تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خوس]:

صفحة 273 - الجزء 8

  قالَ الصَّيْداوِيُّ: سأَلْتُ الرِّيَاشِيَّ عن الخِيسَةِ، فقال: الأَجَمَةُ، وأَنْشَدَ:

  لِحَاهُمُ كأَنَّهَا أَخْيَاسُ

  والخِيسُ: اللَّبَنُ. عُرِضَ ذلك على الرِّياشِيِّ - في معنى دُعَاءِ العَربِ الآتي قريباً - فأَقرَّ بِهِ عنهم، قال: إِلاَّ أَنَّ الأَصْمَعِيَّ لم يَعْرِفْه.

  والخِيسُ: الدَّرُّ. يُقالُ: أَقلَّ الله خِيسَهُ، أَي دَرَّه. رواه عَمْرٌو، عن أَبيه هكذا، ونَقَلَه الأَزْهَريُّ.

  والخِيسُ: ع باليَمَامَة به أَجَمَةٌ.

  والخَيْسُ، بالفَتْح: الغَمُّ، ومنه يُقالُ للصَّبيِّ: ما أَظْرَفَهُ، قَلَّ خَيْسُه، أَي غَمُّهُ. وقال ثَعْلَب: معنَى قَلَّ خَيْسُه: قَلَّتْ حَرَكَتهُ. قال: لَيسَتْ بالعَالِيَةِ.

  وأَجْحَفَ الصّاغَانِيُّ في نَقْلِه، فقال: «وزعَم ناسٌ أَنَّ العَرَبَ تَقُول في الدُّعاءِ للإِنْسَان: قَلَّ خَيْسُه، بالفَتْح، ما أَظْرَفَهُ. أَي قَلَّ غَمُّه، ولَيسَتْ بالعَالِيَة»⁣(⁣١). وإِنَّمَا الَّتِي لَيْسَت بالعاليَةِ: الخَيْسُ بمَعْنَى الحَرَكةِ، فتأَمَّلْ.

  والخَيْسُ: الخَطَأُ، يقال: قَلَّ خَيْسُهُ، أَي قَلَّ خَطَأُهُ، رواه أَبُو سَعِيدٍ، وضَبَطَه الصّاغَانيُّ بالكَسرِ⁣(⁣٢).

  والخَيْسُ: الضَّلَالُ. ومنه قولُهُم: خاسَ خَيْسُكَ، أَي ضَلَّ ضَلَالُك، عن ابن عَبّادٍ.

  وخَيْسٌ: ع بالحَوْفِ الغَرْبِيِّ بمِصْرَ، ويُكْسَر، قالهُ الصّاغانِيُّ، وزاد: إِليها تُنْسَبُ البَقَرُ الخَيْسِيَّةُ.

  قلتُ: البَلد الذي يُنْسَب إِليه البَقَرُ الجِيَادُ هو من بُلدَانِ صَعِيدِ مصر، وليس من كُورَ⁣(⁣٣) الحَوْفِ الغَرْبِيِّ، وهو من فُتُوحِ خَارِجةَ بن حُذَافَةَ، فتأَمَّلْ. ولعَلَّ منه مُحَمَّدَ بن أَيُّوبَ بنِ الخَيْسيِّ، بالفتح، الذَّهَبِيَّ المُحَدِّث رَوَى عن ابنِ عَبْدِ الدّائمِ، وعنه الحَافِظُ الذَّهَبِيّ.

  والخَيْسُ: الكَذِبُ. ومنه يُقال: أَقْلِلْ⁣(⁣٤) من خَيْسِكَ، أَي كَذِبِكَ. وضبَطَه الصّاغانِيُّ بالكسْرِ. وقد خاسَ بالعَهْدِ يَخِيسُ خَيْساً وخَيَسَاناً، الأَخيرَةُ بالتَّحْرِيكِ، وكذلك يَخُوسُ خوْساً، كما صَرَّح به الجَوْهَرِيّ، إِذا غَدَرَ به ونَكَثَ، وفي الحديث: «لا أَخِيسُ بالْعَهْدِ» أَي لا أَنْقُضُه.

  وزادَ اللَّيْثُ: وخاسَ بوَعْدِه: أَخْلَفَ. وكُلُّ ذلك مَجَازٌ.

  وخاسَ فُلانٌ: لَزِمَ مَوْضِعَه، يَقُولُون: دَعْ فُلاناً يَخِيسُ، معناه: دَعْهُ يَلْزَم مَوْضِعَه الذي يُلازِمُه. قاله أَبو بَكْرٍ.

  وخاسَتِ الجِيفَةُ تَخِيسُ خَيْساً: أَرْوَحَتْ ونَتَنَتْ وتَغَيَّرتْ.

  ويُقال: هُو في عِيصٍ أَخْيَسَ، أَو عَدَدٍ أَخْيَسَ، أَي كثيرِ العَدَدِ، قال جَنْدَلُ:

  وإِنَّ عِيصِي عِيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ ... أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفَاةٌ عِرْمِسُ

  ويُقال: إِنْ فَعَلَ فُلانٌ كَذا فإِنَّه يُخَاسُ أَنْفُه، أَي⁣(⁣٥) يُرْغَمُ ويُذَلُّ.

  وخَيَّسُه تَخْيِيساً: ذَلَّلَهُ. وكذلك: خاسَه: يقال: خاسَ الرَّجُلَ والدَّابَّةَ، وخَيَّسَهُمَا. وخاسَ هو: ذَلَّ، لازِم مُتعَدٍّ.

  وهذا قد أَهمله المصنِّفُ، قُصُوراً. وفي الحديثِ: «أَنَّ رجُلاً سارَ مَعَه عَلى جَمَلٍ قدْ نَوَّقَهُ وخَيَّسَه»، أَي رَاضَهُ وذَلَّلَهُ بالرُّكُوبِ. وفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: «أَنَّه كَتَبَ إِلى الحُسَيْنِ بنِ عليٍّ ¤: «إِني لمْ أَكِسْك ولمْ أَخِسْك» أَي لم أُذِلَّك ولم أُهِنْك. وقِيل: لم أُخْلِفْكَ وَعْداً.

  والمُخَيَّسُ، كمُعَظَّمٍ ومُحَدِّثٍ: السِّجْنُ لأَنَّهُ يُخَيَّسُ فيه المَحْبُوسُ، وهو مَوْضِعُ التَّذْلِيلِ. نَقَلَهُ ابنُ سيدَه. قال الفَرَزْدَقُ:

  فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ دَاخِرٌ في مُخَيَّسٍ ... وَمُنْجَحِرٌ في غَيْرِ أَرْضِكَ في جُحْرِ⁣(⁣٦)

  وقيلَ: سُمِّيَ السِّجْنُ مُخَيَّساً؛ لأَنّ الناسَ يُلْزَمُون نُزُولَه.

  وقال. بعضٌ: كمُعَظَّمٍ: مَوْضِعُ التَّخْيِيسِ وكمُحَدِّثٍ: فاعِلُه.

  ومنه سُمِّيَ سِجْنٌ كان بالعِراقِ للحَجَّاجِ، وقيلَ: بالكُوفَةِ، بَنَاهُ أَميرُ المُؤمنينَ عليٌّ ¥، وكان أَوَّلاً


(١) وهي عبارة التهذيب، نقلها عن الليث.

(٢) وضبطت بالقلم أيضاً في التهذيب بالكسر.

(٣) عن معجم البلدان وبالأصل «كوة».

(٤) عن التكملة وبالأصل «أقبل».

(٥) التهذيب: أي يُذل أنفه.

(٦) بالأصل: «ومنحجر ... في حجر» وما أثبت عن اللسان.