِي والمُغْنِي، فلا التفَاتَ لِمَا للمُصَنِّف. انتهى.

  قلْت: وهذا تحامُلٌ من شَيْخِنَا في غير مَحلِّه، مع أَنّ الحَقَّ هُنَا مع المصنِّف، وهو قَلَّد غيرَه في الانتِقَاد.

  وأَصابَ. والبَيْت الّذِي ذَكرناهُ بعد البيتِ السابقِ يُبيِّن مِصْداقَ ما ذَهبَ إِليه، كما هو الظاهرُ، فكيف يكون قولُ شيخِنا لا التِفاتَ لما للمُصَنّف؟ ولَيْتَهُ لَمَّا أَحالَ على شُرُوح الشّواهِد أَتَى ببَعْضِ ما يَرْفع الشُّبْهَة ويُثْبِت الحَقَّ لمَن رَوَى بالصاد المهملَةَ، فتأَمَّل. والله أَعلَم.

  وإِبْرَاهِيم بن نَصَرِ بنِ عَنْبَرٍ⁣(⁣٢) الضَّبِّيّ السَّمَرْقَنْديّ، عن عليّ بن خَشْرَم، والإِمَام أَبو عبْد الله محمّد بن عبد الله بن نَصَرٍ البِسْطامِيّ، مُحرَّكتين، محدّثانِ، وولَدُ الأَخيرِ أَبو محمّد عبدُ الله بن محمّد بن عبد الله بن نَصَرٍ، تَفَقّه على المَحَامِلّي ببغدادَ، وسمع من أَبي نَصْرٍ الإِسماعِيليّ، توفِّي سنة ٤٥٢ قاله ابن ناصِر، وحفيدُه أَبو الفَتْح محمّد بن محمّد بن عبد الله حَدَّث، وقَريبُه الإِمام أَبو شُجَاع عمرُ بن أَبي عبد الله البَلْخيُّ المُتَوَفَّى سنة ٥٦٢ ومِن وَلدِ أَبي عبد الله البِسْطَاميّ أَيضاً الإِمامُ أَبو شُجَاع البِسْطامِيّ، حدّثَ وتُوفِّي سنة ٤٠٥ وهو الذي حكى عنه ابن ناصِرٍ عن جَدِّه، قال ابن ناصِر: وسأَلْت أَهلَ بِسْطَامَ فقالوا: إِنّ هذا الاسمَ، يعني بفَتْح الصادِ، مَعْرُوفٌ عندنا نُسَمِّي به كثيراً.

  قلْت: وقد فاتَ المصنِّف: القاضي عطاءُ اللهِ بن مَنْصُور بن نَصَرٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، رَوَى عن السِّلَفِيّ إِجازةً، وقَريبه القاضِي جَمالُ الدِّين محمّد بن إِبراهِيم، قال الذَّهَبِيّ: أَجازَ لنا. قلت: إِبراهيم هذا هو ابن عليّ بن منصور بن نَصَر، رَوَى عن [أَبي] الحَسَن بن البَنَّاءِ، وعنه الدِّمْيَاطي وسَعِيد بن نَصَرٍ الَّذِي رَوَى ابن عبد البَرِّ وغَيْرُه المَوَطَّأَ من طَرِيقِه. قال الحافظ: هكذا رأَيتُه مضبوطاً بفتح الصاد.

  وأَبو المُنْذر نُصَيْر، كزبَيْر، بن أَبي نُصَيْر النَّحْوِيّ تِلْمِيذُ الكِسَائِيّ جالَسَه وأَخذَ عنه النَّحْوَ والغَريبَ، سَمِعَ منه أَبو الهَيْثَم مُؤلَّفَاتِه في اللُّغَات ورَواهَا عنه بِهَرَاةَ، قاله الأَزْهَريّ في مقدّمة كتابه التهذيب.

  قلْت: وأَخذَ عنه أَيضاً أَبو بكرٍ صالِحُ بن شُعَيبٍ القاري، كما رأَيته بخطّ ابنِ فارس اللغويّ في سِيَاق سَنَدِه على ظَهر دِيوان الهُذَلِيِّين.

  ونَصَرَةُ، محرَّكةً: ة كان فيها، فيما يُقَال، الصَّالحُون، هكذا نقله الصاغَانيّ.

  وسَمَّوْا نَصيراً، كأَمِير، ونَاصِراً وَمَنْصُوراً ونَصَّاراً، كشَدّاد، ونُصَيْراً، كزبَيْر، ونَصْراً، بالفتح، ومُنْتَصِراً.

  والنَّاصِرِيَّة: ة من قُرَى سَفاقُسَ بأَفْرِيقِيَة، ومنها أَبو الحَسَن عليّ بن عبد الرحمن بن عليّ الناصِرِيّ، لقيه السِّلَفِيّ بالإِسكندريّة، وبها مات.

  وناصِرَة: ة بطَبَرِيَّةَ، على ثلاثةَ عَشَرَ مِيلاً منها، قاله الصاغانيّ، قيل: وإِليها نُسِبَت النَّصَارَى، هكذا زَعموا، قالَه اللَّيْث. ونقل ياقُوت في مُعْجَمه: وكان فيها مَولِدُ المَسِيح #، ومنها اشتُقَّ اسمُ النَّصَارَى، وكان أَهلُهَا عَيَّرُوا مَرْيَمَ، فيَزعُمُون أَنّه لا يَولَد بها بِكْرٌ إِلى هذه الغَايَة وأَنّ لهُمْ شَجَرَةَ أُتْرُجٍّ على هَيْئَة النِّسَاءِ، وللأُتْرُجَّة ثَدْيَانِ وما يُشْبِه اليَدَيْن والرِّجْلَيْن. ومَوضعُ الفَرْجِ مفتوحٌ، وأَنّ أَمْرَ هذه القَرْيَة في النّساءِ والأُتْرُجّ مُسْتَفِيضٌ عندهم،


(١) الكتاب ١/ ٣٠٤.

(٢) عن المطبوعة الكويتية، وبالأصل «عبثر».