تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حفز]:

صفحة 51 - الجزء 8

  والحَوْفَزانُ، فَوْعَلانٌ من الحَفْزِ، وهو لَقَبُ الحَارِثِ بن شَرِيكٍ الشَّيْبَانِيّ أَخي النُّعْمَان ومَطَر رَهْطِ مَعْنِ بن زائدةَ، لُقِّبَ به لأَنَّ قَيْسَ بنَ عاصِمٍ المِنْقَرِيّ التَّمِيمِيّ الصحابيّ رَضِيَ الله تعالَى عَنْهُ حَفَزَهُ بالرُّمْح، أَي طَعَنَه به حِينَ خافَ أَنْ يَفُوتَهُ فعَرِجَ من تِلْكَ الحَفْزَةِ فسُمِّيَ بتلك الحَفْزَةِ حَوْفَزَاناً، حكاهُ ابن قُتَيْبَة، كذا في المُحْكَم؛ وفي التَّهْذِيبِ: هو لَقَبٌ لجَرَّارٍ من جَرّارِي العَرَبِ، وكانت العربُ تقولُ للرَّجُل إِذا قادَ أَلْفاً: جَرّاراً. وقال الجَوهريُّ: لُقّب بذلك لِأَنَّ بُسْطامَ بنَ قَيْسٍ طَعَنَهُ فأَعْجَلَه⁣(⁣١). وأَنشدَ ابنُ سِيدَه لِجَرِيرٍ يَفْتَخِر بذلك:

  ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزَانَ بطَعْنَةٍ ... سَقَتْه نَجِيعاً من دَمِ الجَوْفِ أَشْكَلَا

  قال الجَوْهريُّ، وقولُهم: إِنّمَا حَفَزَه بِسْطَامُ بنُ قَيْس غَلَطٌ لأَنّه شَيْبَانِيٌّ فكيف يَفْتَخِر جَرِيرٌ به. قال ابنُ بَرِّيّ: ليس البَيْتُ لجَرِيرٍ وإِنّمَا هو لسَوّار بنِ حِبّانَ الْمِنْقَرِيّ، قالَهُ يَوْمَ جَدُودَ. زاد الصاغانيّ: وفي النّقَائض أَنّه لِقَيْسِ بنِ عاصِمٍ، والصَّوَابُ أَنَّه لِسَوّار، وبَعْدَه:

  وحُمْرَانَ قَسْراً أَنْزَلَتْه رِماحُنَا ... فعَالَجَ غُلًّا في ذِرَاعَيْه مُثْقَلَا⁣(⁣٢)

  وقال ابنُ بَرِّيّ: وقال الأَهْتَمُ بنُ سُمَيٍّ الْمِنْقَرِيّ أَيضاً:

  ونَحْنُ حَفَزْنَا الحَوْفَزانَ بطَعْنَةٍ ... سَقَتْه نَجِيعاً من دَمِ الجَوفِ آنِيَا

  والحَفَزُ بالتَّحْرِيك: الأَمَدُ والأَجَلُ، في لُغَة بني سَعْد، قال ابنُ الأَعْرابيّ: يُقَال: جَعَلْتُ بَيْنِي وبَيْنَ فُلانٍ حَفَزاً، أَي أَمَداً، قال:

  واللهِ أَفْعَلُ ما أَرَدْتُمْ طائعاً ... أَوْ تَضْرِبُوا حَفَزاً لِعَامٍ قابِلِ

  واحْتَفَزَ: اسْتَوْفَز، ومنه حَدِيثُ أَنَسٍ: «أَنَّ رسول الله أُتِيَ بتَمْرٍ فجَعَلَ يَقْسِمُه وهو مُحْتَفِزٌ»، أَي مُسْتَعْجِل مُسْتَوْفِزٌ، يريد القِيَامَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ من الأَرْض. يقال: رَأَيْتُهُ مُحْتَفِزاً، أَي مُسْتَوْفِزاً، كتَحَفَّزَ، ومنه حَدِيثُ الأَحْنَف: «كان يُوَسِّعُ لِمَنْ أَتاهُ، فإِذا لم يَجِدْ مُتَّسَعاً تَحَفَّزَ له تَحَفُّزاً».

  واحْتَفَزَ في مِشْيَتِه: احْتَثَّ واجْتَهَدَ، عن ابن الأَعرابيّ، وأَنشد:

  مُجَنّبٌ مِثْلُ تَيْسِ الرَّبْلِ مُحْتَفِزٌ ... بالقُصْرَيَيْنِ على أَوَلاهُ مَصْبُوبُ⁣(⁣٣)

  مُحْتَفِزٌ، أَي مُجْتَهِدٌ في مَدِّ يَدَيْه.

  واحْتَفَزَ: تَضَامَّ في سُجُودِه وجُلُوسِه، ومنه حديث عليّ ¥: «إِذا صَلَّى الرَّجُلُ فَلْيُخَوِّ، وإِذا صَلَّتِ المَرْأَةُ فَلْتَحْتَفِزْ»، أَي تَتَضامَّ إِذا جَلَسَتْ وتَجْتَمِع إِذا سَجَدَت ولا تُخَوِّي كما يُخَوِّي الرجُلَ» وقال مُجَاهِدٌ: ذُكِر القَدَرُ عند ابْنِ عَبّاسِ ® فاحْتَفَزَ وقال: لَوْ رَأَيْتُ أَحَدَهُم لَعَضَضْتُ بأَنْفِه»، أَي اسْتَوَى جالساً على وَرِكَيْه، هكذا فَسَّره النَّضْر، وقال ابنُ الأَثِير: قَلِقَ وشَخَصَ ضَجَراً؛ وقيل: اسْتَوَى جالساً على رُكْبَتَيْه كأَنّه يَنْهَضُ. وقال غيرُه: الرجُلُ يَحْتَفِزُ في جُلُوسِه يُرِيدُ القِيَامَ والبَطْشَ بشَيْءٍ.

  وحَافَزَهُ مُحافَزَةً: جاثاهُ، قال الشَّمّاخُ:

  ولَمَّا رَأَى الإِظْلامَ بادَرَهُ بِهَا ... كَمَا بَادَرَ الخَصْمَ اللَّجُوجَ المُحَافِزُ⁣(⁣٤)

  وقال الأَصمعيّ، معنَى حافَزَهُ: دَانَاهُ والحَوْفَزَى: لُعْبَةٌ، وهي أَنْ تُلْقِيَ الصَّبِيَّ على أَطْرَافِ رِجْلَيْكَ فتَرْفَعَهُ، وقد حَوْفَزَ، نقله الصّاغانيّ.

  والحافِزُ: حَيْثُ يَنْثَنِي من الشِّدْق، نقله الصّاغانيّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  رجُلٌ مُحْفَزٌ: حافِزٌ، وأَنشد ابنُ الأَعْرابيّ:

  ومُحْفِزَة الحِزَامِ بمرْفَقَيْهَا ... كشَاةِ الرَّبْلِ أَفْلَتَتِ الكِلَابَا⁣(⁣٥)


(١) كذا، وما نسب للجوهري هنا واللسان هو تتمة عبارة التهذيب، أما عبارة الصحاح: ... لقب بذلك لأن قيس بن عاصم ... وتمامها كعبارة ابن قتيبة.

(٢) في التكملة: «مقفلاً». ويعني بحمران ابن حمران بن عبد بن عمرو بن بشر بن عمرو بن مرثد.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: على أولاه مصبوب، يقول: يجري على جريه الأول لا يحول عنه وليس مثل قوله:

إذا أقبلت قلت دبّاءة

ذلك إنما يحمد من الإناث، أفاده في اللسان».

(٤) ويروى: بادرها به.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «يعني أن هذه الفرس تدفع الحزام بمرفقيها من شدة جريها. كذا في اللسان».