فصل الجيم مع الموحدة
  الملَائِكَةُ بيْتاً فيه جُنُبٌ» قال ابنُ الأَثير: الجُنُبُ: الذي يَجِبُ عليه الغُسْلُ بالجِماع وخُرُوجِ المَنِيِّ، وأَجْنَب يُجْنِبُ إِجْنَاباً، والاسْمُ الجَنَابةُ، وهي في الأَصْلِ: البُعْدُ، وأَرَادَ بالجُنُبِ في هذا الحديث الذي يَتْرُكُ الاغتسالَ من الجَنَابةِ عادةً فيكونُ أَكْثَرَ أَوْقَاتِهِ جُنُباً، وهذا يدُلُّ على قِلَّةِ دِينِه وخُبْثِ باطِنِه، وقيلَ: أَراد بالملائكة هاهنا غَيْرَ الحفَظَةِ، وقيل: أَرادَ لا تَحْضُرُه الملائكةُ بِخَيْرٍ، وقد جاءَ في بعضِ الروايات كذلك، يَسْتَوِي للواحِدِ والاثْنَيْنِ والجمِيع والمؤنثِ، فيقال: هذا جُنُبٌ، وهذَانِ جُنُبٌ، وهؤلاء جُنُبٌ، وهذه جُنُبٌ، كما يقال: رجُلٌ رِضاً وقَوْمٌ رِضاً، وإِنّما هو على تَأْوِيلِ ذَوِي جُنُبٍ. كذا في لسان العرب، فالمَصْدرُ يقُومُ مَقَامَ ما أُضِيفَ إِليه، ومن العرب منْ يُثَنِّي ويجْمعُ ويجْعلُ المصْدرَ بمنزِلَة اسمِ الفاعلِ، وإِليه أَشار المؤلف بقوله: أَو يُقالُ جُنُبانِ في المُثَنَّى وأَجْنَابٌ وجُنُبُونَ وجُنُباتٌ في المجْمُوع - وحكى الجوهريّ: أَجْنَبَ وجَنُبَ بالضم - قال سيبويهِ: كُسِّرَ على أَفْعَالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه، حينَ قالوا أَبْطالٌ، كما اتَّفَقا في الاسم عليه، يعني نحو جَبلٍ وأَجْبال وطُنُب وأَطْنَابٍ ولا تَقُلْ جُنُبَةٌ في المؤنثِ، لأَنه لم يُسْمَعْ عنهم.
  والجَنَابُ بالفتح كالجانِب: الفِنَاءُ بالكسر، فِنَاءُ الدَّارِ: والرَّحْلُ يقال: فُلَانٌ رَحْبُ الجَنَابِ أَيِ الرَّحْلِ: والنَّاحِيَةُ، وما قَرُبَ من مَحَلَّةِ القَوْمِ، والجمع: أَجْنِبَةٌ، وفي حديثِ رُقَيْقَةَ «اسْتَكَفُّوا جَنَابَيْهِ» أَي حَوالَيْهِ، تَثْنِيَةُ جَنَابٍ وهي النَّاحِيَةُ، وفي حديث الشَّعْبِيّ «أَجْدَبَ بِنَا الجَنَابُ». والجَنَابُ: جَبَلٌ على مَرْحَلَةٍ من الطَّائِفِ، يقال له: جَنَابُ الحِنْطَةِ وعَلَمٌ، وأَبُو عبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عِمْرَانَ الجَنَابِيُّ مُحَدِّثٌ روى عنه أَبُو سَعْدِ بنُ عَبْدويه شيخُ الحافظِ عبدِ الغَنِيِّ، وضَبَطَه الأَمِيرُ بالتَّثْقِيلِ، ويقال: أَخْصَبَ جَنَابُ القَوْمِ، بفتح الجيم، أَي(١) ما حَوْلَهُم، وفلانٌ خَصِيبُ الجَنَابِ، وجَدِيبُ الجَنَابِ، وهو مجاز، وفي الأَساس: وأَنَا في جَنَابِ زَيْدٍ أَي فِنَائِه ومَحَلَّتِه، ومَشَوْا جَانِبَيْهِ وجَنَابَيْهِ(٢) وجَنْبَتَيْهِ، انتهى، ويقال كُنَّا عنهم جَنَابِينَ وجَنَاباً أَي مُتَنَحِّينَ.
  والجَنَابُ: ع هو جَنَابُ الهَضْبِ الذي جاءَ ذِكْره في الحديث(٣).
  والجُنَابُ بالضَّمِّ: ذَاتُ الجَنْبِ [في](٤) أَيّ الشِّقَّيْنِ كَانَ، عن الهَجَرِيّ، وزَعَم أَنه إِذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صَاحِبَهُ قال:
  مَرِيضٌ لَا يَصِحُّ وَلَا يُبَالِي ... كأَنَّ بِشِقِّهِ وَجَعَ الجُنَابِ
  وجُنِبَ، بالضم: أَصَابَه ذَاتُ الجَنْبِ، والمَجْنُوبُ: الذي به ذَاتُ الجَنْبِ، تقول منه: رَجُلٌ مَجْنُوبٌ وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإِنْسَانَ دَاخِلَ جَنْبِه، وهي عِلَّةٌ صَعْبَةٌ تَأْخُذُ في الجَنْبِ، وقال ابن شُميل: ذَاتُ الجَنْبِ هي الدُّبَيْلَةُ وهي(٥) قَرْحَةٌ تَنْقُبُ البَطْنَ، وإِنما كَنَوْا عنها فقالوا: ذَات الجَنْبِ، وفي الحديث «المَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللهِ شَهِيدٌ» ويقال أَراد به: الذي يَشتَكِي جَنْبَه مطلَقاً. وفي حديث الشُّهَدَاءِ «ذَاتُ الجَنْبِ شَهَادَةٌ» وفي حديثٍ آخَرَ «ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ» هو الدُّبَيْلَةُ والدُّمَلُ(٦) الذي يَظْهَرُ في باطنِ الجَنْبِ ويَنْفَجِرُ(٦) إِلى دَاخِلٍ، وقَلَّمَا يَسْلَمُ صاحِبُهَا، وذُو الجَنْبِ: الذي يَشْتَكِي جَنْبَه بسَبَبِ الدُّبَيْلَةِ إِلا أَن «ذُو» للمذكر و «ذات» للمؤنث وصارتْ ذَاتُ الجَنْبِ عَلَماً لها وإِن كانت في الأَصْلِ صِفَةً مضافةً، كذا في لسان العرب. وفي الأَساس: ذَاتُ الجَنْبِ: دَاءُ الصَّنَادِيدِ.
  والجِنَابُ بالكسر يقال فَرَسٌ طَوْعُ الجِنَابِ وطَوْعُ الجَنَبِ إِذا كان سَلِسَ القِيَادِ أَي إِذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقَاداً، وقولُ مَرْوَانَ بنِ الحَكَم: ولا تكون في(٧) هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنَا، لم يُفسرْه ثعلب، قال: وأُرَاهُ من هذا، وهو اسمٌ للجَمْع، وقوله:
  جُنُوحٌ تُبَارِيهَا ظِلالٌ كَأَنَّهَا ... مَعَ الرَّكْبِ حَفَّانُ النَّعَامِ المُجَنَّبِ(٨)
(١) اللسان: وهو.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «في الأساس زيد وجنابتيه بعد وجنابيه».
(٣) وهو حديث ذي المشعار - كما في النهاية - وفيه: «وأهل جِنّاب الهَضْب» هو بالكسر موضع.
(٤) زيادة عن اللسان.
(٥) في اللسان: وهي علة تثقب البطن وربما كنوا عنها.
(٦) اللسان: والدمل الكبيرة التي تظهر ... وتنفجر.
(٧) بالأصل: «ولا يكون هذا» وما أثبتناه عن اللسان.
(٨) في بعض نسخ المحكم «جنوحاً بالنصب بدل جنوحٌ.