تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الموحدة

صفحة 380 - الجزء 1

  ورجُلٌ جَنِبٌ ككَتِفٍ: يَتَجَنَّبُ قارِعةَ الطَّرِيقِ مخَافَةَ طُرُوقِ الأَضْيَافِ، ورجُلٌ ذُو جَنْبةٍ الجَنْبَةُ: الاعتزال عن الناس، أَي ذو اعْتِزَالٍ عن الناسِ مُتَجنِّبٌ لهم، والجَنْبَةُ أَيضاً: النَّاحِيةُ يقال: قَعَدَ فلانٌ جَنْبةً، أَي ناحِيةً واعْتَزَلَ الناسَ، وَنَزَلَ فُلانٌ جَنْبةً: ناحِيةً، وفي حديث عُمر ¥ «علَيْكُمْ بالجَنْبة فإِنَّهَا عَفَافٌ» قال الهَرَوِيُّ: يقول: اجْتَنِبُوا النِّساءَ والجُلُوسَ إِلَيْهِنَّ ولا تقْرَبُوا ناحِيَتَهُنَّ⁣(⁣١)، وتَقُولُ، فُلانٌ لَا يَطُورُ بِجَنَبَتِنَا، قال ابنُ بَرّيّ: هكذا قال أَبو عبيدةَ بتحْرِيكِ النُّونِ، قال: وكذا رَوَوْهُ في الحديثِ «وعلَى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ مُفَتَّحَةٌ» وقال عُثْمَانُ بنُ جِنِّي: قَدْ غَرِيَ النَّاسُ بقولهم: أَنَا في ذَراكَ وجَنَبَتِك، بفتح النون، قال: والصوابُ إِسْكانُ النون، واستشهد على ذلك بقول أَبِي صَعْتَرةَ البَوْلَانِيِّ:

  فَمَا نُطْفَةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تَقَاذَفَتْ ... بِهِ جَنْبَتَا الجُودِيِّ واللَّيْلُ دامِسُ

  بِأَطْيَبَ مِنْ فِيهَا وما ذُقْتُ طَعْمَهُ⁣(⁣٢) ... ولكِنَّنِي فِيما تَرَى العَيْنُ فَارِسُ

  أَي مُتَفَرِّسٌ، ومعْنَاهُ: اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّتِهِ وصَفَائِهِ علَى عُذُوبتِه وبَرْدِهِ. وتقولُ: مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنَابَيْهِ وجَنَابَتَيْه وجَنْبَتَيْهِ أَي ناحِيَتَيْهِ، كذا في لسانِ العرب.

  والجَنْبةُ: جِلْدٌ، كذا في النسخِ كُلِّها، وفي لسان العرب: جِلْدةٌ لِلْبعِيرِ أَي من جَنْبِهِ يُعْملُ منها عُلْبَةٌ، وهِي فَوْقَ المِعْلَقِ مِنَ العِلَابِ ودون الحَوْأَبَةِ⁣(⁣٣) يقال: أَعْطنِي جَنْبةً اتَّخذْ منها عُلْبَةً، وفي التهذيب: أَعْطِني جَنْبةً، فَيُعْطِيهِ جِلْداً فَيتَّخِذُه عُلْبةً.

  والجَنْبةُ أَيضاً: البُعْدُ في القَرابةِ، كالجَنَابةِ.

  والجَنْبَةُ: عامَّةُ الشجَرِ التي تَتَرَبَّلُ في زَمَان الصَّيْفِ⁣(⁣٤)، وقال الأَزهريُّ: الجَنْبةُ: اسمٌ لنُبُوتٍ كثيرةٍ وهي كلّها عُرُوق سُمِّيَتْ جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجَر الكبار وارتفعتْ عن التي لا أُرُومةَ لها في الأَرض، فمن الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيَانُ والحَمَاطُ والمَكْرُ والجَدْرُ⁣(⁣٥) والدَّهْمَاءُ صَغُرتْ عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُولِ. قال: وهذا كله مسموعٌ من العرب، وفي حديث الحَجّاج «أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبةِ»، هي رَطْبُ الصِّلِّيَانِ من النَّباتِ، وقيل: هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودونَ الشجرِ، وقيل: هو كلّ نَبْتٍ مُورِقُ⁣(⁣٦) في الصَّيْفِ من غيرِ مَطَرٍ أَو هي ما كان⁣(⁣٧) بيْنَ البَقْلِ والشَّجرِ وهُمَا مما يَبْقَى أَصْلُه في الشِّتَاءِ ويَبِيد فَرْعُه، قاله أَبو حنيفةَ. ويقالُ: مُطِرْنَا مَطَراً كَثُرَتْ منه الجَبْنَةُ، وفي نُسْخَةٍ: نَبَتَتْ عنه الجَبْنَةُ.

  والجانِبُ: المُجْتَنَبُ بصيغة المفعول المحْقُورُ، وفي بعض النسخ المهقور⁣(⁣٨).

  والجانِبُ: فرسٌ بعِيدُ ما بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ من غَيْرِ فَجَجٍ⁣(⁣٩)، وهو مَدْحٌ وسيأْتي في التَّجْنِيبِ، وهذا الذي ذَكره المؤلّف إِنما هو تعريف المُجنَّبِ كمُعظّم، ومقتضى العطف يُنافِي ذلك.

  والجَنَابةُ: المَنِيُّ وفي التنزيل العزيز {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}⁣(⁣١٠) وقَدْ أَجْنَبَ الرَّجُلُ وجَنِبَ بالكَسْرِ وجَنُبَ بالضَّمِّ وأُجْنِبَ، مبنيًّا للمفعول، واسْتَجْنَبَ وجَنَبَ كنَصَر، وتَجَنَّبَ، الأَخِيرانِ من لسان العرب، قال ابنُ بَرِّيّ في أَمالِيه على قوله: جَنُبَ بالضم، قال: المعروفُ عند أَهلِ اللغة أَجْنَبَ، وجَنِبَ بكسر النون، وأَجْنَبَ أَكْثَرُ من جَنِبَ، ومنه قولُ ابن عباس «الإِنْسانُ لَا يُجْنِبُ والثَّوْبُ لَا يُجْنِبُ والماءُ لَا يُجْنِبُ والأَرْضُ لا تُجْنِبُ» وقد فسَّر ذلكَ الفقهاءُ وقالوا: أَي لا يُجْنِبُ الإِنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إِيَّاهُ، وكذلك الثوبُ إِذا لَبِسه الجُنُبُ لم ينْجُسْ، وكذلك الأَرضُ إِذا أَفْضَى إِليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ، وكذلك الماءُ إِذا غَمَسَ الجُنُبُ فيه يدَه لم ينْجُسْ، يقول: إِنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يَحتاجُ إِلى الغَسْلِ لمُلَامسة الجُنُبِ إِيَّاهَا، وهو أَي الرجلُ جُنُبٌ بضمتين، من الجَنَابةِ، وفي الحديث «لَا تَدْخُلُ


(١) في غريب الهروي: قوله الجنبة يعني الناحية، يقول: تنحوا عنهن وكلموهن من خارج الدار ولا تدخلوا عليهن.

(٢) اللسان: طعمها.

(٣) عن اللسان، وبالأصل «الجؤبة».

(٤) اللسان: «عامة الشجر الذي يتربّل في الصيف» وفي الصحاح: اسم لكل نبت يتربّل في الصيف.

(٥) عن اللسان، وبالأصل «والحذر».

(٦) في اللسان: يورق.

(٧) في اللسان: ما كان في بيته بين. [في القاموس: ما كان بين الشجر والبقل].

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه ولعله المقهور».

(٩) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فجج بجيمين قال الجوهري: ورجل أفحج بيّن الفحج وهو أفحج من الفحج».

(١٠) سورة المائدة الآية ٦.