تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ريش]

صفحة 128 - الجزء 9

  الَّذِي أَسَرَهُ جِذْلُ الطِّعَان⁣(⁣١)، فافْتَدَتْهُ مِنْهُ أُمُّه بأُخْتِه، رُهْمَ، فوَلَدَتْ فِيهِم.

  ورَاشَ السَّهْمَ يَرِيشُه رَيْشاً، بالفَتْح: أَلْزَقَ عَلَيْهِ الرِّيشَ، ورَكَّبَه عَلَيْه، كرَيَّشَهُ تَرْيِيشاً، فهُوَ سَهْمٌ مَرِيشٌ ومُرَيَّشٌ، قال لَبِيدٌ يَصِفُ السَّهْمَ:

  ولَئِنْ كَبِرْتُ لَقَدْ عَمِرْتُ كأَنَّنِي ... غُصْنٌ تُفَيِّئهُ الرِّيَاحُ رَطِيبُ

  وكَذاكَ حَقّاً مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِهِ ... كَرُّ الزَّمَانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ

  حَتَّى يَعُودَ من البَلاءِ كَأَنَّهُ ... في الكَفِّ أَفْوَقُ نَاصِلٌ مَعْصُوبُ

  مُرُطُ القِذَاذِ فَلَيْسَ فيهِ مَصْنَعٌ ... لا الرِّيشُ يَنْفَعُهُ ولا التَّعْقِيبُ

  هكذا أَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ البَيْتَ الأَخِيرَ، ونَسَبَه للَبِيدٍ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: لَمْ أَجِدْه في دِيوَانِه وإِنَّمَا هُو لِنافِعِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ، وقالَ الصّاغَانِيّ: نُوَيْفِعُ بنُ لَقِيطٍ، يَصِفُ الهَرَمَ والشَّيْبَ. ومُرُطُ القِذاذِ: لَمْ يَكُنْ عَليه الرِّيشُ⁣(⁣٢)، والتَّعْقِيبُ: شَدُّ الأَوْتَارِ عَلَيْهِ، والأَفْوَقُ: السَّهْمُ المَكْسُورُ الفُوقِ، والفُوقُ: مَوْضِعُ الوَتَرِ مِنَ السَّهْمِ، والنّاصِلُ: الَّذِي لا نَصْلَ فِيه، والمَعْصُوبُ: الَّذِي عُصِبَ بعِصَابَةٍ بَعْدَ انْكِسارِه.

  وراشَ يَرِيشُ رَيْشاً: جَمَعَ الرِّيشَ، وهُوَ المَال والأَثَاث.

  ورَاشَ الصَّدِيقَ يَرِيشُه رَيْشاً: أَطْعَمَه وسَقَاهُ، وكَسَاهُ ومِنْهُ حَدِيثُ عائِشَةَ، تَصِفُ أَباهَا، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْه: «يَفُكُّ عَانِيَهَا ويَرِيشٌ مُمْلِقَها»، أَي يَكْسُوه ويُعِينُه، وأَصْلُه من الرِّيشِ، كأَنَّ الفَقِيرَ المُمْلِقَ لا نُهُوضَ لَهُ كالمقصُوصِ مِنْهُ الجَنَاح، وكُلُّ مَنْ أَوْلَيْتَهُ خَيْراً فَقَدْ رِشْتَه، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «أَنَّ رَجُلاً رَاشَهُ الله مالاً»، أَيْ أَعْطَاه، وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ والنّسّابَةِ:

  الرّائِشينَ ولَيْسَ يُعْرَفُ رائِشٌ ... والقَائِلِين: هَلُمَّ للأَضْيَافِ⁣(⁣٣)

  ومِنَ المَجَاز: راشَ فُلاناً، إِذا قَوّاهُ وأَعانَه عَلَى مَعَاشِه، وأَصْلَحَ حالَه ونَفَعَه، قال سُوَيْدٌ الأَنْصَارِيّ⁣(⁣٤):

  فرِشْنِي بخَيْرٍ طَالَما قَدْ بَرَيْتَنِي ... وخَيْرُ المَوَالِي مَنْ يَرِيشُ ولا يَبْرِي

  وقَد وُجِدَ هذا المِصْراعُ الأَخِيرُ أَيْضاً في قَوْل الخَطِيمِ بنِ مُحْرِزٍ، أَحَدِ اللُّصُوص.

  والرّائِشُ، في قَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى الله تَعالَى عَلَيْهُ وسَلَّمَ: «لَعَنَ الله الرّاشِيَ والمُرْتَشِيَ والرّائِشَ»: السَّفِير بَيْنَ الرّاشِي والمُرْتَشِي لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمَا، وهُوَ مَجازٌ، كَأَنَّهُ يَرِيشُ هذا من مَالِ هذا.

  والرّائِشُ: السَّهْمُ ذُو الرِّيِشِ، ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ قالَ لِجَرِير بنِ عَبْدِ الله، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهما، وقَدْ جاءَ مِنَ الكُوفَةِ: «أَخْبِرْنِي عَنِ النّاسِ؟ فقالَ: هُمْ كسِهَامِ الجَعْبَةِ، مِنْهَا القَائِمُ الرّائِشُ» أَيْ ذُو الرِّيشِ إِشارَةً إِلى كَمالِه واسْتَقامَتِه، أَيْ فهُوَ كالماءِ الدّافِقِ، والعِيشَةِ الرّاضِيَةِ.

  ومن المَجَازِ: كَلَأُ رَيِّشٌ، كهَيِّنٍ وهَيْنٍ: كَثِيرُ الوَرَقِ كَذَا في النُّسَخ، والصَّوَابُ: إِذا كَثُرَ الوَرَقُ، وكَذلِكَ كَلَأٌ له رِيشٌ، كَمَا في التَّكْمِلَةِ⁣(⁣٥)، والَّذِي في اللِّسَانِ: فُلانٌ رَيِّشُ ورَيْشٌ، ولَهُ رِيشٌ، وذلِكَ إِذا كَبُرَ ورَفَّ، فتَأَمَّل.

  ورَيْشانُ بالفَتْح: حِصْنٌ باليَمَنِ، من عَمِلِ أَبْيَنَ، وجَبَلٌ آخَرُ مُطِلُّ على المَهْجَمِ، باليَمَنِ أَيْضاً.

  وقال نُصَيْرٌ: الرَّيْشُ مُحَرَّكَةً: الزَّبَبُ، وهُوَ كَثْرَةُ الشَّعَرِ في الأُذُنَيْنِ خاصَّةً، وقِيلَ: الوَجْهِ كَذلِكَ، ونَاقَةٌ رَيَاشٌ، كسَحَابٍ، قالَ: ويَعْتَرِي الأَزَبَّ النِّفَارُ وأَنْشَد:

  أَنْشُدُ من خَوَّارَةٍ رَيَاشِ ... أَخْطَأَهَا في الرَّعْلَةِ الغَوَاشِي

  ذُو شَمْلَةٍ تَعْثُرُ بالإِنْفاشِ⁣(⁣٦)

  وجَمَلٌ رَاشٌ وذُورَاشٍ: كَثِيرُ شَعرِ الوَجْهِ، هُنَا مَحَلُّ ذِكْرِه، وقد ذَكَرَه المُصَنّفُ أَيْضاً، في روش.


(١) بالأصل «جزل» وما أثبت عن المطبوعة الكويتية.

(٢) يقال: سهم مرط إذا لم يكن عليه قذذ، والقذاذ: ريش السهم، الواحدة قذة، عن اللسان.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: الرائشين، كذا بالنسخ والذي في النهاية واللسان: الرائشون».

(٤) في اللسان: قال الشاعر: عمير بن حَبّاب.

(٥) الذي في التكملة والتهذيب: إذا كثُر ورقٌ.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «وقوله: الغواشي، كذا في اللسان، والذي في التكملة: العواشي، بالعين المهملة. وقوله: «تعثر، الذي فيها أيضاً: تغترّ، فحرره».