فصل الجيم مع الموحدة
  الجُلَّابِيُّ عالِمٌ مُؤرِّخُ، سمِع الكثيرَ من أَبِي بَكْرٍ الخَطِيبِ، وله ذيْلُ تارِيخِ واسِطَ تُوُفّيَ سنة ٥٣٤ وابنهُ مُحمَّدٌ صاحب ذاك الجُزْءِ مات سنة ٥٤٣.
  وقدْ أَجْلَبَ قَتَبَه محرَّكةً، أَي غَشَّاهُ بالجُلْبَةِ، وقِيل(١): غَشَّاهُ بالجِلْدِ الرَّطْب فَطِيراً ثم تَركَه عليه حتى يَبِسَ، وفي التهذيب: الإِجْلابُ: أَنْ تأْخُذَ قِطْعةَ قِدٍّ، فَتُلْبِسَها رأْس القَتَبِ فتَيْبَسَ عليه [وهي الجُلْبة](٢)، قال النابغةُ الجَعْدِيُّ:
  أُمِرَّ ونُحِّيَ مِنْ صُلْبِهِ ... كتَنْحِيَةِ القَتَبِ المُجْلَبِ
  وأَجْلَبَ فُلاناً: أَعانَه، وأَجْلَبَ القَوْمُ عليهِ: تَجمَّعُوا وتَأَلَّبُوا، مثلُ أَحْلَبُوا، بالحاءِ المُهْملَةِ قال الكُميْتُ:
  عَلى تِلْكَ إِجْرِيَّايَ وَهْيَ ضَريبَتِي ... ولَوْ أَجْلَبُوا طُرًّا عَليَّ وأَحْلبُوا
  وأَجْلَبَ: جَعلَ العُوذَةَ في الجُلْبَةِ فهو مُجْلِبٌ، وقد تقدّم بيانُه آنفاً، وتقدَّم أَيضاً قولُ عَلْقَمَةَ بنِ عَبَدَةَ، ومَنْ رَواهُ مُجْلَب بفتح اللام أَراد أَنَّ على العُوذَةِ جُلْبَةً(٣).
  وأَجْلَبَ الرَّجُلُ إِذا نُتِجتْ ناقَتُه سَقْباً، وأَجْلَبَ: ولَدَتْ(٤) إِبِلُهُ ذُكُوراً لأَنَّه يَجْلِبُ(٥) أَوْلادَها فَتُبَاعُ، وأَحْلَبَ بالحاء، إِذا نُتِجَتْ إِنَاثاً، ويَدْعُو الرجُلُ على صاحبِه فيقولُ: أَجْلَبْتَ ولَا أَحْلَبْتَ، أَي كان نِتَاجُ إِبِلِكَ ذُكوراً لا إِنَاثاً لِيَذْهبَ لَبنُه.
  وجلِّيبٌ كَسِكِّيتٍ: ع قال شيخُنا، قال الصاغانيّ: أَخْشَى أَنْ يَكُون تَصْحِيفَ حِلِّيت، أَي بالحاءِ المُهْملةِ والفَوْقِيَّةِ في آخِرِه، لأَنَّه المشهورُ، وإِن كان في وَزْنِه خِلافٌ، كما سيأْتي، ونقَلَه المقْدِسِيُّ، وسلَّمه، ولم يذكره في المراصد.
  قُلْتُ: ونَقَلَه الصاغانيُّ في التكملة عن ابن دُريد، ولم يذْكُرْ فيه تصحيفاً، ولعلَّه في غير هذا الكِتَابِ.
  والجُلُبَّانُ بضَمِّ الجيمِ واللام وتشديدِ المُوحَّدَةِ(٦)، وهو الخُلَّرُ كسُكَّرٍ: وهو نَبْتُ يُشْبِهُ الماش، الواحِدةُ: جُلُبَّانةٌ. وفي التهذيب: هُو حَبٌّ أَغْبرُ أَكْدَرُ على لوْنِ الماشِ إِلَّا أَنَّه أَشدُّ كُدْرةً منه، وأَعْظَمُ جِرْماً، يُطْبَخُ، ويُخفَّفُ، وفي حديث مالكٍ «تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنَ الجُلْبَانِ» هو بالتَّخْفِيفِ: حَبٌّ كالمَاشِ، والجُلْبَانُ(٧) منَ القَطَانِي معروفٌ، قال أَبو حنيفةَ: لَمْ أَسْمَعْهُ من الأَعراب إِلا بالتَّشْدِيدِ، ومن(٨) أَكْثَر ما يُخَفِّفُه، قال: ولَعَلَّ التخفيفَ لغةٌ، والجُلبانُ، بالوَجْهَيْنِ كالجِرَابِ من الأَدَمِ(٩) يُوضَعُ فيه السَّيْفُ مَغْمُوداً ويَطْرَحُ فيه الراكبُ سَوْطَهُ وأَدَاتَه يُعَلِّقُه من آخِرَةِ الكُورِ(١٠) أَو في وَاسِطَتِه، واشتقاقُه من الجُلْبَةِ وهي الجِلْدَةُ التي تُجْعَلُ فوقَ القَتَبِ أَو هو قِرَابُ الغِمْدِ الذي يُغْمَدُ فيه السَّيْفُ، وقد رَوَى(١١) البَرَاءُ بنُ عَازِبٍ ¥ أَنه قال: لَمَّا صَالَحَ رسولُ الله ÷ المُشْرِكِينَ بالحُدَيْبِيَةِ صالَحَهم على أَن يَدْخُلَ هو وأَصحابُه من قابلٍ ثلاثَةَ أَيام ولا يَدخلونُها إِلّا بجُلُبَّانِ(١٢) السِّلَاحِ. وفي رواية فسأَلتُه: ما جُلُبَّانُ السلاح؟ قال: القِرَابُ بِمَا فيهِ، قال أَبو منصور: القِرَابُ: هو الغِمْدُ الذي يُغْمَدُ فيه السيفُ، ففي عبارة المؤلّف تَسامُحٌ، وفي لسان العرب: ورواه القُتَيْبِيُّ بالضم والتشديد قال: أَوْعِيَةُ السّلاحِ بما فيها، قال: ولا أَراه سُمِّيَ به إِلَّا بجَفَائِه(١٣)، ولذلك قيل للمرأَةِ الغَلِيظَةِ الجافِيَةِ: جُلُبَّانَة، وفي بعض الروايات «ولا يدخُلُها إِلّا بجُلُبَّانِ السِّلَاحِ»، السَّيْفِ والقَوْسِ ونحوِهِما، يريدُ ما يُحْتَاجُ إِليه في إِظْهَارِه والقتالِ به إِلى مُعَانَاةٍ، لا كالرِّماحِ فإِنَّهَا(١٤) مُظْهَرةٌ يُمْكِنُ تَعْجِيلُ الأَذَى بها، وإِنَّمَا اشترطوا ذلك ليكونَ عَلَماً وأَمَارَةً لِلسَّلْم، إِذ كانَ دخولُهم صُلْحاً، انتهى، ونَقَلَ شيخُنا عن ابن الجَوْزِيِّ: جِلِبَّانٌ بكسر الجيم واللام وتشديد المُوَحَّدة أَيضاً، ونقله الجَلالُ في الدُّرِّ النَّثِيرِ، وقد أَغْفله الجماهيرُ.
(١) في اللسان: وقيل: هو أن يجعل عليه جلدة رطبة فطيراً ثم يتركها عليه حتى تيبس.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) في التكملة: جلدة.
(٤) اللسان: نُتجت.
(٥) اللسان: تجلب.
(٦) ضبط اللسان: والجُلْبَان.
(٧) ضبط اللسان: والجُلُبَّان.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية «كذا بخطة فليتأمل» وفي اللسان: «وما أكثر من يخففه» أصح.
(٩) في القاموس: والجراب من الإدم.
(١٠) اللسان: الكَوْر.
(١١) في اللسان: روي عن البراء.
(١٢) كذا بالأصل واللسان، وفي النهاية: بجُلْبَان، الجلبان بضم الجيم وسكون اللام.
(١٣) اللسان: لجفائه.
(١٤) النهاية واللسان: لأنها.