تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حأب]:

صفحة 392 - الجزء 1

  والمَحَبَّةُ، كالحِبَابِ بِمَعْنَى المُحَابَّة والمُوَادَّةِ والحُبِّ، قال أَبو ذُؤيب:

  فَقُلْتُ لِقَلْبِي يَا لَكَ الخَيْرُ إِنَّمَا ... يُدَلِّيكَ للخَيْرِ الجَدِيدِ حِبَابُهَا

  وقال صَخْرُ الغَيّ:

  إِنِّي بِدَهْمَاءَ عَزَّ مَا أَجِدُ ... عَاوَدَنِي مِنْ حِبَابِهَا الزُّؤُدُ⁣(⁣١)

  والحِبّ، بكَسْرِهِمَا حُكِيَ عن خَالِدِ بنِ نَضْلَةَ: مَا هَذَا الحِبُّ الطَّارِقُ. والمَحَبَّةِ، والحُبَابِ بالضّمِّ، قَالَ أَبُو عَطَاءٍ السِّنْدِيُّ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ:

  فَوَ اللهِ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَصَادِقٌ ... أَدَاءٌ عَرَانِي مِنْ حُبَابِكِ أَمْ سِحْرُ

  قال ابن بَرِّيّ: المَشْهُورُ عند الرُّوَاةِ مِنْ حِبَابِكِ، بكسر الحاءِ، وفيه وَجْهَانِ، أَحدُهما أَن يكون مصدرَ حَابَبْتُه مُحَابَّةً وحِبَاباً، والثاني أَنْ يَكُونَ جَمْعَ حُبٍّ، مثل عُشّ وعِشَاش، ورواهُ بعضُهُم: من جَنَابِكِ، بالجيم والنون، أَي من نَاحِيَتِك وقال أَبو زيد: أَحَبَّه اللهُ، وهو مُحِبٌّ بالكسْرِ، ومَحْبُوبٌ على غير قياسٍ هذَا الأَكثرُ قال: ومِثْلُهُ مَزْكُومٌ ومَحْزُونٌ ومَجْنُونٌ ومَكْزُوزٌ وَمَقْرُورٌ، ولذلك⁣(⁣٢) أَنهم يقولون: قَد فُعِلَ، بغير أَلِفٍ في هذا كله، ثم بُنِيَ⁣(⁣٣) مفْعُولٌ على فُعِلَ وإِلّا فلا وَجْهَ له، فإِذَا قالُوا: أَفْعَلَه اللهُ فهو كله بالأَلف، وحكى اللِّحْيَانِيُّ عن بني سُلَيْمٍ: ما أَحَبْتُ ذلكَ أَي ما أَحْبَبْتُ، كما قالوا: ظَنْتُ ذلك، أَي ظَنَنْتُ، ومثلُه ما حكاه سيبويه من قولهم: ظَلْتُ، وقال:

  فِي سَاعَةٍ يُحَبُّهَا الطَّعَامُ

  أَي يُحَبُّ فِيهَا وقد قِيلَ مُحَبٌّ بالفَتْح على القياسِ وهو قليلٌ قالَ الأَزهريُّ: وقد جاءَ المُحَبُّ شاذًّا في قولِ عنترةَ⁣(⁣٤):

  ولَقَدْ نَزَلْتِ فَلَا تَظُنِّي غَيْرَهُ ... مِنِّي بِمَنْزِلَةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ

  وحكى الأَزهريُّ عن الفراء قال: وحَبَبْتُه أَحِبُّه بالكَسْر ( *) لُغَةٌ حُبًّا بالضَّمِّ والكَسْرِ فهو مَحْبُوبٌ، قال الجوهريّ: وهو شَاذٌّ لأَنَّهُ لا يَأْتِي في المضاعف يَفْعِلُ بالكَسْرِ إِلّا ويَشْرُكُه⁣(⁣٥) يَفْعُلُ بالضَّمِّ إِذا كان مُتَعَدِّياً، ما خَلا هذَا الحَرْفَ، وكَرِهَ بعضُهُمْ حَبَبْتُه وأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا البيتُ لِفَصِيح، وهو قولُ غَيْلَانَ بنِ شُجَاعٍ النَّهْشَلِيِّ:

  أَحِبُّ أَبَا مَرْوَانَ مِنْ أَجْلِ تَمْرِهِ ... وأَعْلَمُ أَنَّ الجَارَ بالجَارِ أَرْفَقُ

  فَأُقْسِمُ لَوْ لَا تَمْرُهُ مَا حَبَبْتُهُ ... وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ

  وكان أَبو العباس المبرِّدُ يَرْوِي هذا الشِّعْرَ:

  وَكَانَ عِيَاضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ.

  وعَلَى هذه الرِّوَاية لا يكون فيه إِقْوَاءٌ. وحكى سيبويهِ:

  حَبَبْتُهُ وأَحْبَبْتُه بِمَعْنًى واسْتَحْبَبْتُه كَأَحْبَبْتُهُ، والاسْتحْبَابُ كالاستِحْسَانِ.

  والحَبِيبُ والحُبَابُ بالضَّمِّ، وكَذَا الحِبّ بالكَسْرِ، والحُبَّةُ بالضَّمِّ مع الهاء كُلُّ ذلك بمعنى المَحْبُوب، وهي أَي المَحْبُوبَةُ بهاء، وتَحَبَّب إِليه: تَوَدَّدَ، وامرأَةٌ مُحِبَّةَ لزَوْجِهَا، ومُحِبٌّ أَيضاً، عن الفراء، وعن الأَزهريّ: حُبَّ الشَّيءُ فهو مَحْبُوبٌ ثم لا تَقُلْ⁣(⁣٦): حَبَبْتَهُ، كما قالوا جُنَّ فهو مَجْنُونٌ، ثم يقولون: أَجَنَّه اللهُ، والحِبُّ بالكَسْرِ: الحَبِيبُ، مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ، وكان زيدُ بنُ حارِثَةَ يُدْعَى حِبَّ رَسُولِ اللهِ ÷، والأُنْثَى بالهاء، وفي الحديث «ومَنْ يَجْتِرِئُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رسولِ الله ÷» أَي مَحْبُوبُهُ، وكان ÷ يُحِبُّه كَثِيراً، وفي حديث فاطمةَ ^ قالَ لَهَا رسولُ الله ÷ [عَنْ عائشة]⁣(⁣٧) «إِنَّهَا حِبَّةُ أَبِيكِ» الحِبُّ بالكسر: المَحْبُوبُ والأُنْثَى: حِبَّةٌ وجَمْعُ الحِبِّ بالكسر أَحْبَابٌ وحِبَّانٌ بالكسر وحُبُوبٌ وحِبَبَةٌ⁣(⁣٨) بالكسر مُحَرَّكَةً، وحُبٌّ بالضم وهذه الأَخيرةُ إِما أَنها جَمْعٌ عَزِيزٌ أَو أَنها اسمُ


(١) عن اللسان، وبالأصل: الرود.

(٢) في اللسان «وذلك» أصح.

(٣) اللسان يبني.

(٤) في اللسان: شاذّاً في الشعر؛ قال عنترة:

(*) في القاموس: بالكسرِ: [شَاذٌّ].

(٥) ضبطت في الطبعة الكويتية: «ويَشْرَكُه» خطأ.

(٦) في اللسان: ثم لا يقولون.

(٧) زيادة عن النهاية.

(٨) ضبطت في القاموس: وحَبَبَةٌ.