تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هرنبز]:

صفحة 173 - الجزء 8

  كَثيرٌ جارٍ يَهْتَزُّ منْ صَفائه. وعَيْنٌ هُزْهُزٌ كذلك. وقال أَبو وَجْزَةَ السَّعْديُّ:

  والماءُ لا قَسْمٌ ولا أَقْلَادُ ... هُزَاهِزٌ أَرْجَاؤُها أَجْلادُ

  لا هُنَّ أَمْلاحٌ ولا ثِمَادُ

  وأَنشد الأَصْمَعيُّ:

  إِذا اسْتَراثَتْ سَاقِياً مُسْتَوْفِزَا ... بَجَّتْ منَ البَطْحَاءِ نَهْراً هُزْهُزَا

  قال ثَعْلَبٌ: قال أَبو العاليَة؛ قلتُ للغَنَويِّ: ما كان لكَ بنَجْدٍ؟ قال: سَاحَاتٌ فِيحٌ، وعَيْنٌ هُزْهُزٌ وَاسعةُ مُرْتَكَضِ⁣(⁣١) المَجَمِّ. قلتُ: فما أَخْرَجَكَ عنها؟ قال: إِن بَني عامِرٍ جَعَلُوني على حِنْدِيرَةِ أَعْيُنِهم، يُريدُون أَنْ يَخْتفُوا دَمِيَهْ. أَي يَقْتُلُوني ولا يُعْلَم بي.

  وسَيْفٌ هَزْهازٌ، بالفَتْح: صَافٍ لَمَّاعٌ كثيرٌ الماءِ، وهو مَجَاز، وأَنشدَ الأَصْمَعيُّ:

  فوَرَدَتْ مثْلَ اليَمَانِ الهَزْهازْ ... تَدْفَعُ عن أَعْناقِهَا بالأَعْجازْ

  أَراد أَنَّ هذه الإِبلَ وَرَدَتْ ماءً مثلَ السَّيْفِ اليَمَانِي في صَفَائه. وكذلك سَيْفٌ هَزْهَزٌ، كفَدْفَد، وهُزَهِزٌ، كعُلَبطٍ، وهُزَاهِزٌ كعُلابِط، كما في التكملة.

  وهَزْهازٌ، بالفَتْح: اسم كَلْب، نقلَه الصاغَانيُّ في العُبَاب عن ابن عَبّاد.

  وقال أَبو عَمْرو: بِئْرٌ هُزْهُزٌ، كقُنْفُذٍ: بَعيدَةُ القَعْرِ، وأَنشدَ:

  وفَتَحَتْ لِلْعَرْدِ بِئْراً هُزْهُزَا ... فالْتَقَمَتْ جُرْدَانَه والعُكْمُزَا

  ومن المَجَاز: الهُزَهِزُ، كعُلَبطٍ: الخَفِيفُ السَّريعُ الظَّريفُ من الرِّجَال.

  وهَزَّزَه تَهْزيزاً، وكذا هَزَّزَه به: حَرَّكه، قال المتنخِّل الهُذليّ:

  قدْ حالَ بين دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ ... مِسْعٌ لهَا بعِضَاهِ الأَرْضِ تَهْزيزُ⁣(⁣٢)

  فاهْتَزَّ وتَهَزَّزَ، الصَّوَابُ أَنّ اهْتَزَّ مُطَاوعُ هَزَّه فاهْتَزَّ، وتَهَزَّزَ مُطَاوِعُ هَزَّزَه وهَزْهَزَه فتَهَزَّزَ. كتَهَزْهَزَ.

  والهَزْهَزَةُ: تَحْريكُ الرَّأْسِ.

  والهَزَاهِزُ⁣(⁣٣): تَحْريكُ البَلايَا والحُرُوبِ النّاسَ⁣(⁣٤) أَي تَحْريكُهَا إِيّاهم.

  وهَزْهَزَه هَزْهَزَةً: ذَلَّلَه وحَرَّكَه فتَهَزْهَزَ، واستعمالُه في التَّذْليل مَجَازٌ.

  ومن المَجَاز أَيضاً قولُهُم: تَهَزْهَزَ إِليه قَلْبي، أَي ارتَاحَ للسُّرُور وهَشَّ، قال الراعي:

  إِذا فَاطَنَتْنَا في الحَديث تَهَزْهَزَتْ ... إِليها قُلُوبٌ دُونَهُنَّ الجَوَانِحُ⁣(⁣٥)

  ومن المَجَاز أَيضاً ما جاءَ في الحَديث: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمن» هكذا في سائر النُّسَخ كما في رواية، وفي أُخْرَى: «اهْتَزَّ العَرْشُ لمَوْتِ سَعْد بن مُعاذ». قلتُ: وهو سَعْدُ بنُ مُعَاذِ بن النُّعْمَان بن امْرئِ القَيْس بن زَيْد بن عَبْد الأَشْهَل الأَوْسِيُّ أَبو عَمْرو، سَيِّدُ الأَوْس، بَدْريٌّ، قال النَّضْر: اهتزَّ العَرشُ، أَي فرحَ، يقال: هَزَزْتُ فلاناً لخَيْر فاهْتَزَّ، وأَنشدَ:

  كريمٌ هُزَّ فاهْتَزّ ... كذاك السَّيِّدُ النَّزّ

  وقال بعضهم: أُريدَ بالعَرْش هاهنا السَّريرُ الذي حُمِلَ عليه سَعْدٌ حين نُقِلَ، إِلى قَبْره. وقيل: هو عَرشُ الله ارتَاحَ* برُوحِه حين رُفِعَ إِلى السَّمَاءِ. وقال ابن الأَثير: أَي ارتاحَ بصُعُوده⁣(⁣٦) حين صُعِدَ به، واسْتَبْشَرَ لكَرَامَته على رَبِّه، وكُلُّ مَنْ خَفَّ لأَمْرٍ وارْتَاحَ له فقد اهْتَزَّ له، وقيل: أَرادَ: فَرحَ أَهْلُ العَرْشِ بمَوْته. والله أَعْلَمُ بما أَراد.


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: مرتكض، قال في اللسان: مرتكض مضطرب، والمجم موضع جموم الماء أي توفره واجتماعه. كذا في اللسان».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: مؤوبة أي ريح تأتي ليلاً، كذا في اللسان».

(٣) في التهذيب: «الهزهزة والهزاهز» واقتصر في اللسان على الهزهزة.

(٤) في التهذيب واللسان «للناس».

(٥) ديوانه ص ٤٨ وانظر تخريجه فيه.

(*) قبلها بالقاموس: «أي».

(٦) في غريب الهروي: بروحه.