[رذس]:
  وقال الفَرّاءُ: أَخَذَتْه الحُمَّى بِرَسٍّ، إِذا ثَبَتَتْ في عِظَامِه.
  والرَّسُّ: البِئْرُ المَطْوِيَّةُ بالحِجَارَةِ، وقيل: هي القَدِيمَةُ، سواءٌ طُوِيَتْ أَم لا، ومنه في الأَسَاس: وَقَعَ في الرَّسِّ، أَي بِئْرٍ لم تُطْوَ، والجَمْعُ: رِسَاسٌ. قالَ النّابِغَةُ الجَعْدِيُّ:
  تَنابِلَةً يَحْفِرُونَ الرِّسَاسَا(١)
  والرَّسُّ: بِئْرٌ لثَمُودَ، وفي الصّحاح: كَانَتْ لِبَقِيَّةٍ مِنْ ثَمُودَ، ومنه قَولُه تَعَالَى: {وَأَصْحابَ} الرَّسِّ(٢) وقالَ الزَّجَّاجُ: يُرْوَى أَنَّ الرَّسَّ: دِيارٌ لطائفةٍ مِنْ ثَمُودَ، قال: ويُرْوَى أَنّ الرَّسَّ قَرْيَةٌ باليَمَامَةِ يقال لهَا: فَلْجٌ. ويُرْوَى أَنَّهُمْ كذَّبُوا نَبِيَّهُمْ ورَسُّوهُ فِي بِئْرٍ، أَي دَسُّوه فِيهَا حتَّى ماتَ.
  والرَّسُّ: الإِصْلاحُ بَيْنَ الناسِ، والإِفْسَادُ أَيْضاً، وقد رَسَسْتُ بَيْنَهُم، وهو ضِدٌّ، قال ابنُ فارِسٍ: وأَيّ ذلِكَ كانَ فإِنَّه إِثْبَاتُ عَدَاوَةٍ أَو مَوَدَّةٍ.
  والرَّسُّ: وَادٍ بِأَذْرَبِيجَانَ، يُقَال: كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ مَدِينَةٍ.
  والرَّسُّ: الحَفْرُ، وقد رَسَسْتُ؛ أَي حَفَرْتُ بِئْراً.
  والرَّسُّ: الدَّسُّ وقَد دَسَّهُ في دَسٍّ أَي دَسَّهُ في بِئرٍ.
  ومنه سُمِّيَ دَفْنُ المَيِّتِ في القَبْرِ: رَسًّا، وقد رَسَّ المَيِّتَ، أَي قَبَرَهُ.
  والرَّسُّ في القَوَافِي: حَرَكَةُ الحَرْفِ(٣) الذِي بَعْدَ أَلفِ التَّأْسِيسِ، نحو حَرَكَةِ عينِ فاعِل في القَافِيَةِ، كيْفَما تحرَّكَتْ حَرَكَتُهَا جازَتْ، وكانَ رَسًّا للأَلِفِ، قالَهُ اللَّيْثُ، أَو الرَّسُّ: حَذْفُ الحَرْفِ الذي قَبْلَه، أَو هو فَتْحَةُ الحَرْفِ الذِي قَبْلَ حَرْفِ التَّأْسِيسِ، وقد ذَكَرَها الخَلِيلُ والأَخْفَشُ، وكان الجَرْمِيُّ(٤) يقول: لا حَاجَةَ إِلى ذِكْرِ الرَّسِّ؛ لأَنَّ ما قَبْلَ الأَلِفِ لا يَكُونُ إِلاّ مَفْتُوحاً، وهذا قولٌ حَسَنٌ، إِذْ كانُوا إِنّمَا أَوْقَعُوا التَّشْبِيهَ على ما تَلْزَمُ إِعادَتُه، فإِذا فُقِدَ أَخَلَّ، وهذِه حَرَكَةٌ لا يَجُوزُ عنْدَهُمْ أَنْ تكونَ غيرَ الفتحةِ، فلا حاجةَ إِلى ذِكْرِها فيما يَلْزَم.
  والرَّسُّ: تَعَرُّفُ أُمُورِ القَوْمِ وخَبَرِهِمْ، يُقَال: رَسَّ فُلانٌ خَبَرَ القَوْمِ، إِذا لَقِيَهُم وتَعَرَّف أُمُورَهُم، ومِنْ ذلِكَ قَولُ الحَجَّاجِ للنُّعْمَانِ بنِ زُرْعَةَ: «أَمِنْ أَهْلِ الرَّسِّ والنَّسِّ والرَّهْمَسَةِ والبَرْجَمَةِ، أَو مِنْ أَهْلِ النَّجْوَى والشَّكْوَى، أَو مِنْ أَهْل المَحَاشِدِ والمَخَاطِبِ والمَرَاتِبِ»؟. وأَهْلُ الرَّسِّ: هم الَّذِينَ يَبْتَدِئُون الكَذِبَ ويُوقِعُونَه في أَفْوَاهِ النّاسِ. وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: هو مِنْ: رَسَّ بَيْنَ القَوْمِ، أَي أَفْسَدَ، لأَنَّه إِثْبَاتٌ للعَدَاوَةِ. وقالَ غيرُه: هو مِنْ: رَسَّ الحَدِيثَ في نَفْسِه، إِذا حَدَّثَهَا بهِ، وأَثْبَتَهُ فِيهَا.
  والرَّسُّ لُغَةٌ في الرَّزِّ، بالزّاي، وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه.
  وأَبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ إِبراهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ تَرْجُمَانِ الدِّين أَبِي مُحَمَّدٍ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبرَاهِيمَ بنِ الحَسَنِ المُثَنَّى الرَّسِّيُّ، من العَلَوِيِّينَ، بل هو نَقِيبُ الطّالِبِيِّينَ بمِصْرَ، وتَرْجَمَه الذَّهَبِيُّ في التَّارِيخِ، قالَ فيه: عن ابنِ يونُسَ، وهو يَرْوِي عن آبائِه. تُوُفِّيَ بمِصْرَ في شعْبَانَ سنة ٣١٥.
  قلتُ: وكان وَالدُه رَئِيساً مُمَدَّحاً، وجَدُّه أَبو محَمَّدٍ أَوَّل من عُرِفَ بالرَّسِّيِّ؛ لأَنَّه كانَ يَنْزِلُ جَبَلَ الرَّسِّ، وكانَ عَفِيفاً زاهِداً وَرِعاً، وله تَصَانِيفُ. وهو جِمَاعُ بَنِي حَمْزَةَ وبَنِي الهادِي وبَنِي القاسِم. وأَعْقَبَ مُحَمَّدٌ هذا سادَةً نُجَبَاءَ، تقدَّموا بمِصْرَ، منهم: القَاسمُ، وعِيسَى، وجَعْفَرٌ، وعليٌّ، وإِسماعِيلُ، ويَحْيَى، وأَحْمَدُ. الأَخِيرُ، يكْنَى أَبا القَاسِمِ، تَرْجَمَه الذَّهَبِيُّ في التارِيخ، وتَوَلَّى النِّقَابَةَ بمِصْرَ، وله شِعْرٌ جَيِّدٌ في الغَزَلِ والزُّهْدِ، وله البَيْتَانِ المَشْهوران:
  خَلِيلَيَّ إِنِّي لِلثُّرَيَّا لَحَاسِدُ(٥)
  إِلى آخِرِه، ومِنْ وَلِدِه أَبو إِسْمَاعِيلَ إِبراهِيمُ بنُ أَحمدَ، نقيبُ الأَشراف بمِصْرَ في أَيَّام العَزِيز، تُوُفِّي بها سنة ٣٦٥، وولداه الحسينُ وعليٌّ، تَوَلَّيَا النِّقَابَةَ بَعْدَ أَبيهما، وقد أَوْرَدْتُ نَسَبَهم وأَنْسَابَ بَنِي عَمِّهم مَبْسوطاً في المُشَجَّرَات.
(١) ديوانه وصدره:
سبقت إلى فَرَطٍ ناهلٍ
(٢) سورة الفرقان الآية ٣٨.
(٣) في اللسان: «صرف الحرف» وفي التهذيب: «الحرفُ الذي» باسقاط لفظتي «حركة» أو «صرف».
(٤) عن اللسان، وبالأصل «الحريري».
(٥) البيتان في يتيمة الدهر ١/ ٤٩٨ وروايتهما مع ثالث:
خليلي إني للثريا لحاسد ... وإني على صرف الزمان لواجدُ
أيبقى جميعاً شملها وهي سبعة ... وأفقد من أحببته وهو واحدُ؟
كذلك من لم تخترمه منيةُ ... يرى عجباً فيما يرى ويشاهدُ