تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع السين

صفحة 479 - الجزء 8

  البِقَاعِيُّ هُنَاك سنة ٨٤٩، فكتَب عنه شِعْراً، ولكنَّه ضَبطَه بالتَّشْديدِ.

  والإِمْلِيسُ، بالكَسْر، والإِمْلِيسَةُ، بهاءٍ، وهذه عن ابن عَبّاد: الفَلَاةُ ليس بهَا نَبَاتٌ، ج، أَمَالِيسُ، وأَمَالِسُ شاذٌّ، حُذِفَت ياؤُه لضرورة الشِّعْر في قول ذي الرُّمَّة:

  أَقولُ لِعَجْلَى بَيْنَ يَمٍّ ودَاحِسٍ ... أَجِدِّي فَقَدْ أَقْوَتْ عَلَيْكِ الأَمَالِسُ

  وقال شَمِرٌ: الأَمَالِيسُ: الأَرْضُ الَّتِي لَيْسَ بها شَجَرٌ ولا يَبِيسٌ ولا كَلأٌ ولا نَبَاتٌ، لا يَكُونُ فيها وَحْشٌ، والواحِدُ: إِمْلِيسٌ، وكأَنَّهُ إِفْعِيلٌ مِن المَلَامَسَةِ، أَي أَنَّ الأَرْضَ مَلْسَاءُ لا شَيْءَ بها، وقال أَبُو زُبَيْدٍ، فسَمَّاها مَلِيساً:

  فإِيّاكُمْ وهذا العِرْقَ واسْمُوا ... لِمَوْمَاةٍ مَآخِذُهَا مَلِيسُ

  وقيل: الأَمَالِيسُ: جَمْعُ أَمْلَاس، وأَمْلاسٌ: جَمْع مَلَسٍ، محرَّكَةً، وهو المكانُ المسْتَوِي لا نَبَاتَ به، قال الحُطَيْئَةُ.

  وإِنْ لمْ يَكُنْ إِلاّ الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ ... لَهَا حُلَّقٌ ضَرَّاتُهَا شَكِرَاتِ⁣(⁣١)

  والكَثِيرُ: مُلُوسٌ، وأَرْضٌ مَلَسٌ ومَلَسَى ومَلْسَاءُ وإِمْلِيسٌ: لا تُنْبِتُ، [وسَنَةٌ مَلْسَاءُ]⁣(⁣٢) والجَمْعُ أَمَالِسُ وأَمالِيسُ، على غَيْر قياسٍ جَدْبَةٌ.

  والرُّمّانُ الإِمْلِيسُ: الحُلْوُ الطَّيِّبُ الّذِي لا عَجَمَ له، وكذا الإِمْلِيسِيُّ، كأَنه مَنْسُوبٌ إِليهِ أَي إِلى الإِمْلِيسِ، بمَعْنَى الفلاةِ، بِحَسَبِ المَعْنَى التَشْبِيهِيِّ، من حَيْثُ إِنّ الرُّمَّانَ بِلا نَوَاةٍ، كالفَلَاةِ بلا نَباتٍ، حَقَّقَه شَيْخُنَا.

  قلتُ: وأَصْلُ العِبَارَةِ فِي التَّهْذِيبِ: ورُمَّانٌ إِمْلِيسٌ وإِمْلِيسِيُّ: حُلْوٌ طَيِّبٌ لا عَجَمَ فيه، كأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِليه.

  فالضَّمِيرُ راجِعٌ إِلى إِمْلِيس، بهذا المَعْنَى، وُصِفَ به الرُّمَّانُ، وهو إِفْعِيلٌ مِن المَلَاسَةِ، بمَعْنَى النُّعُومَةِ، لا بمَعْنى الفَلَاة، كما نَقَلَه شيخُنَا، ولكنَّ المُصَنِّف لَمّا قَصَّر في النَّقْل أَوقَع الشُّرَّاحَ في حَيْرةٍ، مع أَنه فاتَه أَيضاً ما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن اللَّيْث: رُمَّانٌ مَلِيسٌ وإِمْلِيسٌ: أَطْيَبُه وأَحْلَاه، وهو الذي لا عَجَمَ له، فتأَمَّلْ.

  والمَلاَّسَةُ، كجَبَّانَةٍ: الخَشَبَةُ الّتِي تُسَوَّى بِهَا الأَرْضُ، يُقَال: مَلَّسْتُ الأَرْضَ تَمْلِيساً، إِذا أَجْرَيْتَ عليها المِمْلقَةَ بَعْدَ إِثارتِهَا.

  ويقال: أَمْلَسَتْ شَاتُكَ يا فُلانُ، أَي سَقَطَ صُوفُهَا، عن ابنِ عَبّادِ.

  وامَّلَسَ من الأَمْر، عَلَى افْتَعَلَ وتَمَلَّسَ وامْلَاسَّ، كاحْمارَّ، وانْمَلَسَ، كلُّ ذلِك بمَعْنَى: أَفْلَتَ، ومَلَسَه غيرُه تَمْلِيساً.

  وقالَ ابنُ دُريْدٍ والزَّمَخْشَرِيُّ: امْتُلِس بَصَرُه، مَبْنِيًّا للمفْعُولِ، أَي اخْتُطفَ، وكذا اخْتُلِس⁣(⁣٣).

  وفي العُباب: التَّرْكِيبُ يَدُلُّ على تَجَرُّدٍ [في] شَيْءٍ، وأَلاّ يعْلَقَ به شَيْءٌ. وأَمَّا مَلَسُ الظَّلَامِ فمِنْ بابِ الإِبْدالِ، وأَصلُه الثاءُ.

  * ومِمّا يُسْتَدْركُ علَيْه:

  قَوْسٌ مَلْساءُ: لا شَقَّ فِيها؛ لأَنَّها إِذا لَمْ يَكُنْ فِيها شَقٌّ فهي مَلْسَاءُ.

  ورَجُلٌ مَلَسَى: لا يَثْبُتُ على العَهْدِ، كما لا يَثْبُت الأَمْلَسُ، وفي المَثَل «المَلَسَى لا عُهْدَةَ له» يُضْرَب للَّذِي لا يُوثَقُ بوَفائه وأَمانَتِه، قيلَ: الذِي أَرادَ به: ذو المَلَسَى، وهو مِثْلُ السَّلاّلِ والخَارِبِ يَسْرِقُ المَتَاعَ فيَبِيعُه بدُونِ ثَمنِه ويَتَمَلَّسُ⁣(⁣٤) من فَوْره فيَسْتَخْفِي، فإِنْ جَاءَ المُسْتَحقُّ ووَجدَ مالَه في يدِ الَّذِي اشْتَرَاه أَخَذَه وبَطَل الثَّمَنُ الَّذِي فازَ به اللِّصُّ، ولَا يَتَهَيَّأُ له أَنْ يَرْجِعَ بِه عليهِ، وقال الأَحْمَرُ: مِنْ أَمثَالِهِم في كراهَةِ المَعَايِبِ: «المَلَسَى لا عُهْدَةَ له» أَي أَنَّه خَرَجَ من الأَمْرِ سالِماً وانْقَضَى عنه، لا لَهُ ولا عَلَيْه، والأَصْلُ فِيه ما تَقَدَّم.

  ويُقَال: ضَرَبَه عَلَى مَلْسَاءِ مَتْنِه ومُلَيْسَائِه، أَي حَيْثُ اسْتَوَى وتَزَلَّقَ.


(١) روايته في التهذيب: إذا لم تكن ... محلقة ضراتها شكراتُ ضبطت القافية فيه بالرفع.

(٢) زيادة اقتضاها السياق عن اللسان.

(٣) الجمهرة ٣/ ٥١، وعبارة الأساس: واختُلِس بصرُهُ وامتُلس.

(٤) اللسان: ويُملَّس.