تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حوش]:

صفحة 99 - الجزء 9

  ابنِ فَارسٍ، ويُقَال: لا تَغْشَ الحُوَاشَةَ، وقال الشاعرُ:

  غَشِيتَ حُوَاشَةً وجَهِلْتَ حَقّاً ... وآثَرْتَ الغِوَايَةَ غَيْرَ رَاضِي

  والحَائِشُ: جَمَاعَةُ النَّخْلِ، لا وَاحِدَ لَهُ، كما قالُوا لِجَمَاعَةِ البَقَرِ: رَبْرَبٌ، قَالَ الأَخْطَلُ:

  وكَأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ حائِشُ قَرْيَةٍ ... دَانٍ جَنَاهُ طَيِّبُ الأَثْمَارِ

  نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، قالَ: وأَصْلُ الحَائشِ: المُجْتَمِع من الشَّجَرِ، نخْلاً كانَ أَو غَيْرَه، يقال حَائِشُ الطَّرْفاءِ، وقال شَمِرٌ: الحائِشُ: جَمَاعَةُ كُلِّ شَجَرٍ من الطَّرْفَاءِ والنَّخْلِ وغَيْرِهما.

  قُلتُ: وإِنّمَا سُمِّيَ الحائِشَ جَمَاعَةُ النَّخْلِ المُلْتَفِّ المُجْتَمِعِ، كَأَنَّه لِالْتِفافِه يَحُوشُ بَعْضُه إِلى بعْضٍ.

  وقال ابنُ جِنِّي: الحائشُ: اسْمٌ لا صِفَةٌ ولا هو جَارٍ عَلَى فِعْلٍ، فأَعَلُّوا عَيْنَه، وهِيَ في الأَصْل وَاوٌ من الحَوْشِ⁣(⁣١).

  والحِيشَةُ، بالكَسْرِ: الحُرْمَةُ والحِشْمَةُ، لأَنَّه مِمَّا يُسْتَحْيَا مِنْهَا، وأَصْلُهَا حِوْشةٌ، قُلِبت الواوُ ياءً لانْكِسارِ ما قَبْلَها.

  ويُقَال: حاشَ لله، أَيْ تَنْزيهاً لله، ولا تَقُل: حاشَ لَك، قِياساً عَلَيْه، بَلْ يُقَال: حَاشَاك، وحاشَى لَكَ، كَما في الصّحاح.

  ومن المَجَازِ الحُوشِيُّ، بالضَّمِّ: الغَامِضُ المُشْكِلُ من الكَلامِ، وغَرِيبُه ووَحْشِيُّهُ، ويُقَالُ: فلانٌ يَتَبَّعُ حُوشِيَّ الكَلامِ، وعُقْمِيَّ الكلامِ. بمَعْنًى وَاحِدٍ، وكانَ زُهَيْرٌ لا يَتَتَبَّعُ حُوشِيَّ الكَلامِ.

  ومن المَجازِ: الحُوشِيُّ: المُظْلِمُ الهَائِلُ من اللَّيالِي، قالَ العَجّاجُ:

  حتّى إِذا ما قَصَّر العشِيُّ ... عَنْهُ وقد قابلَهُ حُوشِيُّ

  أَيْ لَيْلٌ حُوشِيٌّ، أَي عظيمٌ⁣(⁣٢) هائلٌ.

  ومن المَجازِ: الحُوشِيّ: الوَحْشِيُّ من الإِبِلِ وغَيْرِها يُقَال: إِنَّه مَنْسُوبٌ إِلى الحُوشِ، بالضّمّ، وهُو بِلادُ الجِنِّ، منْ وراءِ رمْل يَبْرِينَ، لا يمُرُّ بها أَحَدٌ من الناسِ، وقِيلَ: هُمْ من بَنِي الجِنِّ، قال رُؤْبَةُ:

  إِلَيْكَ سَارَتْ من بِلَادِ الحُوشِ

  وقيل: الحُوشِيَّةُ: إِبِلُ الجِنِّ.

  وقيل: هي الإِبِلُ المُتَوَحِّشَةُ.

  أَو الحُوشِيَّةُ: منسوبةٌ إِلى الحُوشِ وهي فُحُولُ جِنَّ⁣(⁣٣)، تَزْعُم العَرَبُ أَنّهَا ضَرَبَتْ في نَعَم، بَنِي مَهْرَةَ بن حَيْدَانَ، فنَتَجَت النّجائبُ المَهْرِيَّةُ من تِلْك الفُحُولِ الوَحْشِيَّةِ فنُسِبَتْ إِلَيْهَا، فهيَ لا تكادُ يُدْرِكُهَا التَّعَب، ومثلُه قَوْلُ أَبي⁣(⁣٤) الهَيْثَمِ، قالَ: وذَكَرَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانِيّ: أَنّهُ رَأَى أَرْبَعَ فِقَرٍ عن مَهْرِيَّة عَظْماً وَاحِداً.

  وقِيلَ: إِبِلٌ حُوشِيَّةٌ: مُحَرَّماتٌ، بعِزَّةِ⁣(⁣٥) نُفُوسِهَا.

  ومن المَجَاز: رَجُلٌ حُوشُ الفُؤادِ، أَيْ حَدِيدُه وذَكِيُّهُ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ:

  فأَتَتْ بهِ حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً ... سُهُداً إِذا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ

  كَذا في الصّحاح.

  والمَحَاشُ: أَثاثُ البَيْتِ، وأَصْلُه الحَوْشُ. وهُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وضَمَّه.

  وقال اللَّيْثُ: المَحَاشُ كأَنَّه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ، وهم القَوْمُ اللَّفِيفُ الأُشَابَةُ، وأَنشد بيتَ النّابِغَةِ:

  جَمِّعْ مَحَاشَكَ يا يَزيدُ فإِنَّنِي ... أَعْددْتُ يَرْبُوعاً لكُمْ وتَمِيمَا

  أَو هُوَ بكَسْرِ المِيم، من مَحَشَتْهُ النّارُ، أَي أَحْرَقَتهُ، لا مِن الحَوْشِ، وسيأتي في «محش» أَنّهم يَتَحَالَفُونَ عندَ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قال: فإن قلت: فلعله جار على حاش جريان قائم على قام: قيل: لم ترهم أجروه صفة، ولا. أعملوه عمل الفعل، وإنما الحائش البستان بمنزلة الصور، وهي الجماعة من النخل، وبمنزلة الحديقة انظر بقيته في اللسان».

(٢) في التهذيب واللسان: مظلم، هائل.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «فحول الجنِّ».

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: ابن الهيثم.

(٥) التهذيب: لعزّة.