تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حشب]:

صفحة 424 - الجزء 1

  «مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فاحْتَسَبَهُ» أَي احْتَسَبَ الأَجْرَ بِصَبْرِه على مُصِيبَتِه، مَعْنَاهُ اعْتَدَّ مُصِيبَتَه به في جُمْلَةِ بَلَايَا اللهِ التي يُثَابُ على الصَّبْرِ عليها واحْتَسَبَ بكَذَا أَجْراً عندَ اللهِ: اعْتَدَّهُ، يَنْوِي به وَجْهَ اللهِ وفي الحَدِيث «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً واحْتِسَاباً» أَيْ طَلَباً لوَجْهِ الله تعالَى وثَوَابِه، وإِنما قيل لِمَنْ يَنْوِي بعَمَلِه وَجْهَ اللهِ: احْتسَبَهُ لِأَنَّ له حِينَئذ أَنْ يَعْتَدَّ عَمَلَه، فَجُعِلَ في حالِ مُبَاشَرَةِ الفِعْلِ كأَنَّه مُعْتَدٌّ بهِ. وفي لسان العرب: الاحْتِسَابُ في الأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ [و]⁣(⁣١) عند المَكْرُوهَاتِ: هو البِدَارُ إِلى طَلَبِ الأَجْرِ وتَحْصِيلِهِ بالتَّسْلِيمِ والصَّبْرِ، أَو باسْتِعْمَالِ أَنْوَاعِ البِرِّ والقِيَامِ بها على الوَجْهِ المَرْسُومِ فيها، طَلَباً للثَّوَابِ المَرْجُوّ منها، وفي حديث عُمَرَ «أَيهَا النَّاسُ احْتَسِبُوا أَعْمَالَكُمْ، فإِنَّ مَنِ احْتَسَبَ عمَلَهُ كُتِبَ له أَجْر عَمَلِهِ وأَجْرُ حِسْبَتِهِ». وفي الأَسَاس: ومنَ المَجَازِ: احْتَسَبَ فُلَاناً: اخْتَبَرَ وسَبَرَ ما عنْدَهُ، والنِّسَاءُ يَحْتَسِبْنَ ما عند الرِّجَالِ لهنَّ، أَي يَخْتَبِرْنَ، قاله ابنُ السّكِّيتِ.

  وزِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّابِي⁣(⁣٢)، بالفَتْحِ مُشَددّة من شُيوخِ النّبِيليّ، وأَبُو منْصُورٍ مَحْمُودُ بنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّيْرَفِيُّ الحِسَابِيُّ بالكَسْرِ مُخَفَّفَةً، مُحَدِّثَانِ الأَخِيرُ عن ابنِ فادشَاه وغيرِه.

  وإِبْرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوسُفَ الحُسبَانيّ الإِرْبِلِيُّ فَقِيهٌ مُحَدِّثٌ وُلِدَ سَنَةَ ٦٧٠ وتَوَلَّى قَضَاءَ حُسْبان وتُوُفِّيَ سَنَةَ ٧٥٥، كَذَا في طَبَقَاتِ الخيضري والحَافِظُ المُحَدِّثُ قَاضِي القُضَاةِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ بنِ الحُسْباني، ولد سنة ٧٤٩ وتوفِّي سنة ٨١٥ تَرْجَمَهُ ابن حُجيّ وابْنُ حَجَرٍ والخيضريّ.

  وقد سمت حَسِيباً وحُسَيْباً.

  وأَحْسَبَهُ الشَّيْءُ إِذا كَفَاهُ، ومنه اسْمُهُ تَعَالَى الحَسِيبُ، هو الكَافِي، فَعِيلٌ بمَعْنَى مُفْعِلٍ ويقال: أَحْسَبَنِي ما أَعْطَانِي، أَي كَفَانِي، قَالَتِ امْرَأَةٌ من بَنِي قُشَيْرٍ:

  ونُقْفِي وَلِيدَ الحَيِّ إِن كَانَ جَائِعاً ... ونُحْسِبُهُ إِنْ كَانَ لَيْسَ بِجَائِعِ

  أَي نُعْطِيهِ حتى يقول حَسْبِي، ونُقْفِيهِ نُؤْثِرُهُ بالقَفِيَّةِ والقَفَاوَةِ، وهِي مَا يُؤْثَرُ بِهِ الضَّيْفُ والصَّبِيُ، وتقول: أَعْطَى فَأَحْسَبَ، أَي أَكْثَرَ حتى قال حَسْبِي، وقال أَبو زَيْدٍ: أَحْسَبْتُ الرَّجُلُ أَعْطَيْتُه حتى قال حَسْبِي، والإِحْسَابُ: الإِكْفَاءُ، وقَالَ ثَعْلَب: أَحْسَبَهُ مِنْ كل شَيْءٍ: أَعْطَاهُ حَسْبَهُ وما كَفَاه، وإِبلٌ مُحْسِبَةٌ: لها لَحْمٌ وشَحْمٌ كَثِيرٌ، وأَنشَد:

  ومُحْسِبَةٌ قَدْ أَخْطَأَ الحَقُّ غيْرَهَا ... تَنَفَّسَ عَنْهَا حَيْنُها فَهْيَ كَالشَّوِي⁣(⁣٣)

  وقالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيى: سَأَلْتُ ابنَ الأَعْرَابيِّ عن قَوْلِ عُرْوَةَ بنِ الوَرْدِ:

  وَمُحْسِبَةٍ مَا أَخْطَأَ الحَقُّ غَيْرَهَا⁣(⁣٤)

  البَيْتَ، فقال: المُحْسِبَةُ بِمَعْنيَيْنِ: مِن الحَسَب وهو الشرفُ، ومِن الإِحْسَابِ وهو الكِفَايَة، أَيْ أَنَّهَا تُحْسِبُ بِلَبَنِهَا أَهْلَهَا والضَّيْفَ وحاصِلُه أَنَّهَا نُحِرَتْ هِي وسَلِمَ غَيْرُهَا. وقال بَعْضُهُمْ: لأُحْسِبَنَّكم مِن الأَسْوَدَيْنِ، يَعْنِي التَّمْرَ والمَاءَ، أَي لأَوَسِّعَنَّ عَلَيْكُم، وأَحْسَبَ الرَّجُلَ وحَسَّبَهُ: أَطْعَمَهُ وسَقَاهُ حتى شَبِعَ. وقدْ تَقَدَّمَ، وقيل: أَعْطَاهُ حتى⁣(⁣٥) أَرْضَاهُ، واحْتَسَبَ انْتهَى. واحْتَسَبْتُ عليه بالمَالِ، واحْتَسَبْتُ عنده اكْتَفَيْتُ، وفُلَانٌ لا يُحْتَسَبُ: لا يُعْتَدَّ به، ومن المَجَازِ: اسْتَعْطَانِي فَاحْتَسَبْتُهُ: أَكْثَرْتُ له، كذا في الأَساس. وفي شِعْرِ أَبِي ظَبْيَانَ الوَافِدِ على رَسُولِ اللهِ ÷:

  نحْنُ صِحَابُ الجَيْشِ يَوْمَ الأَحْسِبَهْ

  وهو يَوْمٌ كان بينهم بالسَّرَاةِ وسيأْتِي أَوَّلُ الأَبْيَاتِ في «ل هـ ب»

  [حشب]: الحَشِيبُ والحشب والحشيب بكسر أَوّلهما: الثَّوْبُ الغَلِيظ قَالَه أَبُو السَّمَيْدَعِ الأَعْرَابِيُّ.

  والحَوْشَبُ: الأَرْنَبُ الذَّكَرُ وقيل: هو العِجْلُ وهو وَلَدُ البَقَرِ، قال الشاعر:


(١) سقطت من الأصل، زدناه عن اللسان.

(٢) في تقريب التهذيب: زياد بن يحيى بن حسان، أبو الخطاب الحساني، النكري.

(٣) بالأصل: «فهو كالشوي» وأثبتنا ما في اللسان. والكاف زائدة وإنما أراد فهي شوي أي فريق مشوي أو منشوٍ، وفي الطبعة الكويتية ضبطت: كالشّوَى تحريف.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله محسبة ... لعل هذه رواية غير الأولى فليحرر».

(٥) اللسان: ما يرضيه.