فصل الحاء المهملة
  العَرَبِ فهو حَبِيبٌ بالفَتْحِ إِلّا الذي في ثَقِيفٍ وفي تَغْلِب وفي مُرَادٍ، ذَكَره الهَمْدَانيُّ.
  وحُبَيْبٌ كزُبَيْر بنُ النُّعْمَان، تَابِعِيّ عن أَنَسٍ، لَهُ مَنَاكِيرُ وهُوَ غَيْرُ حُبَيْب بنِ النُّعْمَانِ الأَسَدِيِّ الذي رَوَى عن خُرَيْمِ(١) بن فَاتِكٍ الأَسَدِيِّ، فإِنَّ ذَاكَ بالفَتْحِ وهو ثِقَةٌ.
  وقَالُوا حَبَّ بِفُلَانٍ أَي مَا أَحَبَّهُ إِلَيَّ، قَالَهُ الأَصمعيُّ، وقال أَبو عبيدٍ: مَعْنَاهُ حَبُبَ بِفُلَانٍ بضَمِّ البَاءِ ثم سُكِّنَ وأُدْغِمَ في الثانيةِ، ومثلُه قال الفراءُ، وأَنشد:
  وزَادَهُ كَلَفاً فِي الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ ... وَحَبَّ شَيْئاً إِلى الإِنْسَانِ ما مُنِعَا
  قال: ومَوْضِعُ «مَا» رَفْعٌ، أَرَادَ حَبُبَ، فأَدْغَمَ، وأَنْشَدَ شَمِرٌ:
  وَلَحَبَّ بِالطَّيْفِ المُلِمِّ خَيَالا
  أَي مَا أَحَبَّه إِلَيَّ، أَيْ أَحْبِبْ بِهِ.
  وحَبُبْتُ إِلَيْهِ، كَكَرُمَ: صِرْتُ حَبِيباً لَهُ، ولا نَظِيرَ له إِلَّا شَرُرْتُ، مِنَ الشَّرِّ وما حَكَاه سيبويه عن يُونُسَ من قولهم لَبُبْتُ مِنَ اللُّبِّ وتقول: مَا كُنْتَ حَبِيباً ولَقَدْ حَبِبْتَ، بالكَسْرِ، أَي صِرْتَ حَبِيباً.
  وحَبَّذَا الأَمْرُ، أَيْ هُوَ حَبيبٌ قال سيبويه: جُعِلَ حَبَّ وذَا أَي مَعَ ذَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ أَي بِمَنْزِلَتِهِ وهُوَ عِنْدَه اسْمٌ وما بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ بِه ولَزِمَ ذَا حَبَّ وجَرَى كالمثَلِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ في المُؤَنَّثِ حَبَّذَا لَا يقولونَ حَبَّذِهْ بكسر الذالِ المعجمة، ومنه قولُهم: حَبَّذَا زَيْدٌ، فَحَبَّ فِعْلٌ مَاضٍ لَا يَتَصَرَّفُ، وأَصْلُهُ حَبُبَ، عَلَى ما قَالَهُ الفرّاءُ، وذَا فَاعلُهُ، وهو اسْمٌ مُبْهَمٌ من أَسْمَاءِ الإِشَارَةِ، جُعِلَا شَيئاً واحداً فصارَا(٢) بِمَنْزِلَةِ اسم يَرْفَعُ(٣) ما بَعْدَه، وموضِعُه رَفْعٌ بالابْتِدَاءِ وزيدٌ خَبَرُه ولا يجوز أَن يكونَ بَدَلاً مِنْ ذَا، لأَنَّكَ تقولُ: حَبَّذَا امْرَأَةٌ، ولو كان بَدَلاً لقلتَ حَبَّذِهِ المَرْأَةُ، قال جرير:
  يَا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ بَلَدٍ ... وَحَبَّذَا سَاكِنُ الرَّيَّانِ مَنْ كَانَا
  وحَبَّذَا نَفَحَاتٌ مِنْ يَمَانِيَةٍ ... تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحْيَانَا
  وقال الأَزهريّ: وأَمّا قولُهم: حَبَّذَا كَذَا وكَذَا فهُوَ حَرْفُ مَعْنًى أُلِّفَ مِنْ حَبَّ وَذَا، يُقَالُ: حَبَّذَا الإِمَارَةُ، والأَصْلُ: حَبُبَ ذَا، فأُدْغِمَتْ إِحْدَى البَاءَيْنِ في الأُخْرَى وشُدِّدَتْ(٤)، وذَا إِشَارةٌ إِلى ما يَقْرُبُ مِنْك، وأَنشد:
  حَبَّذَا رَجْعُهَا يَدَيْهَا إِلَيْهَا ... فِي يَدَيْ دِرْعِهَا تَحُلُّ الإِزَارَا
  كأَنَّه قال: حَبُبَ ذَا، ثُمَّ تَرْجَمَ عن ذَا فقال: هو رَجْعُهَا يَدَيْهَا إِلَى حَلِّ تِكَّتِهَا، أَي مَا أَحَبَّه، وقال ابنُ كَيْسَانَ: حَبَّذَا كَلِمَتَانِ جُمِعَتَا(٥) شيئاً واحداً ولم تُغَيَّرَا في تَثْنِيَةٍ وَلا جَمْعٍ ولا تَأْنِيثٍ، ورُفعَ بها الاسم، تَقُولُ: حَبَّذَا زَيْدٌ، وحَبَّذَا الزَّيْدَانِ، وحَبَّذَا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذَا هِنْدٌ وحَبَّذَا أَنْتَ وأَنْتُمَا وأَنْتُم، يُبْتَدَأُ بها، وإِن قُلْتَ: زَيْدٌ حَبَّذَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وهي قَبِيحَةٌ(٦)، وإِنَّمَا لَمْ يُثَنَّ ولَمْ يُجْمَعْ ولَمْ يُؤَنَّثْ(٧)، لأَنَّك إِنَّمَا أَجْرَيْتَهَا على ذِكْرِ شيءٍ سَمِعْتَهُ(٨) فكأَنَّكَ قُلْتَ حَبَّذَا الذِّكْرُ ذِكْرُ زَيْدٍ، فصارَ زَيْدٌ مَوْضِعَ ذِكْره(٩) مُشَاراً إِلى الذِّكْرِ به(٩)، كذا في كتب النحو وحَبَّ إِليَّ هَذَا الشَّيْءُ يَحَبُّ حُبًّا قال ساعِدَةُ:
  هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وَعَدَتْ عَوَاد دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
  وأَنشد الأَزهريّ:
  دَعَانَا فَسَمَّانَا الشِّعَارَ مُقَدِّماً ... وحَبَّ إِلينا أَن يكونَ المُقَدَّما
  ويقال: أَحْبِبْ إِلَيَّ بِه، وروى الجوهريّ في قول سَاعِدَةَ: وحُبَّ، بالضمِّ، قال: إِراد حَبُب فأَدْغَمَ ونَقَلَ
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «وقع في المتن المطبوعة حزيم بالحاء ووقع في متن الشارح المطبوع خزيم بالمعجمتين كلاهما تصحيف قال المجد في مادة خرم وكزبير بن فاتك بن الأخرم البدري اه».
(٢) عن اللسان، وبالأصل «فصار».
(٣) في اللسان: يُرْفَعُ.
(٤) عن اللسان، وبالأصل «وشددتا».
(٥) اللسان: جعلتا.
(٦) زيد في اللسان: لأن حبذا كلمة مدح يبتدأ بها لأنها جواب.
(٧) عبارة اللسان أصح: لم تثن ولم تجمع ولم تؤنث.
(٨) عن اللسان، وبالأصل «سمعت».
(٩) في اللسان: موضع ذكره، وصار ذا مشاراً إلى الذكرية.