تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فوز]:

صفحة 124 - الجزء 8

  والفِلِزُّ أَيضاً: الضَّرِيبَةُ التي تُجَرَّبُ عليها السُّيُوفُ، نقلَه الصاغانيّ.

  وقد يُسْتَعَارُ فيقالُ للرجُلِ البخِيلِ: فِلِزُّ؛ لِغِلَظِه وشِدَّتِه في بُخْلِه، كأَنه حديدٌ صُلْبٌ لا يُؤَثِّرُ فيه شيءٌ.

  [فوز]: الفَوْزُ: النَّجَاةُ من الشَّرِّ، والظَّفَرُ بالخَيْرِ والأُمْنِيَّةِ، يقال: فازَ بالخَيْر، وفازَ من العَذاب.

  والفَوْزُ أَيضاً: الهَلاكُ، وهو ضِدٌّ، يقال: فازَ يَفُوزُ: مات وهَلَكَ.

  وفازَ به فَوْزاً ومَفَازاً ومَفَازَةً: ظَفِرَ، ويقال: فازَ، إِذا لَقِيَ ما يُغْتَبَطُ، وتأَوِيلُه التَّبَاعُدُ من المَكْرُوه.

  وفازَ منه فَوْزاً ومَفَازاً: نَجَا.

  والفَوْزُ: ة بحِمْصَ، نقلَه الصاغَانيُّ.

  وأَفَازَه الله بكذا: أَظْفَرَه، ففَازَ به، أَي ذَهَب به.

  والمَفَازَةُ: المَنْجَاةُ، وبه فَسَّر أَبو إِسحاقَ قَولَه تعالى: {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ} بِمَفازَةٍ {مِنَ الْعَذابِ}⁣(⁣١) أَي بمَنْجَاةٍ منه، وقال الفَرّاءُ: أَي ببَعِيدٍ منه.

  وقيل: أَصْلُ المَفَازةِ: المَهْلَكَةُ، من الفَوْزِ بمعنَى الهَلاكِ. وقال ابن الأَعرابيِّ: سُمِّيَتِ المَفَازَةَ؛ مِن فَوَّزَ الرَّجُلُ، إِذا مَاتَ، وقيل: سُمِّيَتْ تَفَاؤُلاً بالسَّلامةِ، من الفَوْز: النَّجَاة، وهذا قولُ الأَصمعيِّ حَقَّقه ابنُ فارِس في المُجْمَل وغيرِه، وقد أَنْكَره أَبو حَيَّانَ في شرح التَّسْهِيل حيث قال: السَّلِيم للَّدِيغ؛ مِنْ سَلَمَتْه الحَيَّةُ: لَدَغَتْه، ولا تَنظرْ إِلى قَوْل مَن قال: إِنه على طَريقةِ التَّفَاؤُلِ، فقد غَلِطَ في ذلِك جماعةٌ من العُلَمَاءِ، كما غَلِطُوا في قولهم: إِن المَفازَةَ سُمِّيَتْ مِن الفَوْزِ، على التَّفاؤُل؛ وإِنّما سُمِّيَتْ من فازَ الإِنسانُ فَوْزاً، إِذا هَلَك. قال شيخُنا: وما نَفَاه وجَعَلَه غَلَطاً فقد رَواه جَماعةٌ عن الأَصْمَعِيِّ، وقد ذَكَرُوا فيها أَقوالاً، منها ما ذَكَرناه، ومنها التَّأْوِيلُ، وصَحَّحَ أَقْوَامٌ ما ذَهَب إِليه أَبو حَيّانَ، وأَنشدوا:

  أَحَبَّ الفَالَ حينَ رَأَى كَثيراً ... أَبوه عن اقتناءِ المجْدِ عَاجِزْ

  فسَمّاه لقِلَّتِه كثيراً كتَسميَةِ المَهَالِكِ بالمَفاوِزِ. قلتُ: والأَقوالُ ذَكَرها ابنُ سِيدَه والأَزهريُّ وقالا: الأَوّلُ أَشهَرُ، وإِن كان الآخرُ أَقْيَسُ.

  والمَفَازَةُ: البَرِّيَّةُ، وكُلُّ قَفْرٍ مَفَازَةٌ.

  وقيل: المَفَازَةُ: الفَلَاةُ التي لا ماءَ بها، قالَه ابنُ شُمَيْلٍ، وقال بعضُهم: إِذا كانت لَيْلَتَيْن لا ماءَ فيها⁣(⁣٢) فهي مَفَازةٌ، وما زادَ على ذلِك كذلِك، وأَمّا اللَّيْلَةُ واليَوْمُ فلا يُعَدُّ مَفَازةً.

  وقيل: المَفَازةُ والفَلَاةُ، إِذا كان بين الماءَيْنِ رِبْعٌ من وُرُودِ⁣(⁣٣) الإِبِلِ وغِبٌّ من سائرِ المَاشِيَة. وقيل: هي من الأَرَضِين: ما بَيْن: الرِّبْعِ من وُرُودِ⁣(⁣٣) الإِبل وما بَيْن الغِبِّ من وُرُودِ⁣(⁣٣) غيرِهَا مِن سائرِ الماشيَةِ، وهي الفَيْفَاةُ، ولم يَعْرِفْ أَبو زَيْدٍ الفَيْفَ.

  وقال ابن الأَعْرَابيِّ أَيضاً: سُمِّيَتِ الصَّحَراءُ مَفَازةً لأَنَّ مَن خَرَجَ منها وقَطَعَهَا فَازَ.

  وفَوَّزَ الرجلُ: ماتَ، قال كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ:

  فمَنْ للقَوَافِي شَانَهَا مَنْ يَحُوكُها ... إِذا ما تَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ

  يقولُ فلا يَعْيَا بشيْءٍ يَقولُه ... ومِنْ قائِلِيهَا مَنْ يُسِيءُ ويَعْمَلُ

  قولُه: شانَها، أَي جاءَ بها شائِنَةً، أَي مَعِيبَةً، وتَوَى: مَاتَ. وكذا فَوَّزَ. قال ابنُ بَرِّيٍّ: وقد قِيل إِنه لا يُقَال فَوَّزَ فلانٌ حتى يَتقدَّم الكلامَ كلامٌ، فيقال: مات فلانٌ، وفَوَّزَ فلانٌ بعدَه؛ يُشَبَّهُ بالمُصَلِّي من الخَيْلِ بعد المُجَلِّي.

  وجَرْوَلٌ يَعْنِي به الحُطَيْئَةَ. وقال الكُمَيْتُ:

  وما ضَرَّهَا أَنَّ كَعْباً تَوَى ... وَفَوَّزَ مِنْ بَعْدِه جَرْوَلُ

  وقال غيرُه: يُقَال للرجُل إِذا مات: قد فَوَّزَ، أَي صارَ في مَفَازة ما بَيْن الدُّنْيا والآخِرَةِ من البَرْزَخِ المَمْدُودِ.

  وفَوَّزَ الطَّرِيقُ: بَدَا وظَهَرَ، نقَلَه الصَّاغَانيُّ، وزاد بعده: «أَو انقَطعَ»، وتَرَكه المصنِّفُ قُصُوراً.


(١) سورة آل عمران الآية ١٨٨.

(٢) كذا بالتهذيب واللسان أيضاً.

(٣) في التهذيب واللسان: وِرْد.